إن تعمدوا (إسقاط) الوحدة فالنهوض بها آت لا ريب

> مقبل محمد القميشي:

> ما أحوجنا اليوم وفي المستقبل إلى (وحدة ما يغلبها غلاب، تباركها وحدة أحباب توصلها من الباب للباب ولا حارس ما بين الاثنين). ومع ذلك لم تستمر الوحدة (الجمهورية العربية المتحدة) لذلك ستبقى (الوحدة العربية) الأمل المنشود. بالأمس كنا شطرين.. أو كنا في وطن واحد مشطور.. ثم سنحت الفرصة لأن يتم الإعلان عن وحدة الشطرين في 22 مايو 1990.

اليوم عاد الوضع إلى ما كنا عليه بالأمس، إذ نحن بحاجة ماسة أكثر من الأمس إلى وحدة بالأوصاف التي استُهل بها (مقالنا).. فوحدة اليوم ليست الوحدة المرجوة.. إذ إنها وحدة فاشلة بكل المقاييس.. هي وحدة شكل فحسب.

الوحدة المرجوة هي وحدة أهداف، أرضا وإنسانا، هي العدالة والمواطنة المتساوية، (ليس بالظلم) إنما بالحقوق والواجبات، وذلك أساس صمودها أمام كل الرياح والعواصف، إن واجهتها، وهذا لن يتحقق بالطرق الصحيحة، وليس باستغلال نفوذ السلطة للمصالح الخاصة دون المصالح الوطنية.

الوحدة المنشودة لا فرق في ظلها وظلالها بين مواطن ومسئول، مهما كبرت مسئوليته، الهيمنة في كنفها ممنوعة، بل محرمة، والقانون فوق الجميع، حتى إن لم تكن هناك اتفاقيات مبرمة إذا ما كانت ستحقق الأهداف المنشودة من الوحدة، فما بالنا لو بنيت الوحدة وتم إعلانها على اتفاقيات وأهداف مبرمة تم التوقيع عليها.. وهي بالطبع موثقة وبملحقاتها.

كيف فشلت على الرغم من ذلك؟ أقول فشلت لأن هناك حربا جرت بعد إعلانها، وبين الجهتين (الجنوبية والشمالية)، جناحي وحدة 22 مايو 1990، إن جرح أحدهما سقط (الجسد) برمته.

سؤال يجب الإجابة عنه بكل صدق وأمانة وشفافية ودون تحيز أو تعصب أو إنكار للواقع.. ولايهم تعدد وتنوع الإجابة أو تشعبها.

وإسهاما ومبادرة مني في الإجابة أقول: فشلت الوحدة.. لأن الوحدة كانت وسيلة للحرية.. حرية الرأي والتعبير، وليست وسيلة لقمع الشعب وقتله وتكميم الأفواه وتجهيز ملفات تحت مبررات واهية، وهكذا سياسة قديمة، ملف يغلق وملف يفتح.

الوحدة وسيلة لديمقراطية النمو الاقتصادي والاجتماعي.. وسيلة لاحترام حقوق الإنسان (المرأة والطفل والرجل)، وذلك ما لم يتحقق.

الوحدة قوة.. ذلك ما عرفناه.. فلماذا صارت الوحدة هي مصدر التهديد ومصدر المزايدات؟. الإجابة سهلة.. لأن هناك مدعين بها جعلوها شماعة لنهب خيرات الوطن وثرواته.. ما ظهر منها وما بطن.

جعلوها وسيلة لنبذ الشريك والاستئثار بالسلطة.. جعلوها ذريعة لسجن الشرفاء ومحاكمتهم.. جعلوها (مصنعا) لصناعة (البطل) الرمز الذي صار في خضم المعاناة منقذا للجميع من (السقط) وحارسا لوحدة بكل مقاييسها فاشلة.. ليست هي كوحدة، ولكن بممارساتهم كمدعين لها، وفرق بين من يدعي ومن يدعو إليها ويدعو إلى المحافظة عليها والتشبث بها وإسقاط رموز الفيد من كراسيهم.

ومن خلال هذا المنبر الحر.. سنظل نكتب ونكشف حقيقة من أسقطوا الوحدة في حرب 1994 ليتفردوا بالحكم، ويجعلوا الوحدة بكاملها غنيمة لهم.. مثلما جعلوا سبتمبر 1962 (الانقلاب) ثورة لمصالح قبائلهم ومشيخاتها.. حتى صارت الدولة والوحدة بعدها.. وسيلة لهم للمزايدة ولتسخيرها في خدمتهم وقمع كل من يتجرأ على فضح أو استنكار ممارساتهم الجهوية والمناطقية والعشائرية.. غير الوحدوية والثورية.

بعد ذلك لايجد المرء سوى النضال ضد الغزاة على وحدة 22 مايو 1990 حتى يسقط نظام رموز وحدة 1994 المعمدة بالدم، لأن الأولى هي مسعانا كشعب، على عكس الأخيرة التي لم تكن أكثر من انقلاب حفنة لم ترَ إلا مصالحها فوق مصالح الشعب والوطن.. لذلك إن فشلت الوحدة فإن النجاح لابد منه، وهو آتٍ لا ريب، فمن فشلنا نتعلم.. وتجارب الشعوب تؤكد أن الفشل أول خطوة على طريق ودرب كل نجاح.. وعلى جميع الشرفاء في هذا الوطن أن يتداركوا الأمر ويناضلوا في سبيل تحقيق الوحدة المنشودة دون خوف أو كلل من زنزانات السلطة تحت الأرض أو فوقها، ففي ظل وحدة القمع والظلم والسجون سنظل نعيش في دوامة الفشل المستمر إلى ما لانهاية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى