كـركـر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

> أشاعت الانقلابات العسكرية في العالم الثالث.. أن الشعب هو المعلم وأن الشعب هو القائد.. أي أن الانقلابات لم تقم بها مجموعة من العسكر.. وإنما قام بها الشعب.. ووكل عنه هؤلاء العسكر.. فالشعب هو الملهم.. وهي أكذوبة لم يصدقها أحد.. لا الذين قاموا بالانقلاب صدقوها.. ولا الشعب صدقها.. فالشعب في مفهوم هؤلاء الانقلابيين الجدد هو كل إنسان جاهل فقير حافي القدمين عاري الجسم.. أو أية مجموعة من الناس يتظاهرون ويصرخون ويهتفون للحاكم الجديد الذي جلس على كرسي العرش.

> وهكذا مضت الانقلابات في العالم الثالث تقول إن صاحب المصلحة الحقيقية في الانقلاب هو الشعب.. الشعب المسكين الذي لايقرأ ولايكتب ولايفهم.. ولايريدونه أن يفهم.. وقضية القضايا في العالم الثالث هي الخبز.. والخبز هو قوت الإنسان الذي لايستطيع أن يستغني عنه الصغير والكبير.. ولكن السلطة في العالم الثالث كأنها تريد أن تقول للناس لاتأكلوا الخبز.. وأن تكون لديهم إرادة من حديد.. فلا يأكلون الخبز ولايذوقون اللحم والسمك.. ولايطعمون الرز.. وكأنهم في حالة حرب من أجل الطعام.. وكأن السلطة لم تعرف بأنهم في حالة حرب فعلا مع الفقر والمرض والجهل.

> ومن المؤسف جدا أننا قد تعودنا على الكذب والمغالطة وعدم مواجهة أنفسنا.. ونتجنب قول الحقيقة.. فالحقيقة ضائعة تائهة.. لماذا؟ لأننا غارقون في مشاكل العالم.. نحاول أن نرأب الصدع.. ونوقف القتال والدمار والخراب في فلسطين والصومال.. ونتقدم باقتراحات لإصلاح الجامعة العربية.. وأخرى لحل المشكلة اللبنانية.. وهذا شيء جميل.. ولكن يحدث ذلك كله لكي نخفي عن عيوننا مشاكلنا الداخلية.. اختطاف وقتل السياح الأجانب.. وتهريب الديزل والأطفال.. ونهب الأراضي والغلاء وحقوق المتقاعدين.. والنزاعات القبلية وغيرها.. فالذي يهمنا هو أن نشغل الناس عن مشاكلهم.. بالاهتمام بمشاكل الغير.. مع أن الدولة عندها أولويات كثيرة في بناء المصانع وبناء المساكن لذوي الدخل المحدود.. وتقوية الكهرباء.. وتنقية المياه وتوفيرها.. وفي التعليم.. وفي توفير الأدوية في المستشفيات.. والقضاء على الفقر والبطالة.

> ولابد أن الشعب في عدن والمحافظات الجنوبية والشرقية فرحان بأن الدولة تولي اهتماما عظيما بإصلاح الطرقات وتعبيدها ورصفها بالحجارة.. ولكن الشعب الطيب لايدري بأن هذه العملية العظيمة ليست من ثروات بلادنا.. وإنما هي قروض من البنك الدولي.. ولاندري أيضا كيف تنفق هذه القروض فيما ينفع ولاينفع.. المهم أن نغرق في هذه القروض للبنك الدولي.. ولابأس بعد ذلك أن نمد أيدينا إلى الدول الشقيقة والصديقة نطلب منها المساعدات والهبات والعطايا.. ثم نسيء استخدامها فيما ليس ضروريا للشعب والوطن.

> ومن المؤسف أيضا أننا لانريد أن نتعلم من تجارب الشعوب.. «فعندما جاءت (أنديرا غاندي) رئيسة للوزراء اتجهت إلى الأقليات في الهند.. وأعطت خمس ولايات هندية حكما ذاتيا.. ومن بين هذه الأقليات التي تمتعت بالحكم الذاتي طائفة السيخ في ولاية البنجاب.. ورحلت أنديرا غاندي بسبب التعصب الديني والاغتيال والإرهاب.. وإذا كان هناك أناس يولدون عظماء.. وأناس يصيرون عظماء.. فأنديرا غاندي عاشت وماتت كذلك».

> نحن أولاد قابيل الذي قتل أخاه هابيل وسالت دماؤه على الأرض!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى