وبقيت باكستان

> علي سالم اليزيدي:

> القصة بسيطة لقد أساء مشرف رئيس باكستان استعمال السلطة، ومن ثم واجه اضطرابات ومظاهرات ومصادمات ودماء وواجه هذا الدكتاتور ونظامه عنادا سياسيا معارضا شعبيا وإسلاميا، والقصة ليست معقدة كثيرا، فقد تسلم السلطة في عام 1999، وأراد دفع باكستان نحو التحديث، كان البلد على شفير الانهيار بسبب الركود الاقتصادي والفساد والتطرف الديني والفوضى السياسية، ودولة مارقة متحالفة مع طالبان ومصدر للعمليات الإرهابية ضد جارتها الهند.

وقد أعاد مشرف إرساء النظام، وفسخ علاقته بالإسلاميين، وإنشأ نظام أكثر حداثة وعلمانية، وفي ظل حكمة ازدهر الاقتصاد بشكل ملحوظ، وبالرغم من تذمر مثقفي المقاهي (المقايل في اليمن) كانت معدلات الرضى عن مشرف عالية بشكل ثابت، إلا أن ذلك تغير في الآونة الأخيرة، مثل الكثير من الحكام الدكتاتوريين، تمادى هذا الحاكم العسكري الذي قاد انقلابا يوما ما، ثم أزاح كل منافسيه ما بين الموت بحوادث والنفي، ولبس ربطة العنق، وأعلن نفسه رئيسا بتعديلات دستورية تستجيب لهواه وما في نفس رجاله، فما الذي حدث وكيف انتكست الأوضاع حتى لحظة الاستقالة؟.

تمادي مشرف في الكثير من الأمور، صرف كبير القضاة وحاول البقاء رئيسا وقائدا للجيش، كان الخطأ يتراكم، والتصرفات تنم عن غباء، مع أن أمورا مماثلة حدثت من قبل عندما قام نواز شريف رئيس الوزراء المنتخب بصرف كبير القضاة عام 1997، وحاول تعديل الدستور بطرق شائنة.

لكن مشرف لم يلاحظ أن المواطنين الباكستانيين غير مرتاحين لحكمه، وأبرز هذا العزوف من مشرف أن سلطة الحكومة لاتطال كل انحاء البلد، فهناك الكثير ممن يتمتعون بنفوذ كبير ضد السلطة، ويتكدس الثراء، وعدد من مناطق البلاد تغيب فيها القوانين، ويد الدولة معدومة، والمؤسسة الوحيدة الفعالة هي الجيش.

كل هذا التمادي جعل موقف الرئيس مشرف في خطر، ومستقبله لم يعد مضمونا، وإمكانية السقوط أصبحت واردة، وربما يساق إلى المحاكمة ما لم تعقد صفقة، وصدق الزمن، إذ استقال مشرف، وتكثفت وساطات عربية وأمريكية لضمان خروجه.

وجاء خروج مشرف من الحكم مع خروج المعتقلين في موضوع الحراك السلمي الجنوبي لدينا من الحبس، كله خروج، وإن ظهر الفرق بين الخروج والخروج الآخر، وإنما نحن في انتظار كلمة الزمن، ولون وشكل الخروج، بس!.

ورغم كل ماعصف بالباكستان ومشرف، فإن الرجل قد استقال، وهذا يحسب له، وهو مخرج عظيم في لحظة لها قيمة داخلية وخارجية، وناشد الحفاظ على الباكستان والمصالحة الوطنية، فهي الأهم، ولم يبق ليبحث مع الوقت عن مساحة يطلق عليه من خلالها الداهية، الرحيم، رجل المواقف، وجد الرجل ورغم أن الديكتاتور يكبر في شخصه أنه إنسان، فقال كلمته وذهب، وبقيت باكستان!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى