الفنان عوض بن ساحب يجدد رائعة الشاعر الجنيد والملحن باحشوان

> «الأيام» صالح حسين الفردي:

> بن ساحب في بداية البدايات .. الفنان عوض بن ساحب صوت غنائي يحمل نكهة حضرمية مكثفة، إذ يحمل في تقطيعاته ونبراته حمولات من الشجن الساحلي والشدو الريفي النبيل، إضافة إلى سلاسة في تهجي مفردات اللهجة الحضرمية- حضرا وبادية- بصوت منغم ينثر في أجواء المكان حنين الوديان وبوح الركبان، في تماهٍ رائق بين الصوت والصدى.

الفنان الحائم في مدن الاغتراب عوض بن ساحب بدايته كانت في موطن صرخة ميلاده مدينة قصيعر (المشقاص) بعد أن تشبع بتراثه البحري الكثيف وأهازيجه وشروحاته (الذكورية والنسوية)، بعد ذلك انتقل لدراسة اللغة العربية في كلية التربية العليا في المكلا جامعة عدن، وقتئذ، وتخرج فيها بنجاح، وطوال دراسته كان عازفا مجيدا على آلة العود في فرقة حضرموت التابعة لمكتب الثقافة حينئذ، ولكن لم يطل به المقام- كغيره من المبدعين الشباب- بعد أن آلت أوضاع الثقافة والفن في موطن التاريخ والتراث إلى الإغلاق والتهميش والتسطيح، ليجد في عوالم المبدع الكبير الفنان الأصيل أبوبكر سالم بلفقيه ما يثري تجربته ويضعها على خط السير الفني المنهجي الرصين، وقد نجح الفنان الأسمر الهادئ بن ساحب في كسب ثقة العملاق الفني بلفقيه، ليعلن أبو أصيل في أكثر من أمسية فنية يحييها في المدن العربية عن تبنيه وعشقه لصوت الفتى القادم بن ساحب، هذه الرحلة التي ماتزال في البدايات للصوت الحضرمي للسنوات القادمة عوض بن ساحب، يؤكده فناننا من خلال نزوعه إلى تطوير الموروث الغنائي الشعبي وتطويعه للتقنية الموسيقية الحديثة، مثال ألبومه الذي صدر في بداية 2008 (أنت وأنا داري).

بن ساحب ورائعة الجنيد وباحشوان

في منتصف العام الجاري أطل المبدع بن ساحب على محبيه وعشاق فنه بألبومه الجديد القديم (حاكم العشاق)، محتويا على روائع غنائية متنوعة، منها (وتأجل الميعاد، كل شي بالتأني) للشاعر والملحن الكبير الراحل المحضار، و(مر كالبان) للشاعر المتفرد الراحل عبدالرحمن باعمر وألحان المبدع مرسال، و(حاكم العشاق) للشاعر الراحل سالم عبدالله رزق الله ألحان نصر سالم محفوظ و(زهرة الكادي) للمبدعين الشاعر المعلم حميدان والملحن سالم سعيد جبران، ورائعة الشاعر جنيد محمد الجنيد (حبيبي لاتظن أني باتراجع) وألحان الفنان الكبير حسن صالح باحشوان، وهي مجموعة- لاشك- تعطي دلالة عميقة على حرص هذا الفنان الشاب على التذكير بالمبدعين والوفاء للرواد الكبار من خلال حسن الاختيار الذي تجلى واضحا بقوة في جمع هذه الأسماء الكبيرة في ألبوم غنائي واحد.

ولكن تبقى رائعة المبدع الشاعر الغنائي المتواري عن المشهد الفني جنيد محمد الجنيد (حبيبي لاتظن..) وهي نص كتبه وهو لم يزل فتى في الرابعة عشرة، ولحنها شادي الوادي الأخضر حسن باحشوان في سبعينيات القرن الماضي، رائعة تشهد على شاعرنا جنيد الجنيد وغيابه الكبير عن المشهد الغنائي، وهو القادر على إتحافنا بمثل هذه الدرر العاطفية المتدثرة بالصبابة والصدق، ألم يقل فيها:

حبيبي لاتظن أني باتراجع

عن العهد الذي هو بيننا يجمع

معاذ الله إني عنك باتخلى

أحبك حتى تلقى روحي المولى

وكيف أنساك أنا مفتون ومولع

وحبي من صميم القلب لك ينبع

على قلبي حبيبي حبك استولى

أحبك حتى تلقى روحي المولى

لقد نجح الفنان بن ساحب في الإمساك بشجو المبدع باحشوان، وتلاعب بنا خلال مقدمته التي أضافها قبل الدخول إلى لحن الأصل، فكان عوده صدى لصوته العذب، على إيقاعات أبناء الشحر ماهر سعيدان، عوض بانعيمون، خالد زحفان، حاج الخزمة، بإشراف هندسي للمبدع شاكر باشراحيل، تجربة جديدة بنكهة قديمة أصيلة لفنان يخطو في عوالم الفن والإبداع بثقة ورسوخ وعلم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى