علاج الشفة الأرنبية وشق قبة الحنك (3)

> «الأيام» د.أحلام هبه اللــه:

> بالرغم من أن علاج الشفة الأرنبية وشق الحنك يختلف في توقيته والطرق المستخدمة في تحقيقه من بلد الى آخر ومن مركز الى آخر الا أن الكثير من الباحثين قد أثبت مؤخرا الأهمية الكبرى التي يحتلها العلاج المبكر لشق الشفة والحنك باستخدام الصفيحة الأكريلية والتي يدعوها الكثيرون بسدادة الحنك. ويجب أن نشيرهنا قبل البدء في شرح تفاصيل العلاج، بأن العلاج يستغرق فترة طويلة من الزمن حيث يبدأ من اليوم الأول من الولادة وينتهي عندما يبلغ المصاب الثامنة عشر من العمر. ونظرا لذلك لابد أن تكون الأسر التي لديها أطفالا مصابين على دراية بذلك حتى لا يصيبهم اليأس والملل والضجر منذ السنوات الأولى من حياة ابنائهم ويتذرعون بالصبر والأصرار حتى يكتمل العلاج ويعلمون بأن الطب قد نجح في ايجاد العلاج الأنجع لمثل هذه التشوهات الخلقية.

ماذا يقصد بالعلاج المبكر؟

هو أول مراحل العلاج للمصابين بشق الشفة والحنك، وفيه يتم استلام المولود المصاب في مركز الشفة الأرنبية بعد تحويله من قبل طبيب النساء والتوليد المسؤول. يقوم اختصاصي التقويم بأخذ المقاس للفك العلوي الذي يحتوي على الشق ويصنع صفيحة أكريلية يلبسها المولود بأسرع وقت ممكن حتى يستطيع التعود عليها منذ الأيام الأولى من حياته ولا يتضايق منها ويعتبرها جزءا من جسمه.

للصفيحة الأكريلية ثلاثة وظائف أساسية هي:

1- تشكيل فاصل ما بين الأنف والفم والذي ينتج عنه

2- تسهيل الرضاعة عند المولود وتنظيم عملية التنفس من الأنف و

3- تحفيز الفك العلوي على النمو الطبيعي وبالتالي تصغير حجم الشق في سقف الحلق.

بعد لبس الصفيحة، يجب أن يأتي المولود للمراجعة كل ثلاثة أسابيع لفحص الصفيحة وطريقة لبسها ومدى تقبل المولود لأستخدامها، وكذلك ما اذا كانت الصفيحة بحاجة الى توسيع أو تبديل.

عندما يبلغ الطفل من العمر ستة أشهر تجرى له أول عملية جراحية لاغلاق الشفة، وهي عملية جراحية تختلف في صعوبتها حسب حجم الشق الموجود لأنه يكون عند البعض، كما ذكرنا في الحلقات السابقة أحادي الجانب وعند البعض الآخر ثنائي الجانب، كما يوجد شق صغير وشق كبير الحجم. ولا يتم في هذه العملية فقط اغلاق شق الشفة بل يتم أيضا رفع جانب الأنف التي يتواجد تحته الشق ليصبح شكل الأنف طبيعيا . وكما هو معروف فان كل عملية جراحية تترك وراءها أثرا، والأثر الذي يبقى بعد عملية اغلاق الشفة يتضاءل مع مرور الزمن، و في حال بقاءه واضحا ملفتا للنظر، توجد هناك دائما امكانية تجميل هذا الأثر بعد سن الثامنة عشرة. ويجب الا ننسى بأنه حاليا ومع تطور العلم والخيوط المستخدمة والدقة في اجراء العمليات الجراحية اصبح أثر العملية أقل ظهورا.

في هذا السياق نذكر بأن شعر الشارب عند الشباب - الذين هم اساسا أكثر اصابة بشق الشفة - يعمل على اخفاء أثر العملية ليكونوا بذلك أقل تأثرا من الناحية الجمالية من الشابات.

يتوقف استخدام الطفل للصفيحة الأكريلية عندما يحين موعد العملية الجراحية الثانية له وهي عملية اغلاق الحنك الرخو في عمر التسعة أشهر. وهي عملية دقيقة جدا يسعى فيها الجراح الى ايصال العضلات المسؤولة عن مخارج الألفاظ والتي تتواجد تماما في موقع الشق في الجزء الداخلي من سقف الحلق. اذا لم تتم هذه العملية بالشكل الصحيح تعذرعلى الطفل تعلم النطق الصحيح والواضح للأحرف. كما يحرص الجراح على الطبقة الأنفية والفمية كل على حدة في هذه العملية.

العملية الجراحية الثالثة هي عملية اغلاق الحنك الصلب الذي يقع في وسط سقف الحلق تماما، و تتم عند اكتمال بزوغ الأسنان اللبنية في العام الثاني من العمر، ولا يجب أن تحدث قبل هذا الوقت كي لا يتأثر نمو الفك العلوي سلبيا. فقد أثبت الباحثون في هذا المجال أن اجراء العمليات الجراحية لاقفال الحنك الصلب في وقت مبكر(قبل سن الثانية) يؤثر تأثيرا سلبيا كبيرا على نمو الفك العلوي، حيث تمنع الندبة المتكونة نتيجة للعملية، الفك العلوي من النموالعرضي و الطولي ( السهمي) مما يتسبب مستقبلا في حدوث تشوهات كبيرة في الاطباق عند المصابين بشق الحنك.

أما العملية الرابعة فهي عملية التعويض العظمي لمكان الشق على عظم الفك العلوي الذي يحمل الأسنان وبالذات عند السن الثاني تحت الأنف مباشرة. وهنا في هذا الموقع يحدث في الأغلب أن يغيب هذا السن نتيجة لوقوع الشق عليه فلا يتواجد عند الكثير من المصابين، لذلك يتم تعويض العظم في مكان الشق في سن الثانية عشر تقريبا وتحديدا بعد أن يكتمل بزوغ الأسنان الدائمة. يتم بعده تعويض السن بشكل مؤقت الى أن يبلغ المصاب سن الثامنة عشرليتم تعويض السن بشكل ثابت عن طريق الزراعة التي تعتبر الحل الأمثل في مثل هذه الحالات. كما يمكن تعويض السن من خلال التركيب الثابت وهو ما يعرف بالجسر أو التركيب المتحرك.

تنتهي بذلك العمليات الجراحية الأساسية أوالأولية التي يجب ان تجرى لأصحاب الشفة الأرنبية وشق قبة الحنك، وتبقى العمليات الثانوية التي تجرى عند الضرورة مثل تجميل الشفة، الأنف واغلاق اية فتحة في سقف الحلق لم تقفل بالشكل الكامل أو فتحت بعد اجراء العملية لسبب أو لآخر.

لايقتصر علاج المصابين بالشفة الأرنبية وشق قبة الحنك على الصفيحة الأكريلية والعمليات الجراحية بل يتجاوز ذلك الى علاج معقد آخر تفرضه المضاعفات المحتمل حدوثها عند المصابين بهذا التشوه الخلقي، نتناوله في الحلقة القادمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى