قصة قصيرة .. ســــراب

> «الأيام» نشوان محمد العثماني:

> أنا الآن أشرب سيجارة.. تخيلوا!! .. لا أكذب إطلاقا.. ماذا دعاني؟؟.. عند الحادية عشرة مساء، وفي يوم فرض الاحتفاء به..!! داهمني ميول تواق أنشاني.. أجبرني على إجراء التجربة!!

أصيخوا سمعكم.. سر لم أكشف عنه..

في البقالة.. ذهبتها راجلا:

- معك (كوثر)؟

- نعم

-و(ويفر)؟

-نعم

- وأعطني حليب بقري صغير.

أنا شغوف بتقبيل شفتي للسيجارة، واحتضان رئتي للدخان.. بيني، ونفسي..همهمت، ليسمع، (وكأن صديقي طلب ذلك).

- هممم.. ماذا طلب مني؟؟.. أي نوع؟؟..آه.. معاك سيجارة كمران أبيض؟

- ربما لعلمي أنها خفيفة على المدخن المبتدئ.

- نعم

- بكم الحبة؟

- بعشرة.. الاثنتان بخمسة عشر ريالا.

- هات حبة.. لالا.. خليها اثنتين.

وسرت أسبق شغفي

وصلت غرفتي.. صعدت إلى الطابق الرابع.. زفيري يندفع أمامي، لكأنما رئتاي قد صدأتا من التدخين.

قعدت على فراش وثير.. ربما.. وحوالي صحف ومجلات، كتب.. لا أريد الإفصاح عنها.. وضعت قميصي على النافذة، وانكفأت أنظر ميول شغفي.. ظل يداعب قفصي الصدري يريد استنشاق الرغبة.

مسكتها وأولعت النار.

قد لاتتصورون.. أدارت رأسي دوخة.. حسبت الدم فارق وعيي.. خمنت شيطان أمي يراقبني، لأتلقى منه صفعة سلبتني إدراكي.. استشعرت ما معنى أدخن!!

لكني مصمم على خوض الرغبة، لكي لاتدعوني عند رؤية أي مدخن إلى اختلاقها..

أصبحت بين شفتي.. ومن أسفل شفتيها راودها اشتعال صغير.. وبدأ استنشاقي يفسح الطريق، لدخول نار سرابية هادئة.

تفننت في إخراح السراب من أنفي تارة، ومن جانب شفتي تارة أخرى، ولكم أبدعت في وضع السيجارة بين إصبعي.

وابتدع شغفي طلبا آخر.. في قرارة نفسي لو وجدته، لاكتملت التجربة.

لم يبق سوى حضن امرأة.. أوه.. ما أبدعه مشهد.. لكن ماذا لو رآني أبي؟؟ افترضا..

وعاد يلح في طلبه:

حصلت على السيجارة بسهولة.. باقي (...).. حضنها، وما أدراك كيف!! أين ذكاؤك؟؟ حيلتك؟؟

سمعت صوتا حثيثا:

هل جن عقلك؟؟ أم سحرت؟؟ ماذا دهاك؟؟ اعتبرها نزوة، وكف حالا.

استرهفت منبعه.. يفاجئني آخر:

خذ حريتك.. والحياة تجربة..

يااااه.. داهمني ثالث:

إياك أن تعود لمثلها يا رشيد.

وخاطبتني أصوات مالها من آخر.. كالدخان الذي أنفثه.. عمت في بحر نعاسي.. صرعتني أوهام المنام.. واستدعيت للجلوس في قفص الاعتراف.. أمام محكمة الاتهام.. قيل لي إنها غير موجودة في كوكبنا.. ظلت سرابا يعتلي سماءً مجهولة كدخان سيجارتي بالضبط.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى