الحلقة الثالثة والعشرون .. الدورة الرابعة والعشرون ـ 1988سيول والعودة إلى آسيا

> قطر «الأيام الرياضي» عن (الجزيرة الرياضية):

>
للمرة الثانية بعد أولمبياد طوكيو 1964 حطت الألعاب الأولمبية رحالها في القارة الآسيوية حين استضافت مدينة سيول الكورية الجنوبية النسخة الرابعة والعشرين العام 1988 من السابع عشر من سبتمبر حتى الثاني من أكتوبر وسط ثلاثة عناوين بارزة، الأول والأهم طرد العداء الكندي بن جونسون بسبب المنشطات, والثاني عودة العملاقين السوفياتي والأميركي للمواجهة المباشرة بعد غياب لدورتين متتاليتين بسبب المقاطعات، علما أن هذه الدورة شكلت الظهور الأخير للاتحاد السوفياتي, والثالث استمرار المقاطعات السياسية للدورة الرابعة على التوالي، إذ غابت كوريا الشمالية العدو اللدود للجنوبية سياسيا بسبب عدم منحها المشاركة في استضافة الألعاب مع جارتها، وتضامنت معها دول إثيوبيا وكوبا ونيكاراغوا.

افتتح الألعاب الرئيس الكوري الجنوبي رو تاي وو, وردد القسم الأولمبي للرياضيين لاعب كرة السلة الكوري هور جاي ومواطنه الملاكم سون مي نا, وردد القسم الرسمي لاعب الجودو الكوري أيضا لي هاك راي, وأضاء الشعلة الأولمبية لاعبو ألعاب القوى الكوريون شونغ سون مان وكيم وان تاك وسون مي جونغ. واختار المنظمون النمر (هودوري) تعويذة للبطولة انطلاقا من حضوره القوي في الأساطير الكورية القديمة, وقد أراد مختاروه إعطاءه وجها محببا للصداقة.

طموح بعيد

لم تكن طموحات كوريا الجنوبية باستضافة ألعاب 1988 مجرد تطلعات رياضية بل أراد مسئولو البلاد من خلال تلك الألعاب تسليط ضوء المجتمع الدولي عليها ونيل دعمه في سبيل النهوض بدولة ديموقراطية، وهي التي كانت لحظة فكرت بتنظيم الألعاب العام 1970 عبر رئيسها بارك شونغ جي ماتزال دولة نامية تسعى لكيان مستقل حر وآمن في ظل صراع ضروس مع جارتها الشمالية, ولم تتبلور هذه الفكرة جديا إلا بعد اغتيال الرئيس الكوري شون دو هوان العام 1979, فقام حينها خلفه بالتقدم رسميا لتنظيم ألعاب 1988 آملا الاستفادة من دعم دولي لإرساء الأمن والديمقراطية. وإظهار التطور الاقتصادي المتصاعد لدولة نامية.

وبعد سعي دؤوب وطموحات مقنعة اختارت اللجنة الأولمبية الدولية مدينة سيول لاحتضان الأولمبياد في نسخته الرابعة والعشرين في مؤتمرها الرابع والثمانين بتاريخ الثلاثين من سبتمبر من العام 1981 في مدينة بادن بادن الألمانية الغربية آنذاك. وكانت مدينة ناغويا اليابانية المنافسة الوحيدة لسيول, وقد نالت سيول 52 صوتا مقابل 27 للمدينة اليابانية. وقد باتت سيول ثاني مدينة في بلد نامٍ اختيرت لاستضافة الألعاب بعد مكسيكو 1964.

الأبرز في هذه الألعاب كما سلف الذكر إيقاف العداء الكندي الشهير لسنتين، وطرده من الألعاب عقب ثبوت تناوله المنشطات، بعد يومين فقط من فوزه في ملكة الرياضات (ألعاب القوى), بسباق الجري مئة متر محققا رقما عالميا جديدا بلغ 9,79ث ومتغلبا في الوقت عينه على الأميركي الشهير كارل لويس صاحب أربع ذهبيات في أولمبياد 1984. فبعد الاختبارات ظهرت نتائج فحص عينة من بول جونسون إيجابية، إذ ظهر فيها مادة ستيروييد من نوع ستانوزولول, وقد أكد حينها الفحص المضاد للعينة (ب) النتيجة الإيجابية.

شارك في أولمبياد سيول 159 دولة، في رقم هو الأعلى منذ انطلاق الألعاب الحديثة العام 1896, وقد سجل الظهور الأول لدول جديدة، هي: جزر كوك, غوام, مالديف, ساموا الأميركية, فانتوا وجمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية, وتواصل استبعاد جنوب أفريقيا عن المشاركة بسبب انتهاجها سياسة عنصرية, أما عربيا فشاركت دول الجزائر, جيبوتي, مصر, المغرب, السودان, السعودية, الإمارات العربية المتحدة, البحرين, الأردن, الكويت, لبنان, قطر, سوريا, اليمن الشمالية, اليمن الجنوبية.

مثل تلك الدول 8391 لاعبا ولاعبة, بينهم 2194 رياضية, نافسوا في 237 مسابقة اشتملتها ثلاث وعشرون رياضة، منها رياضتان جديدتان الأولى كرة المضرب التي عادت للظهور بعد غياب 64 عاما، والثانية كرة الطاولة التي سجلت أول ظهور لها, أما باقي الرياضات فهي ألعاب قوى, الشراع, كرة سلة, ملاكمة, كانوي كاياك, دراجات, فروسية, سلاح, كرة قدم, جمباز, ألعاب قوى, كرة يد, هوكي على الحشيش, مصارعة, جودو, الخماسي الحديث, ألعاب ماء, رماية, القوس والنشاب, التجذيف, كرة الطائرة, وقد تصدر السوفيات في النهاية جدول الميداليات أمام ألمانيا الشرقية والولايات المتحدة الأميركية. شارك في تغطية المنافسات 11،331 إعلاميا وإعلامية بين صحافة مكتوبة وتلفزيونية.

المسابقات الرياضية

كما سلف الذكر اعتبرت قضية بن جونسون قنبلة دورة 1988, لكن نتائج أخرى سرقت الأضواء بدورها مثل الألمانية الشرقية كريستا لودنغ روثنبرغر التي باتت أول من يحرز ميدالية في الأولمبياد الشتوي وأخرى في الصيفي في نفس العام، إذ فازت بفضية في الدراجات وذهبية بالتزحلق السريع, كما برزت الفتاة الذهبية الألمانية الغربية وقتذاك شتيفي غراف التي توجت موسما مميزا كامل النجاح في الغران شلام بذهبية كرة المضرب, ونجح غريغ لوغانيس في تكرار فوزه في الغطس, فيما حظيت الأميركية فلورانس غريفث جوينر بلقب نجمة المضمار بفوزها بميداليتي السبرنت المئة والمئتي متر وبأربع ميداليات عموما بينها ثلاث ذهبيات. ولمع السوفياتي فلاديمير ارتيموف في الجمباز حاصدا أربع ذهبيات فيما فازت الرومانية دنييلا سيفيلاس بثلاث.

وكالعادة في أم الألعاب احتدم الصراع الغربي - الشرقي بين الأميركيين والسوفيات، وقد دانت في النهاية السيطرة لأبناء العم سام بثلاث عشرة ذهبية مقابل عشر لمنافسيهم، والملفت غياب الأرقام القياسية العالمية رجالا، واقتصارها على خمس أولمبية، فيما لدى السيدات سجلت ثلاثة أرقام عالمية ومثلها أولمبية, وقد سجلت الأولى في مسابقات المئتي متر عبر فلورانس غريفث جوينر التي حققت 21,34ث, والبدل 4×400م عبر السوفياتيات اللواتي سجلن 3,15,17د, والسباعية عبر الأميركية جاكي جوينر كيرسي التي سجلت 7291 نقطة.

أما في السباحة فقالت ألمانيا الشرقية كلمتها بقوة بتصدرها الترتيب العام بإحدى عشرة ذهبية مقابل ثمان للولايات المتحدة الأميركية وأربع للمجر, وقد جاء تألق الألمان بشكل خاص في فئة السيدات بفوز سباحتها بالخمسين متر حرة والمئة متر حرة وظهر وصدر, والمئتي متر حرة وصدر ومتنوع, بالإضافة إلى سباقي البدل، وكان السوفياتي فلاديمير سالنيكوف بطل أولمبياد موسكو وأول من نزل عن حاجز الـ15د في الـ1500م حرة, نجما بفوزه بذهبية السباق المذكور بعد غياب ثمان سنوات رغم معاناته من تراجع في مستواه تلك الفترة, وهو كان استعد لسيول بالتدرب بإشراف زوجته.

وبرز أيضا السباح الأميركي الشهير مات بيوندي الذي توج نفسه نجماً فوق العادة بفوزه بخمس ذهبيات، اثنتين منها في الفردي وثلاث في البدل, فقد فاز بذهبية الخمسين متر حرة مسجلا 22,14ث أمام مواطنه توم ياغر, وفاز بالمئة متر حرة مسجلا 48,63ث أمام مواطنه كريس جاكوبس, وبالبدل 4×100م وقد سجل فريقه 3,16,53د أمام السوفيات, والبدل 4×200م حرة بوقت 7,12,51د أمام الفريق الألماني الشرقي, والبدل 4×200م متنوع بتوقيت 3,36,93د. كما نال فضية المئة متر فراشة، علما انه خسر بفارق 0,01ث فقط أمام السورينامي أنطوني نستي وبرونزية الـ200م حرة.

وتألق السوفيات في كرة القدم بقيادة حارسهم الشهير رينات داساييف أحد أفضل من حمى الخشبات الثلاث في العالم، وقد استطاع الفريق الأوروبي الفوز بعدما هزم البرازيل بقيادة النجم روماريو وقتها 2-1 في الوقت الإضافي. وكانوا (أي السوفيات) أخرجوا إيطاليا في نصف النهائي بعد تفوقهم عليها 3-2, مسجلين عقدة للأزرق وقتها لكون السوفيات أخرجوا إيطاليا في العام نفسه من نصف نهائي أمم أوروبا التي جرت حينها في ألمانيا الغربية بنتيجة 2-0. ونالت ألمانيا الغربية البرونزية الأولمبية بعدما فازت على إيطاليا 3-0.

وشارك عن العرب المنتخب العراقي وحل في المجموعة الثانية وخرج بعدما جاء ثالثا من فوز على غواتيمالا 3-0, وتعادل مع زامبيا 2-2 وخسارة من إيطاليا 0-2.

عربيا نال المغربي إبراهيم بو الطيب ذهبية العشرة آلاف متر ومواطنه سعيد عويطة برونزية الـ800م والمغربي الآخر عبد الحق عشيق برونزية الملاكمة والجيبوتي أحمد صالح برونزية الماراثون.

أما في رياضات أخرى أحرزت الولايات المتحدة ذهبية الطائرة على حساب الاتحاد السوفياتي فيما نالت سيدات الأخير ذهبية السيدات أمام البيرو,

وفي كرة المضرب أحرز التشيكوسلوفاكي ميروشلاف ميشير ذهبية فردي الرجال فيما نالت الألمانية الغربية شتيفي غراف ذهبية فردي السيدات متفوقة على الأرجنتينية الشهيرة غابرييلا ساباتيني, ونال الاتحاد السوفياتي ذهبية كرة اليد أمام كوريا الجنوبية التي نالت سيداتها ذهبية فئتهن أمام النروج, واكتسح السوفيات الجمباز بـ 12 ذهبية أمام رومانيا بثلاث. كما أحرز السوفيات ذهبية السلة والولايات المتحدة ذهبية السيدات، وفي كلتا الفئتين نالت يوغوسلافيا البرونزية.

وقفات بارزة

مات بيوندي

سباح أميركي, هو واحد من اثنين في التاريخ الأولمبي نجح في الفوز بسبع ميداليات في دورة واحدة وإحدى عشر ميدالية عموما, والآخر هو مواطنه مارك سبيتز نجم أولمبياد 1972 في ميونيخ. بدأ بيوندي مسيرته مع الذهب في أولمبياد 1984 لكن تألقه الكبير تم في أولمبياد 1988, كما ذاق الذهب في برشلونة 1992، عندما حل ثانيا في سباق المئة متر فراشة في سيول بزمن 53,01ث بعد السورينامي أنطوني نستي الذي سجل 53,00ث. قال بيوندي «جزء بالمئة من الثانية, ماذا لو كان أصبعي الوسطى أطول؟!». حقق في سيول أربعة أرقام عالمية في خمس سباقات فاز بها.

النجمة شتيفي غراف متوجة في سيول

لاعبة كرة مضرب ألمانية غنية عن التعريف, نالت ذهبية كرة المضرب في أولمبياد 1984 عن عمر 15 عاما، وقد كانت اللعبة استعراضية آنذاك. العام 1987 صنفت الأولى على العالم. العام 1988 فازت ببطولة أستراليا المفتوحة ثم ويمبلدون فرولان غاروس, وبطولة الولايات المتحدة المفتوحة قبل أسبوع فقط من منافسات الألعاب الأولمبية في سيول, حيث وصلت محققة 35 انتصارا متتاليا, وفي كوريا نالت الذهبية على حساب الأرجنتينية غابرييلا ساباتيني بفوزها عليها 6-3 و6-3.

حافظت على صدارتها للتصنيف العالمي بشكل متتالِ من السابع عشر من أغسطس 1987 لغاية العاشر من مارس العام 1991. اعتزلت العام 1999 مع سجل تضمن 902 انتصار مقابل 105 خسارات. تحتل المركز الثاني من حيث النسبة المئوية في عدد الانتصارات بعد الأميركية كري إيفرت, 88,7% مقابل 90,0%.

كريستين أوتو

سباحة ألمانية شرقية فرضت نفسها النجمة الأولى في أولمبياد سيول بفوزها بست ذهبيات في مسافات الخمسين متر حرة والمئة متر حرة والمئة متر فراشة والمئة متر ظهر و4×100م حرة و4×100م متنوع, وهي أول امرأة تفوز بست ذهبيات أولمبية, كما تحمل في رصيدها سبع ذهبيات عالمية, وسبع ألقاب أوروبية. اعتزلت السباحة العام 1989.

السوفياتي الأوكراني سيرغي بوبكا

لاعب وثب بالزانة أوكراني, مثل الاتحاد السوفياتي قبل ذلك, عن 19 عاما، أحرز أول ذهبية عالمية له في بطولة العالم 1983, ثم نال بعد ذلك اللقب لخمس مرات متتالية, وهو مايزال حتى الآن الرياضي الوحيد الذي حصد ستة ألقاب عالمية في مختلف المسابقات, العام 1988.

أحرز ذهبيته الأولمبية الأولى متجاوزا ارتفاع 5,90م, وفي نفس العام بات أول من اجتاز ارتفاع الستة الأمتار. حقق في مسيرته 35 رقما، 18 منها داخل الصالات و17 خارجها. هو حاليا عضو في المجلس التنفيذي للمجلس الأولمبي التنفيذي.

العداء المغربي إبراهيم بو الطيب

عداء مغربي أحرز ذهبية العشرة آلاف متر في أولمبياد سيول 1988، رغم أنه دخل الألعاب ولم يكن معروفا وقتها, علما أنه كان أقرب لمسافة الخمسة آلاف متر. وقد عاد ليركز على المسافات الأقصر بعد منافسات سيول. حين فضل التدرب على مسافات الـ5 آلاف والـ1500م. في أولمبياد برشلونة 1992 شارك في الـ 5 آلاف متر، وحل رابعا بفارق 0,75ث عن الأول الألماني ديتر بومان. في بطولات العام أحرز برونزية الخمسة آلاف متر العام 1991. ترك ألعاب القوى العام 1993، واتجه لممارسة هوايته في الرالي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى