مزارع شبعا ليست نقطة مرجحة للتوترات في الشرق الأوسط

> شبعا «الأيام» اليستير ليون :

>
بالنسبة لمنطقة مضطربة بالشرق الأوسط تبدو مزارع شبعا التي تحتلها اسرائيل هادئة.

ويطل موقع للأمم المتحدة جنوبا على أشجار خضراء في واد مهجور يطوقه طريق دائري ترابي وسياج. ولا ترعى الماعز في العشب الأصفر على السفوح الجيرية التي تنحدر صوب الموقع.

فوق قمم الجبال على مبعدة بضعة كيلومترات تقوم القوات الإسرائيلية بعمليات مراقبة من مواقع حصينة تعلوها كميات كبيرة من الهوائيات.

ويصر قرويون لبنانيون أن هذه الأرض كانت لهم دوما قائلين إن لديهم وثائق تثبت هذا.

لكن مصير هذه الرقعة النائية من الأرض الواقعة بين لبنان ومرتفعات الجولان السورية التي تحتلها اسرائيل يتشابك مع محادثات السلام غير المباشرة بين سوريا واسرائيل والعلاقات بين بيروت ودمشق ومستقبل حزب الله كقوة مسلحة.

وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس في يونيو حزيران "الوقت قد حان للتعامل مع قضية مزارع شبعا."

غير أنه لم تظهر أي بادرة على حدوث انفراجة في قضية مزارع شبعا التي أصبحت أهم نزاع بين اسرائيل ولبنان بعد انتهاء عملية تبادل الأسرى بين حزب الله واسرائيل في يوليو تموز.

ويقول فارس حمدان وهو راعي أغنام (42 عاما) إن أسرته كانت تعيش في مزارع شبعا الخصبة قبل أن تحتل اسرائيل المنطقة عام 1967 الى جانب مرتفعات الجولان السورية. ومضى يقول "كانوا يزرعون القمح والعدس. كان لديهم التين والتين الشوكي وخيرات الله."

وأضاف حمدان الذي كان يجلس مع بعض من ابنائه التسعة امام منزله إنه سيعود الى هناك اذا أتيحت له الفرصة.

وتابع قائلا "في الشتاء لا تستطيع ماعزي العيش هنا لكن تستطيع العيش هناك... الزيتون لا ينمو هنا لكنه ينمو هناك."

لم يهاجم مقاتلو حزب الله الذين خطفوا ثلاثة جنود اسرائيليين من على الطريق الترابي عام 2000 محتلي مزارع شبعا منذ حرب عام 2006 مع اسرائيل وتولت قوات تابعة للأمم المتحدة وقوات لبنانية السيطرة على المنطقة الحدودية عقب الصراع.

ولم يكن على القوات الهندية التي تراقب القطاع في إطار قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) سوى التعامل مع عمليات تسلل من قبل الأغنام والماعز وفي بعض الأحيان من الرعاة.

وقال القائد الهندي الكولونيل جوربير بال سينغ "قد تقع حوادث تعبر فيها الماشية من جانب الى آخر. في بعض الأحيان تكون هناك مزاعم عن عبور رعاة أغنام...لكن هذه الحوادث قليلة وتجري على فترات متباعدة."

على بعد بضعة امتار الى الشمال من السياج توجد البراميل الخاصة بقوات الأمم المتحدة بلونيها الأبيض والأزرق التي توضح مكان "الخط الأزرق" المتنازع عليه الذي رسمته منظمة الأمم المتحدة عام 2000 حين قضت بأن اسرائيل أكملت انسحابها من لبنان بعد احتلال دام 22 عاما.

واعترض حزب الله على هذا قائلا إن مزارع شبعا لبنانية. واستشهد الحزب بالحاجة الى تحريرها كأحد الأسباب التي توجب احتفاظه بسلاحه.

ويتفق كل من لبنان وسوريا على أن الأراضي البالغ مساحتها 27 كيلومترا مربعا هي أرض لبنانية لكن البلدين لم يرسما حدودهما. وقالت دمشق هذا الشهر إن حدود مزارع شبعا لا يمكن ترسيمها الا بعد انسحاب اسرائيل.

وبعد حرب عام 2006 أرسلت الأمم المتحدة خبراء رسم الخرائط لمراجعة المزاعم المتضاربة لكن النتائج التي توصلوا اليها لم تعلن رغم انهم أكملوا عملهم العام الماضي وهو مؤشر على مدى تعقيد وحساسية القضية.

وخلال الصراع اقترحت الحكومة اللبنانية آن ذاك المدعومة من الولايات المتحدة والتي سعت للتوصل الى حل دبلوماسي للتغلب على ميل حزب الله للحرب أن تعيد اسرائيل المنطقة لتخضع لسيطرة مؤقتة للأمم المتحدة الى أن تستطيع بيروت ودمشق توضيح وضعها.

ورفضت اسرائيل الفكرة. وكانت قد رفضت فيما مضى مطالبة لبنان بمزارع شبعا قائلة إن الأمم المتحدة تعتبرها جزءا من مرتفعات الجولان السورية التي ضمتها الدولة اليهودية عام 1981.

لكن مارك ريجيف المتحدث باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت قال لرويترز إن النزاع على الأرض يمكن أن يطرح في أي مفاوضات مستقبلية مع لبنان او سوريا.

وتابع قائلا "نرغب في مناقشة اي قضية يريدون طرحها على الطاولة في إطار محادثات السلام مع لبنان."

وأضاف "من الواضح أننا حين نعقد محادثات سلام مع السوريين وآمل أن نجري محادثات مباشرة مع السوريين.. سيكون علينا الاتفاق في نهاية المطاف على حدود بين دولتينا وبالتالي يطرح الجانبان رؤاهما الخاصة بشأن الأرض على الطاولة."

وأجرت اسرائيل وسوريا محادثات غير مباشرة في تركيا هذا العام لكن إجراء مفاوضات كاملة يبدو مستبعدا قبل انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة وتولي قيادة اسرائيلية جديدة.

وقال حمدان راعي الأغنام إن القرويين اتفقوا على الابتعاد عن مزارع شبعا احتراما لقوات الأمم المتحدة لكنهم عقدوا العزم على استعادتها بالقوة اذا فشلت الدبلوماسية.

وأضاف حمدان الذي كان يرتدي حذاء عسكريا "اذا حلت اليونيفيل المشكلة لا بأس. واذا حلها حزب الله لا بأس. في النهاية نريد أراضينا."

قد تكون مزارع شبعا رمزا لمقاومة حزب الله للاحتلال الإسرائيلي لكن في قرية شبعا السنية القريبة يحذر البعض من الاعتماد على مقاتلين شيعة.

وقال محمد المصري (33 عاما) وهو رجل أعمال "لا نريد أن يحرر حزب الله المزارع لنا. نريد من الدولة اللبنانية أن تحررها سلميا."

على النقيض من معظم قرى الجنوب لا ترفرف رايات حزب الله هنا,وتحمل واجهات عرض الكثير من المتاجر صورا "لبطل سني" هو رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري الذي اغتيل وصور ابنه سعد الحريري الذي تعاني كتلة المستقبل التي يتزعمها من خلافات مع حزب الله.

وأضاف المصري "نحن ضد وجود حزب الله هنا. ما يهم بالنسبة لنا هو الشرعية والجيش اللبناني واليونيفيل... كفانا حروبا وقتلا."

(شارك في التغطية الين فيشر ايلان في القدس) رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى