الحلقة الثانية والعشرون ..الدورة الثالثة والعشرون ـ 1984 لوس أنجلوس والعودة إلى أميركا

> قطر «الأيام الرياضي» عن (الجزيرة الرياضية):

>
استضافت مدينة لوس أنجليس الأميركية النسخة الثالثة والعشرين من الألعاب الصيفية، من الثامن والعشرين من يوليو لغاية الثاني عشر من أغسطس 1984، وسط مقاطعة سياسية جديدة قادها الاتحاد السوفياتي مجددا ومعه دول كانت يومذاك تدور في فلكه السياسي.

وجاء ذلك ردا على المقاطعة الأميركية لأولمبياد موسكو 1980, وقد نظمت الدول المقاطعة ألعابا خاصة سمتها العاب الصداقة, لكن رغم ذلك سجل رقم قياسي من حيث عدد الدول التي شاركت. افتتح البطولة الرئيس الأميركي رونالد ريغان وردد القسم الاولمبي لاعب ألعاب القوى الأميركي إدوين موزس, فيما ردد القسم الرسمي شارون ويبير لاعبة الجمباز, وأضاء الشعلة رافير جونسون لاعب ألعاب القوى.

تنظيم مميز

اختيرت المدينة الأميركية للاستضافة في المؤتمر الثمانين للجنة الاولمبية الدولية في الثامن عشر من مايو 1978 في مدينة أثينا اليونانية, وباتت حينها لوس انجليس غداة اختيارها ثالث مدينة نالت شرف الاستضافة مرتين, وقد تم اختيارها دون منافسة تذكر إذ إن المدينة الوحيدة التي كانت مرشحة للمنافسة على شرف الاستضافة هي العاصمة الإيرانية طهران, لكنها انسحبت من السباق.

وللمرة الأولى في التاريخ الأولمبي تم تأمين موازنة البطولة من أموال قطاعات خاصة, وتجنب المسئولون الاقتراض من البنوك، مستفيدين مما حل بمونتريال 1976، حيث غرق المنظمون بالدين جراء القروض, لذا ودرءا لمشكلة مماثلة قامت اللجنة المنظمة بوضع خطة عمل ثلاثية لجلب الأموال, قضت الأولى بزيادة حقوق النقل التلفزيوني فدفعت شركة النقل الأميركية (أ ب ث) مبلغ 225 مليون دولار لشراء حقوق النقل, وأمنت حقوق الرعاية مبلغ 140 مليون دولار, فيما وفرت 7.8 مليون تذكرة طرحت في الأسواق مبلغ 90 مليون دولار, ووفرت كل تلك العوامل التسويقية ربحا بلغ 150 مليون دولار، الأمر الذي دفع اللجنة الأولمبية الدولية لاعتماد سياسة تسويقية منذ العام 1985, مع إعطاء حقوق حصرية لاستخدام الرموز الأولمبية.

جرى الافتتاح في الثامن والعشرين من يوليو، وقد كان ضخما مهيبا, تابعه ملياران ونصف شخص عبر العالم, و92 ألف متفرج في الملعب الأولمبي شاهدوا استعراض وفود 140 دولة لاقت ترحيبا كبيرا, إنما التصفيق الأكثر حرارة كان لوفود يوغوسلافيا ورومانيا والصين لرفضها السير في خطة المقاطعة السوفياتية, وفي نهاية الحفل وبعد خطاب رئيس اللجنة الاولمبية الدولية خوان أنطونيو سامارانش تمت إضاءة الشعلة الاولمبية.

وشأن أولمبيادي 1976 و 1980 لم تسلم دورة 1984 كما سبق وذكر من المقاطعة، وهذه المرة بقيادة سوفياتية، إذ قرر المسئولون في ذلك البلد مطلع العام 1984 عدم المشاركة، وأيدهم في القرار مجموعة دول أخرى تؤيد السوفيات سياسيا منها ألمانيا الشرقية وكوبا, ولم تنفع جهود اللجنة الأولمبية الدولية في الحؤول دون حصول هذه المقاطعة التي بلغت عدديا مع السوفيات خمس عشرة دولة. لكن رغم ذلك بلغ المشتركون 140 دولة في رقم قياسي جديد, عشرون منها سجلت الحضور الأول هي بنغلادش, دجيبوتي, بوتان, غامبيا, غريناد, غينيا الاستوائية, جزر سالومون, موريشيوس, موريتانيا, عمان, غينيا الجديدة, قطر, رواندا, ساموا, تايبه, تونغا, اليمن, البحرين وزائير. وسجل أول مشاركة صينية في الألعاب الصيفية.

مثل هذه الدول 6829 رياضيا ورياضية بينهم 1566 لاعبة, نافسوا في 221 مسابقة ضمتها 21 لعبة رياضية، ضمت للمرة الأولى الجمباز الإيقاعي, والسباحة الإيقاعية, والرياضات هي, ألعاب القوى, الشراع, كرة سلة, ملاكمة, كانوي كاياك, جمباز, دراجات, فروسية, سلاح, كرة قدم, رفع أثقال, جمباز, كرة يد, هوكي على الحشيش, جودو, مصارعة, الخماسي الحديث, ألعاب الماء (سباحة, سباحة إيقاعية, غطس, كرة ماء), رماية, قوس ونشاب, شارع, كرة طائرة. وقد تصدرت الولايات المتحدة في النهاية بفارق شاسع عن الثانية رومانيا, إذ جمعت 83 ذهبية, مقابل 20 لرومانيا و 17 لألمانيا الغربية.

المسابقات الرياضية

سيطرت الولايات المتحدة على المسابقات الرياضية بصورة كاسحة، وكان ذلك أبرز عنوان للمسابقات, لكن عناوين فرعية أخرى برزت مثل, فوز جوان بنوا بأول ميدالية أولمبية لسباق الماراثون للنساء, وحصول الأميركي الشهير كارل لويس على أربع ذهبيات في المئة والمئتي متر والوثب الطويل والبدل 4×100م, ونجح البريطاني سيباستيان كو في أن يصبح أول من احتفظ بلقبه بسباق الـ1500م عدو لدى الرجال. وتألق في السباحة أربعة سباحين هم الكندي أليكس بونمان الفائز بذهبيتين, والألماني ميكايل غروس الذي نال أربع ميداليات, والأميركيان رودي غينس وريك كاري، وقد فاز كل منهما بثلاث ذهبيات.

إذاً كان الأميركي كارل لويس وفي أول ظهور أولمبي له نجما فوق الطبيعة في أولمبياد لوس أنجليس 1984 بحصده في أم الألعاب أربع ذهبيات، معادلا إنجاز مواطنه الخارق جيسي أوينز في أولمبياد 1936, وقد حقق بداية ذهبية المئة متر مسجلا 9,99ث متفوقا على مواطنه سام غرادي بفارق كبير إذ سجّل 10,19ث, ثم حقق ذهبية الوثب الطويل مسجلا 8,54م وعزز بلقب أولمبي ثالث في المئتي متر حيث تفوق على مواطنه كيرك بابتيست مسجلا 19,80ث, وعزز بذهبية رابعة في سباق البدل 4×100م مع رقم عالمي جديد بلغ 37,83ث.

وبعد ثماني سنوات على لقبه في مونتريال 1976 حقق العداء إدوين موزيس ذهبية الـ400م حواجز, ونالت مواطنته فاليري بريسكو هوكس ثلاث ذهبيات في المئتي والـ400م و4×400م, ونال روجر كينغدوم ذهبية الـ110م حواجز مع رقم أولمبي 13,20ث, كما حطم البرتغالي كارلوس لوبيس ذهبية الماراثون بوقت أولمبي جديد 2,09,21س, وبعد إنجازها العام 1972 حين كانت أصغر بطلة أولمبية عن عمر 16 عاما وقتها تمكنت الألمانية الغربية أولرايك ميفارث من الفوز بذهبية الوثب العالي مسجلة 2,02م.

وخلت منافسات السيدات من أي رقم، عالميا كان أم أولمبيا، في حين أن منافسات الرجال شهدت رقمين عالميين وثلاثة أولمبية. بسبب غياب السوفيات والألمان الشرقيين تحديدا، لكن البارز أيضا لدى النواعم فوز الأميركية جون بينوت بأول سباق ماراثون للسيدات في التاريخ الأولمبي 2,24,52س, أمام النروجية غريتي وايز التي سجلت 2,26,18س, والبرتغالية روزا موتا 2,26,57س, وعموما تصدرت الولايات المتحدة برصيد 16 ذهبية مستعيدة هيبتها مقابل أربع ذهبيات لألمانيا الغربية.

وفي ظل غياب بطلات الاتحاد السوفياتي باتت الأميركية ماري لو ريتون أول لاعبة جمباز غير أوروبية فازت بمسابقة الفردي العام, حاصدة ما مجموعه خمس ميداليات بشكل عام في البطولة, وتسلطت الأضواء أيضا على الرومانية إيكاترينا زابو التي كانت الرياضية الأكثر تتويجا بين جميع المشاركين والمشاركات في الأولمبياد بفوزها بأربع ذهبيات وفضية واحدة رجالا, وفي أول مشاركة صينية حقق الصيني لي نيغ ست ميداليات بينها ثلاث ذهبيات. وقد تقاسمت ثلاث دول في النهاية العدد نفسه من الذهب، فنالت كل من الولايات المتحدة ورومانيا والصين خمس ذهبيات مع فارق في الفضة والبرونز لصالح الولايات المتحدة أمام الصين فرومانيا.عربيا جاء التألق كبيرا ومميزا لأول مرة, وكان عنوانه المغرب الذي نال ذهبيتين ومصر فضية وسوريا فضية, وجاء تألق المغرب في ألعاب القوى عبر الرائعين سعيد عويطة ونوال المتوكل, فقد فاز عويطة بذهبية الـ5000م محققا زمنا أولمبيا جديدا في حينها, 13,05,95د, أما المتوكل فقبضت على ذهبية الـ400م حواجز مسجلة 54,61ث أمام أميركية ورومانية, فيما فضية مصر نالها محمد علي رشوان في الجودو في الوزن المفتوح وراء الياباني ياسوهيرو ياماشيتا أحد أبرز الأبطال العالميين في زمنه, أما سوريا فنالت فضيتها عبر المصارع جوزف عطيه في الفئة الحرة لوزن الـ100كلغ.

وفي مسابقات أخرى نال رجال وسيدات الولايات المتحدة ذهبيتي كرة السلة أمام إسبانيا رجالا وكوريا الجنوبية سيدات, وفي الطائرة التي شارك فيها منتخبا تونس ومصر وحلا في المركزين التاسع والعاشر على التوالي من عشر فرق, نالت الولايات المتحدة ذهب الرجال والصين ذهب السيدات, ونالت يوغوسلافيا ذهبيتي كرة اليد رجالا وسيدات, وفازت باكستان بذهبية الهوكي رجالا، وهولندا لدى السيدات, ونالت يوغوسلافيا أيضا ذهبية كرة الماء.

وقفات بارزة

سعيد عويطة

عداء مغربي من مواليد 1960, أفضل من عدا المسافات المتوسطة من 800م و1500م بالإضافة إلى 5000م في الثمانينات من القرن الماضي، حمل الرقم العالمي في الـ1500م من 23 أغسطس العام 1985 حتى السادس من سبتمبر 1992, وفي الـ3000م من 20 أغسطس 1989 حتى 16 أغسطس 1992, بالإضافة لأرقام داخل القاعة, حقق ذهبية الـ5 آلاف متر في لوس انجليس 1984, وبرونزية الـ800م في سيول 1988, وبطل العالم في الـ1500م العام 1983 والـ5آلاف متر العام 1987. كان الوحيد الذي يمكنه ركض الـ800م بـ1,44د تقريبا, والـ1500م بـ3,30د, والـ3 آلاف متر بـ7,30د تقريبا, والـ5 آلاف متر بـ13د تقريبا. فاز بين سبتمبر 1983 وسبتمبر 1990 بـ115 سباقا من 119 خاضها.

نوال المتوكل

عداءة سرعة مغربية تخصصت في الـ400م حواجز, الذي نالت ذهبيته في لوس أنجليس 1984 بعدما خاضت سباقا ممتازاً تصدرته منذ البداية حتى العبور، محسنة رقمها الشخصي بـ0,76ث, كانت أول من منح المغرب ذهبا أولمبيا, وشكل انتصارها حينها فرحا عظيما بين مواطنيها الذين نزلوا الشوارع احتفالا ببطلتهم, اختيرت العام 1998 عضوا في اللجنة الأولمبية الدولية, وتولّت وزارة الرياضة في بلادها.

مايكل جوردان

شكلت نسخة 1984 الظهور ما قبل الأخير للهواة في الألعاب الأولمبية, في لوس أنجليس لمع اسم نجم بات فيما بعد أعظم من لعب كرة السلة, مايكل جوردان الأميركي الطائر, رسم انطلاقته من بلاده، حيث تصدر في أولمبياد 1984 قائمة المسجلين في صفوف فريقه الأولمبي بـ17,1 نقطة، وقاد بلاده لذهبية المسابقة, احترف السلة بعد ذلك وبات الأعظم دون منازع تاريخيا, اختير أفضل لاعب في الدوري الأميركي للمحترفين خمس مرات, وتصدر المسجلين عشر مرات, العام 2003 وصل معدله في الموسم إلى 30,1 نقطة وهذا المعدل الأعلى تاريخيا. العام 1992 أحرز ذهبيته الأولمبية الثانية مع فريق المحترفين (دريم تيم) أو الفريق الحلم.

كارل لويس

عداء ولاعب وثب طويل أميركي, هو واحد من أربعة عدائين فقط في التاريخ أحرزوا تسع ذهبيات, وواحد من ثلاثة فازوا بنفس المسابقة أربع مرات. فاز العام 1984 بأربع ذهبيات, العام 1988 في سيول احتفظ بلقب المئة متر بعد استبعاد الفائز الرئيسي الكندي بن جونسون بسبب المنشطات, وفاز أيضا بالوثب الطويل وفضية المئتي متر, في برسلونة 1992 فاز بذهبية ثالثة في الوثب الطويل هازما مايك باول حامل الرقم العالمي بثلاثة سنتيمترات, وكرر الإنجاز في أتلانتا 1996 حيث فاز بذهبية رابعة في الوثب الطويل بعد معاناة في التأهل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى