البرفيسور والروائي حبيب عبدالرب سروري بمحاضرة بمنتدى «الأيام» بعدن:مجالات الأدب والفكر والسياسة لم يكتسحها بعد الكتاب الرقمي لعيوب على وشك الانتهاء قريبا وأقود مشروع ترقيم لبعض المواد المحددة تساهم فيه فرق كثيرة من أكثر من بلد

> عدن «الأيام» خاص:

> استضاف منتدى «الأيام» بعدن أمس الأول الثلاثاء البرفيسور والراوئي الشهير حبيب عبدالرب سروري في ندوة تناولت مستجدات ثورة المعلوماتية الرقمية.

وأقيمت الندوة بحضور الناشرين الأستاذين هشام وتمام باشراحيل وعدد كبير من المهتمين ورواد منتدى «الأيام».

وفيما يلي محاضرة البرفيسور والروائي حبيب عبدالرب سروري:

> أنا دائما ما أكون سعيدا بالقدوم إلى منتدى «الأيام» خلال زيارتي للأهل والأصدقاء في مدينتي عدن، التي أحرص أن أقضي فيها عيد ميلادي منذ سنوات.

وعلى ذكر الأعمال الأدبية أهديكم اليوم رواية جديدة لي ظهرت قبل شهر في لبنان أسمها (عرق الآلهة).

وسأحاول في هذه الندوة أن أتحدث عن الأشياء الجديدة التي من المتوقع أن تظهر خلال الفترة القادمة وليس النوع الذي اعتدناه كعرب من الحديث عن الأخبار التي حدثت وأصبحت فعلا ماضيا، لذا سأحدثكم عن الكتاب الرقمي، وأولا سأعرف بمعنى كلمة الرقمي وهي تعني تحويل الكلمات والموسيقى - على سبيل المثال لا الحصر - إلى دوائر رقمية بعكس الموسيقى والأغاني في الاسطوانات التقليدية وأشرطة الكاسيت وبعكس الكتاب التقليدي المطبوع على الورق، إذن الترقيم هو تحويل الموسيقى أو الصورة أو الكلمة إلى دوائر الكترونية.

وإذا كانت الموسيقى التقليدية هي نفسها الموسيقى التي نسمعها في الأجهزة الرقمية فإن الكتاب الرقمي يختلف وتعريفه أوسع وأعمق من الكتاب التقليدي، تعريف الكتاب التقليدي هو مجموعة صفحات لمؤلف أو مجموعة مؤلفين لموضوع ما، أما الكتاب الرقمي فتعريفه يختلف وأصعب بكثير وتعريفه المبسط هو نص موجود على شاشة أيا كانت الشاشة لجهاز كمبيوتر أو هاتف جوال أو جهاز ألعاب أو شاشة سيارة مربوطة بشبكة كمبيوترات وقد تكون تلك الشبكة مربوطة بشبكة كمبيوتر واحد أو مرتبطة عبر الانترنت بكل أجهزة الكمبيوتر في الكون، وهذا التعريف ناقص وغير كاف لأن هناك خصائص كثيرة جدا في الكتاب الرقمي لم يتناولها هذا التعريف فمثلا في الكتاب الرقمي توجد ما تسمى بالوصلات السحبية وهي الكلمات التي توجد تحت خط أزرق بمجرد عمل (كليك) عليها تنتقل إلى مكان آخر في النص أو نص آخر موجود في أي مكان في العالم، بمعنى أن الكتاب الرقمي مفتوح على العالم بكامله بعكس الكتاب التقليدي مجموعة صفحات محددة العدد، كما أن الكتاب الرقمي يختلف في فهرسته عن فهرسة الكتاب المطبوع حيث يعتمد فهرس الكتاب الرقمي على برامج تسمى موتورات الأبحاث وعلى سبيل المثال محرك البحث جوجل أحد موتورات الأبحاث الأكثر شهرة وبمجرد أن تعطيه كلمة يعطيك كافة المواضيع التي وردت فيها تلك الكلمة، وجوجل معروف طبعا وهي خمسمائة ألف كمبيوتر موزعة على إحدى وثلاثين دولة وفي أماكن أمينة حيث أصبح في محرك البحث هذا كل قواعد المعلومات والفهرسة فيه وإمكانيات النسخ بأعداد كبيرة جدا خلال دقائق وتوزيعه على الكون كله.

كما يمكن الوصول إلى الكتاب الرقمي بواسطة الهاتف الجوال أو جهاز الكمبيوتر المحمول حيث يتبعك الكمبيوتر حيث ما كنت عبر الانترنت بعكس الكتاب التقليدي، ونفس الحكاية بالنسبة للموسيقى الرقمية والفيديو الذين اكتسحا الموسيقى والفيديو التقليديين وإن كان الكتاب الرقمي لم يكتسح بعد الكتاب التقليدي رغم أنه سبق الموسيقى والفيديو الرقميين، وذلك لثلاثة أسباب أولها شاشة الكمبيوتر أو شاشة الهاتف الجوال فالضوء المنبعث منها يزعج العينين كونه ينعكس عليها ويتعبها بعد عدة ساعات فيما الضوء في الكتاب التقليدي ينعكس على الأوراق وتقرؤها العينيان، وتحتاج بطارية الكمبيوتر أو الهاتف إلى التعبئة كلما نفدت، والعيب الثالث هو إمكانية القرصنة ونسخ الكتاب وتوزيعه مما يهدر الحقوق الفكرية للكاتب.

ولكن رغم العيوب الثلاثة المذكورة إلا أن الكتاب الرقمي اكتسح الكتاب التقليدي في ثلاثة مجالات على الأقل في المجالات الدراسية العلمية لا يوجد حاليا أحد في أميركا وأوربا يشتري كتابا علميا مطبوع الورق لأنه سيجد على الكمبيوتر أجمل الكتب وبوسائط متعددة منها ماهو بوسائط الصوت والفيديو وشرح التجارب بالفيلم وهو أغنى بكثير من الكتاب التقليدي ولا ننسى أن الكتاب الرقمي جمع كافة الوسائط من الصوت والصورة والفيديو بنفس الوسيط بدون استثناء.

في الجوانب العلمية صارت كل الكتب المقروءة كتبا رقمية وفي جوانب الموسوعات والقواميس نفس الشيء حيث اكتسحها الكتاب الرقمي وعلى سبيل المثال الموسوعة الحديثة (ويكيبيديا) التي يستخدمها كل الباحثين عن المعلومات والقراء بشكل عام وهي موسوعة تفاعلية يصنعها كل البشر حول الكون يضيفون ويعدلون ويصححون المعلومات وهي تضم كل الموسوعات المعروفة، أيضا في الجوانب العملية كالأطلس التقليدي الذي تحول في عالم الرقمية إلى أطلس رقمي ومربوط أيضا في جي بي أي يمكنك من معرفة أي مكان في العالم ويشرح لك الطريق الأفضل وحالة الطقس وبات موجودا على جهاز الهاتف ويستخدم باستمرار في كل مكان، إذن في هذه المجالات مجالات الموسوعات والأطلس والكتب العلمية والعملية اكتسحها الكتاب الرقمي أما في مجالات الآداب والفكر والسياسة فلم يكتسحها بعد الكتاب الرقمي للأسباب الثلاثة السابقة التي ذكرناها سابقا، وتلك العيوب على وشك الانتهاء قريبا فهناك جديد العالم العربي غائب عنه كلية ومن هذا الجديد من عام 2004م مشاريع دولية ضخمة بدأت وأصبحت موجودة وليست أحلاما وأولها مشروع جوجل مع كبار المكاتب العالمية بترقيم 15 مليون كتاب من كتب الثرات القديمة التي فقدت حقوقها الفكرية يتم ترقيمها والآن قد رقمت معظمها وموجودة في موقع على الانترنت ليتمكن الجميع من قراءتها، وأيضا ميكروسوفت عملت مشروعا مشابها لترقيم ملايين من الكتب، والمكتبة الفرنسية عملت مشروعا مماثلا لترقيم ستة مليون كتاب أوروبي، ودول الشمال الاسكندنافية عملت مشروعا موازيا، اليونسكو عندها مشروع دولي مواز، وبذلك تم ترقيم ملايين الكتب وموجودة على الانترنت وممكن الوصول إليها مجانا، هذا الجديد أولا، أما الجديد الثاني فهو الجيل الجديد الجيل الرقمي الذي رضع الرقمية منذ نشأته وتعامل منذ نعومة أظفاره مع لوحة المفاتيح وشاشة الكمبيوتر وهو جيل رقمي بالكامل خاصة في أوروبا وأميركا وباتت نسبة كبيرة منهم حاليا في عمر الشباب ومن طلاب الجامعات، الشيء الجديد الثالث هو جهاز جديد بدأ يظهر في أكثر من نسخة واسمه الـ (ريدر) وشركة سوني عملت نسخة منه وموجود أيضا على موقع أمازون وهي أكبر مكتبة رقمية في الكون عندها جهاز خاص اسمه (كيندل) وهو نفس جهاز الـ (ريدير) وهذا الجهاز سيقضي على العيوب الثلاثة التي ذكرناها وبات هذا الجهاز موجودا وسيكتسح السوق الرقمي في شهر ديسمبر القادم وعلى مدى السنوات الثلاث القادمة، وهذا الجهاز الجديد يشكل ثورة اليكترونية ففيه ما يعرف بالمداد الالكتروني وهو جهاز يبلغ حجمه 200 جرام مثل الورقة وتقرأ فيه الكتاب الرقمي مثلما تقرأ الكتاب الورقي أي أن انعكاس الضوء سيكون على الشاشة ولا ينبعث الضوء على العين وأيضا أثناء انعكاس الضوء لا يوجد بذل طاقة كهربائية الطاقة الكهربائية فقط أثناء الانتقال من صفحة إلى أخرى وبإمكان هذا الجهاز الاستمرار ستة أشهر بدون تعبئة وشحن باعتبار أنه مبني على انعكاس الضوء، إضافة إلى أنه جهاز رشيق وعملي فمثلا إذا تعبت من مواصلة القراءة يواصل هذا الكتاب قراءة النصوص بالصوت الجميل الجذاب ومزود بجميع وسائط الصوت والصورة وبالإمكان تكبير الخط أو تصغيره أي أسهل للعين ومستخدمي النظارة الطبية للقراءة كما سيلغي مسألة القرصنة لأنه يعتمد على نظام إدارة الحقوق الفكرية التي تمنع القرصنة وقد يعودون إلى القرصنة بعد عامين عليه ولكن تكون لك حقوق أخرى لأن هذا البرنامج متعلق بالحقوق التجارية والفكرية واختلفت كثيرا عن ما كان في السابق بالنسبة للكتاب الرقمي أرخص كثيرا من الكتاب المطبوع الذي يكلف كثيرا كونه معتمدا على الأوراق والمطابع ومكاتب للتوزيع بينما هنا فقط المؤلف والناشر وصاحب الشبكة والقارئ والمصالح متناقضة ما بين صاحب الشبكة الذي يهمه أن ينتشر الكتاب بينما الناشر يهمه الحقوق بمعنى أن فيه تناقضا إلى حد ما، والموضوع فيه كثير من الصعوبة إلا أن هنالك جهودا وتحضيرات وقوانين كثيرة في أميركا وأوربا حول الموضوع باعتبار أن الجميع مستعد لشيء جديد سيظهر، وأنا قبل قدومي الآن من فرنسا علمت أنه كان هناك تقرير طلب الرئيس الفرنسي سركوزي من رئيس تحرير صحيفة «الليموند» التفاعلية لوضع مستقبل الكتاب الرقمي وما سيحدث له خلال السنوات القادمة والإعداد لمشاريع قوانين جديدة وعملت لجنة كبيرة سنتين حول الموضوع وظهر الكتاب في يونيو وكل الصحف تناولت الموضوع باعتبار أن هناك جديد قادم، وفي بريطانيا لجنة الناشرين نشرت تقريرا على الانترنت بعنوان (الكتاب الرقمي في الزمن الجديد) والتقارير كلها موجودة وتشرح الأمر كما هناك موقع أميركي ساخن جدا حول الكتاب الرقمي، والجميع في أوروبا وأمريكا مشغولون بهذا الأمر باعتبار أن هناك شيء جديد قادم خلال الأشهر والسنوات القادمة في موضوع الكتاب الرقمي، طبعا هناك عروض موجودة ولكن ليس هناك عرض ذكي مثل برنامج (آيتون) بالنسبة للموسيقى الرقمية ولكنها ستتبلور خلال الأشهر والسنوات القادمة وهناك عروض متنوعة جدا ففي فرنسا هناك مشكلة فمن أجل أن يعمل شخص رواية واحدة هناك ستة ألف مشروع رواية سنويا يختار منها واحدة وتترك البقية وتظل في خانات المكاتب وأي واحد قام بعمل موقع أي كتاب يضعه على الانترنت %20 لصاحب الموقع و %80 للكاتب وهذا له عيب رغم نجاحه الكبير وصاحب الموقع يحقق أرباحا سنوية ولكن يفقد ذلك الكتاب الميزة النخبوية فسابقا كان هناك انتقاء بدلا من وضع كل الكتب مع بعضها البعض دون انتقاء للأفضل، وهناك مواقع تنتقي الكتاب لكتاب كبار ويكون %50 للكاتب و %50 لصاحب الموقع والكتاب بنفس جودة الكتاب الذي يباع في المكاتب، وهناك مواقع مثل (أمازون) الامريكية التي هي أكبر مكتبة الكترونية عالمية، التي تقابلها (سناك) الأوروبية، ولكن الموضوع معقد لارتباطه بالحقوق الفكرية للكاتب وحقوق النشر ومشاريع القوانين الخاصة بها التي ما تزال محل جدل، بل أن سعر الكتاب اختلف بعد أن كان سعر الكتاب المطبوع محددا ومعروفا في المكاتب أما الآن فسعر الكتاب اختلف فإذا كنت ستقرؤه بالانترنت مع ظهور الإعلانات فيكون مجانا لأن قيمة الإعلانات تعوض قيمة الكتاب أما إذا ستقرؤه قراءة بحتة بدون ظهور الإعلانات فتدفع مبلغا واذا قمت بتحميله إلى جهازك للاحتفاظ به تدفع مبلغا أكبر وأيضا مواقع تعمل بدفع اشتراك شهري أو سنوي بهذه المكتبة الرقمية، والموضوع أكثر تعقيدا مراعاة للحقوق الفكرية والأمور المتعلقة بهذا المولود القادم لعالم الرقمية.

وبالانتقال إلى موضوع الديمقراطية وارتباطها بعالم الرقمية نجد مثلا في أوروبا منذ التسعيينات هناك مشاريع ترقيم كبيرة جدا لخلق قواعد بيانات ضخمة جدا لأهم المحاضرات والكتب العلمية وتسخر ملايين اليورو لهذا الغرض مما خلق تراكم قواعد بيانات للمواضيع العلمية والفكرية بضخامة وأصبح بإمكان أي شخص أينما كان مكانه الوصول إليها والاطلاع عليها والاستفادة منها.

في هذا الجانب فالترقيم في أوروبا يعود إلى أكثر من خمس عشرة سنة وأنا أقود أيضا مشروع ترقيم لبعض المواد المحددة وفرق كثيرة من أكثر من بلد تساهم والموضوع أصبح جزءا من حياة الناس في كيفية تحويل المعارف والعلوم والأفكار وكافة البيانات إلى الرقمية ومع الصورة والصوت وهذا مرتبط بشكل أساسي بالديمقراطية وروحها في إيصال المعرفة إلى أوسع مجموعة من الناس وبأسهل من ذي قبل.

وهناك أيضا مخاوف فعندما شاهدت القوانين الجديدة للكتاب الرقمي لمحاصرة القرصنة يبدو أن هناك مشاريع لتحويل الكتاب الرقمي بحيث يصبح مرتبطا بمساحة معينة محصورة بأوروبا وأميركا وإلى آخره والخوف من هذا في أن يتنافى ذلك مع طبيعة الانترنت المفتوح للجميع في هذا الكون بمختلف أرجائه ولكن الموضوع لم يحسم حتى الآن.

وبالانتقال إلى واقعنا العربي نجد أن كل تلك الأشياء ضائعة جدا وجميعنا يعرف أن التعليم لدينا من أسوأ ما يمكن وتقارير اليونسكو تؤكد أن المجتمع العربي أقل المجتمعات إنتاجا للمعرفة، والكتب التي تترجم نادرة العدد وبنسبة لا تكاد تذكر فواحد من ألف من أمهات الكتب فقط ترجمت، بالإضافة إلى غياب ترجمة كل الكتب العلمية والكتب التقليدية، إضافة إلى التعليم الغيبي اللا علمي التعليم العقيم والمستوى الباهت للمدرس مقارنة بالمقاييس الدولية، فالمدرس في الجامعات كما لاحظت غالبا غير مؤهل أصلا لأن يكون مدرسا وهو غائب عن كل جديد ويدرس أمورا استخدمها من فترات بعيدة سابقة فيما على الجانب الآخر من العالم حيث ثورة الترقيم الأمور تسير بسرعة فائقة والمساحة بين العالم ستزداد بشكل كبير جدا فإذا كان سابقا السباق بين سلحفاة وأرنب فما بالنا الآن وهذا الأرنب صار مزودا بجناحين ودينامو يدفعه بقوة صاروخية والسلحفاة لدينا على بطئها فقدت أيضا أرجلها، ولا يوجد أي جديد ولا توجد أية مشاريع عربية رقمية عدا عدد لايذكر لمواقع بدائية باهتة، إنما في دول الخليج الإمكانيات ضخمة وقد قامت دبي مؤخرا بعمل مشروع بقيمة عشرة مليار لتحسين التعليم العربي واليمن لم تساهم فيه إطلاقا ولم تجب بأي رد لأنهم لا يفكرون في الموضوع بشكل علمي ولا يفكرون بملء البيانات بطريقة علمية وإلى آخره كما هو مطلوب للمشروع، والموضوع أصبح أكثر من مؤلم وإن كانت كلمة مؤلم قد تم تجاوزها فواقعنا كان مؤلما سابقا أما الآن فقد تجاوزه إلى مأساوي، ومستوى الطالب الخريج من هنا لا يستحق أن يقال بأنه مستوى جامعي خاصة في الجوانب التكنولوجية والعلمية غالبا».

> حسن بن حسينون، مداخلا: «نشكر الناشرين الأستاذين هشام وتمام باشراحيل ومنتدى «الأيام» لإتحافنا دائما بندوات ضافية، وأرحب بالبرفيسور والروائي حبيب عبدالرب سروري، الذي تعرفت عليه من خلال رواياته الجميلة خاصة ثلاثية (دملان) وما تمتاز به رواياته من أسلوب متميز ولغة فريدة وتصوير خلاب، والبرفيسور حبيب هو موهبة نادرة من المواهب الموجودة في عدن وكثير من المواهب في تاريخ عدن لم تأت عبر المدارس ولكن أتت عبر اللقاءات والمنتديات والعلاقات كون مجتمع عدن نسيج اجتماعي مترابط متراحم وكثير من المبدعين ظهروا في الفترات الماضية سواء في مجالات الأدب أو الفن نتيجة لتقاربهم ومثل هذه المنتديات، فإذا كانت هناك إمكانية للبحث عن المتفوقين في مختلف المحافظات وتدريسهم هذه التقنيات العصرية الرقمية بحيث يتم تأهيل ولو عدد صغير في البدء ومن ثم تتوسع الدائرة بمساعدة البرفيسور حبيب سيكون لذلك أثر إيجابي بالتأكيد».

> البرفيسور والروائي حبيب عبدالرب سروري: «بالنسبة لي أنا حاليا في إجازة صيفية أقضيها حاليا في عدن، ولكن إذا وجهت لي دعوة من اليمن وبالذات من عدن بالتأكيد سوف ألبيها بشغف وحب لأنني منكم وأنتم جزء مني والجميع يعرف علاقتي الحميمية بكم ولا أشعر إطلاقا بأنني أغادركم بل دائما بين الجميع يوميا، وطبعا أتسلم دعوات وغالبا من صنعاء مؤخرا وألبيها ومؤخرا دعيت من صنعاء لثلاثة أسابيع وكنت طوال الوقت هناك وكنت أبحث عن من دعونا لأجتمع بهم ونبدأ العمل إلا أنهم يدعون الشخص ويتركونه في مهب الريح وهذه مسألة قديمة وطويلة.

بالنسبة لرواية (دملان) فقد تم طباعتها قبل أسبوع في دار الآداب في بيروت طبعة فاخرة واهتموا بها اهتماما خاصا حيث طبعت بأعداد كبيرة ووزعت توزيعا كبيرا في كل العالم العربي وقدموها باسم دار الآداب لأشياء كثيرة ونفس الأمر رواية (عرق الآلهة) التي طبعت وقدمت باسم دار رياض الرئيس لأكثر من شيء.

وعودة لموضوع الرقمية فكما قلت الموضوع جديد، وكما تطرقنا سلفا السؤال دائما: ما هو مستقبل الكتاب الرقمي؟ وغالبا ما يجاب عنه في عالمنا العربي بإجابات لا علمية وغيبية وتكهنات، الذي سيحصل بالضبط في رأيي أمران، الأول أن يواصل الكتاب الرقمي تطوره بسرعة أكبر كوننا سنتمكن من قراءة ملايين الكتب والبيانات بواسطة جهاز صغير تحمله معك أينما كنت وبمميزات رائعة لكنه لن يلغي الكتاب المطبوع تماما مثل الطفرة التي أحدثها التلفزيون إلا أنه لم يلغي الاذاعة، والثاني أن يكتسح الكتاب الرقمي الكتاب المطبوع اكتساحا سريعا جدا ومفاجئا مثلما اكتسحت الموسيقى الرقمية الموسيقى التقليدية ولذلك يتم حاليا تهيئة قوانين في المجتمعات الأوروبية والأمريكية يتم التهيئة سريعا للمواضيع باعتبار أن مكتبات تقليدية ستغلق باعتبار أن الكتاب الرقمي سيكتسح الكتاب المطبوع، وفي رأيي أن ما سيحصل بالإمكان تلخيصه باستعارة بسيطة هي أن الكتاب المطبوع لن ينتهي بشكل نهائي وسيظل مثل الموسوعة التي نحتفظ بها في منازلنا ونورثها لأطفالنا وسيظل للحفظ ولكن سيفقد قيمته كوسيلة للمعرفة واستعارتي المفضلة هي الأطلس فكما قلت لا يمكن أن أفرط فيه لجمال طباعته وصفحاته لكنه قد عفى عليه الزمن والعالم يتغير وكذا الأمر بالنسبة لخارطة معلقة بجدار في منزلي لا يمكن أن أفرط فيها لكن هناك برنامج رقمي يقدم لي البيانات الحديثة والمعلومات الكافية».

> د. حميد قباطي، مداخلا: «نحن الشعوب العربية أكثر الشعوب استخداما للأوراق وتصوير الأوراق وتدخل أي مؤسسة إدارية في المجتمعات الأخرى المتطورة تجد التواصل بالكمبيوتر ولا أحد يكتب التوجيهات مثلا على الورق لتذهب لمتابعتها في دوامة مرهقة، وصل إلى حد الانتخاباب في عدد من الدول الاسكندنافية يتم الانتخابات عبر الانترنت حتى الطلاب يسجلون الملاحظات على جهاز الجوال أو الكمبيوتر، بينما نحن الأمور مازالت محلك سر، الارشيف في الدول المتطورة عبارة عن مجموعة كمبيوترات فيما نحن أرشيفنا آلاف الملفات وهذا ليس لدينا فقط في اليمن بل في العالم العربي جميعه وغير قادرين على مجاراة التطور المذهل للثورة الرقيمة في العالم المتطور».

> البرفيسور والروائي حبيب عبدالرب سروري: «فعلا تعليم الكمبيوتر للأطفال صار أساسيا في التعليم في أوروبا وأميركا، ولدينا طلاب في الجامعة لا يعلمون شيئا عن الكمبيوتر، والفجوة واسعة والفرق بين عالمين لا يمتان لبعض بصلة.

«الأيام» صحيفة رقمية متطورة جدا، والذين يتصفحون الصحيفة الرقمية لـ «الأيام» أعدادهم تقدر بالملايين، والنجاح الرقمي يدعم النجاح للصحيفة الورقية كونه يزيد من ارتباط القارئين بها ويوسع انتشارها».

> المحامي بدر باسنيد، مداخلا: «أنا أشوف أن المشكلة ليست في تعليم التلاميذ الكمبيوتر إنما تكمن المشكلة في النظم العربية ومنها هذه البلاد لو سمحت بتعلم هذه المعارف وهذه التكنلوجيا بالتالي ستسمح بدخول المعرفة منذ الصغر لعقولهم وهذا ليس من مصلحة هذه الأنظمة.

المعرفة وحرية التعبير عن الرأي ومعرفة العلوم والتكنلوجيات الجديدة ستؤدي إلى نهاية كثير من الأنظمة الخاطئة الفاشلة، ولكي يستمر هؤلاء في الحكم لابد أن يستثنوا هذه المعارف، ولكن كما قلت التطور الآن يمضي بشكل سريع اليوم أو غدا لابد أن تصل قناعات الناس بضرورة تعليمها لأطفالهم أما الآن لا أتصور أن معلومات البرفيسور حبيب يمكن أن يستوعبها طالب الجامعة حتى إذا حاضرته آلاف المرات فهذه أمور ينبغي استيعابها من الصغر لكن في سن الشباب فالشباب في الدول العربية وخاصة في اليمن بعد سن العشرين تبدأ تتكون لديه قناعات سياسية فينحاز لجهة ضد جهة وفكر تقبل المعارف والعلوم الجديدة أصبح صعبا لديه لأن عقله قد انغلق لكن صغار السن يستطيعون استيعاب الجديد إذا سمحت السلطات، وهذا السماح بمعرفة المعلومات والتكنولوجيا الجديدة ليس لصالح الأنظمة المتخلفة.

كلامك جميل وكنا نشعر سابقا أن اليمن متخلفة يمكن مليون سنة إنما الآن نقول مليار سنة فأنا لم أكن أعرف هذه المعلومات إلا منك الآن، وإذا ذهبت الآن للبحث عن كتاب معين ومعلومة معينة في مكتبات عدن لن تجدها، وأنا مرة كنت في القاهرة واشتريت كتبا حول برنامج الويندوز على أساس قراءة شيء جديد ووجدتني الآن بعد ما سمعته منك قد قرأت عن أمور أصبحت قديمة جدا في عالم الرقمية المقبل على الكتاب الرقمي.

وقبل أيام قادتني الصدفة إلى اختبار عملي لأهمية ارتباط الرقمية بحياتنا فقد كنا نذهن جدران منزلنا بالطلاء الذي انتشرت رائحته النفاذة التي تحسس منها عدد من أفراد العائلة وأخبرنا ولدي أن الخل يبعد رائحة الطلاء وعندما سألته كيف عرف بذلك أخبرني بأنه بحث على الانترنت عن حل لإبعاد رائحة الطلاء ووجد معلومة بأن الخل هو الحل وكانت معلومة صحيحة، إذن المعارفة الرقمية في الانترنت أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتنا ولا بد أن نطالب بإتاحة الوصول إليها وإيصالها لأبنائنا، ولكن نرى العكس فالأنظمة العربية لا تتيح ذلك بل أن أنظمة عربية تحارب الشباب الذين قاموا بإنشاء مواقع الكترونية للمعرفة».

> البرفيسور والروائي حبيب عبدالرب سروري: «كلام العزيز بدر كلام جذري وفي العمق وأنا متفق معه فيما قاله، فالحديث عن ثورة الرقمية في واقع مثل واقعنا كمن يقول نكتة في مقبرة، ولكن أنا تعمدت أن أتحدث عن أشياء انطلاقا من ضرورة استشراف القادم والتعرف عليه وبدلا من أن تأتي الصفعة مفاجئة الواحد يتنبه لها.

وما قلته بالضبط في العمق أن الانظمة في الوطن العربي بشكل عام وفي اليمن بشكل خاص مع الجهل وتنشر الجهل وتعليمهم هدفه خلق أناس لا يفكرون، تعليم هدفه أن يجعل المرء حمار بامتياز، وهذا الواقع، وليس كذلك فحسب ففاقد الشيء لا يعطيه فماذا تتوقع منه غير أن يكون هدفه بقاء الجهل من أجل بقاء الواقع المتخلف والعنف وإلى آخره، وما قلته في الصميم وأنا متفق معه وبالنسبة لطفلك الصغير فكل أطفال أوروبا بهذا الشكل يفكرون يوميا بالانترنت ويتزودون بالمعرفة والمعلومات الصحيحة والمفيدة عبر الانترنت ومحركات البحث التي تقدم لك المعلومة مكتوبة وبالصورة وبالصوت، جيل رقمي يمتلك تفكيرا عمليا ومنذ الطفولة وبالنسبة إليه الموضوع طبيعي وأكثر من أي جيل آخر لم ينشأ منذ طفولته على تكنولوجيا الكمبيوتر والمعارف الرقمية.

الواقع معتم وخارج عن إرادتي وما قلته جزء بسيط من محاضرة كنت أنوي أن ألقيها في مؤتمر الرواية الذي دعيت إليه كضيف شرف وأنزلوني في فندق تاج سبأ والطائرة على حسابهم وعندما أتيت أريد أن ألقي هذه المحاضرة رفضت، ومن ذلك أقول لك إن الجهل معشعش، الممثل والمدافع عن الثقافة والذي بيده افتتاح مؤتمر مثل هذا فقط لأنه فقط وجوده لأنه في الحزب الحاكم لأنه وجود قبلي لا أكثر من ذلك وليس لديه أي شرعية ثقافية، الواقع بهذا الشكل. الواقع مغلق تماما والمرء لديه آلاف الأحلام لكنها أحلام يواجهها جدار بشع يواجهها كابوس مريع.. والكلام طويل».

السيرة الذاتية للبرفيسور والروائي حبيب عبد الرب سروري

- المهنة: بروفيسور في علوم الكمبيوتر منذ 1992، كاتب وأديب.

- النشأة والدراسة:

- من مواليد حي الشيخ عثمان في عدن في 15 أغسطس 1956 من عائلة دينية شغوفة بالأدب. كان والده تلميذا للعلّامة الشيخ قاسم السروري. تأثر كثيرا بحبِّ والده للعلم والمعرفة لاسيما بتفانيه في قراءة كتب التصوف والتوحيد والفقه والتفسير، وبانهماكه العشقيّ بقراءة الأدب وكتابة الشعر. درس على يدي والده مبكراً قواعد اللغة العربية وبلاغتها وبعض كتب الفقه والتفسير.

- مرَّ الدراسة الابتدائية في المدرسة الشرقية بالشيخ عثمان (عَدَن)، والدراسة الإعدادية (متجاوزا إحدى سنواتها الثلاث) في المدرسة الإعدادية بالشيخ عثمان، والثانوية في ثانوية عَبُّود (ثانوية دار سعد، عَدَن).

- أدى الخدمة الوطنية مدرِّساً للرياضيات في إعدادية الشيخ عثمان.

- نشرت أولى قصائده في مجلة «الحكمة» اليمنية في 1970، وكذا في صحف يمنية أخرى منذ ذلك العام.

- توجَّهَ للدراسة الجامعية والعليا إلى فرنسا في 1976. درس السنوات الجامعية الأولى في جامعة روان (المجاورة لباريس) في الرياضيات التطبيقية، ثم تخصص في علوم الكمبيوتر. مرَّ البكالوريوس في كلية العلوم التطبيقية بجامعة روان في يونيو 1982 في الرياضيات التطبيقية (قسم الكمبيوتر)، ثمَّ الماجستير في يونيو 1983 في جامعة باريس (6)، كليّة العلوم التطبيقية، جميعها بامتياز.

- حصل على شهادتين في الدراسات العليا بعد الماجستير:

-1 شهادة الدكتوراه (PhD) في مارس 1987 من جامعة روان (فرنسا). كان عضوا أثناء ذلك في «مختبر المعلوماتية النظرية والبرمجية» التابع لجامعتي باريس السادسة والسابعة، وجامعة روان. تركّزت أطروحة الدكتوراه حول نتائج جديدة لحل «المعادلات الكلماتية» وتصميم وبرمجة واستخدام خوارزمية ماكانين لحل المعادلات الكلماتية التي ظلَّت عشرات السنين معضلةً علميةً مفتوحة دون حل، واعتبرت دوماً إحدى أصعب الاشكالات النظرية العلمية الأكثر غموضاً وتعقيداً وعمقاً في علوم الرياضيات النظرية، ولها تطبيقات عملية متنوعة لاسيما في علوم المنطق والذكاء الاصطناعي.

-2 شهادة دكتوراه «التأهيل لقيادة الأبحاث» (Habilitation to Supervise Researches)، في يناير 1992، التي تسمح للتحول إلى بروفيسور جامعي، أمام لجنة دولية من 7 مشرفين تضمنت بعضاً من كبار علماء الرياضيات التطبيقية والكمبيوتر كالبروفيسور الروسي ماكانين، البروفيسور الفرنسي كولميروير (صاحب لغة برولوج)، والبروفيسور الأمريكي جاك كوهين، والبروفيسور جون فرانسوا بيرو، البروفيسور كيرشنير، البروفيسور بيكوشيه، البرفيسور جوراليتش... تركزت الأطروحة حول مجموعة أبحاثه الجديدة في:

المعادلات الكلماتية، نظام ديناميكي جديد لبرمجة جدول أعمال المصانع، لغة أبحاث كمبيوترية جديدة.

- ظلَّ منذ ذهابه لفرنسا في 1976 وحتى 1992 يزاول كتابة ونشر الأدب، لاسيما الشعر، بين الفترة والفترة، إلا أنه منذ 1992 أعطى وقتاً أكبر للكتابة الأدبية لاسيما الروائية بالفرنسية والعربية.

- الأعمال التي تولّاها:

- اشتغل عقب الماجستير وحتى سبتمبر 1988 مهندس أبحاث في مركز «نقل الأبحاث النظرية للمجالات الصناعية» في جامعة روان.

- صار في أكتوبر 1988، بعد الحصول على شهادة الدكتوراه الأولى (PhD)، أستاذاً مساعداً في علوم الكمبيوتر في المعهد القومي للعلوم التطبيقية في روان (وهو شبكة من خمسة معاهد قومية في عموم فرنسا، يتم الدخول لها عبر نظام مسابقات للمتفوقين على مستوى فرنسا، ويخرج فيها حوالي عشرة في المائة من كبار المهندسين في فرنسا).

- تقدّم مباشرة بعد مرور شهادة الدكتوراه الثانية (دكتوراه «التأهيل لقيادة الأبحاث») لنيل مقعد بروفيسور في بعض الجامعات الفرنسية. جاء مركزه الأول في جميع الجامعات التي تقّدم لها (كان، الهافر، روان...). اختار المعهد القومي للعلوم التطبيقية في روان كونه يساهم في قيادة بعض فرقه العلمية وبسبب الظروف العلمية المتميزة فيه. صار بعد ذلك بروفيسوراً منذ اكتوبر 1992 (بعد 4 سنين فقط من تعيينه أستاذاً مساعدا). بدأ عمله برفيسوراً جامعياً وعمره 36 سنة.

- يشرف حالياً على قيادة الأبحاث والفرق العلمية، وعدد من أطروحات الدكتوراه، كانت أوّلها أطروحة دكتوراه ماريان ماكسيمنكو التي بدأتها في 1991.

- يشرف منذ 1992 على إدارة تدريس الكمبيوتر في قسم هندسة الرياضيات التطبيقية والكمبيوتر في المعهد القومي للعلوم التطبيقية.

- لم يتوقف منذ 1988عن إلقاء المحاضرات والدروس العلمية بدعوة من بعض الجامعات والمختبرات العلمية داخل وخارج فرنسا.

- المؤتمرات العلمية التي شارك فيها:

قدّم أكثر من 50 بحثاً علميا متخصصاً في المؤتمرات الدولية والمجلات العلمية الدولّية المحكَّمة.

وعدد كبير من المحاضرات والأبحاث في المجلات والمؤتمرات العلمية الداخلية. ساهم في الإشراف على تنظيم وإدارة عدد كبير من المؤتمرات العلمية الدولية، وكذا التقرير حول عدد كبير من الأبحاث العلمية المقدّمة للمؤتمرات والمجلات العلمية الدولية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى