وللفن أسراره.. هل يولد الفن مع الإنسان؟

> «الأيام» فاروق الجفري:

> يستقبل الطفل الوليد الدنيا باكيا صارخا فكأنما يحيي العالم بصياح مرتب الإيقاع تتخلله سكتات منتظمة الفترات.

ولما كان هذان هما العنصران الأساسيان اللذان تتألف منهما الموسيقى، فإنه يمكن أن يقال إن الموسيقى تولد مع الإنسان، بل إن الصوت الإنساني هو العلامة الواضحة الدالة على الحياة، إذ يثبت الطفل بها عند ولادته دخوله الدنيا.

وقديما انشغل بعض المفكرين بتفسير أول صرخات الوليد، فمنهم من قال إن الطفل يصرخ لأنه يدرك أن الحياة مليئة بالبؤس والمشاكل، والبعض الآخر قال إن الطفل يصرخ لأنه يريد أن يتحرك فيفقده عجزه وتسلب منه حريته، ولكن الطب الحديث أثبت أن صراخ المولود الجديد مساعد لعملية التنفس، يأتيه المولود عفوا عن غير قصد ولا إرادة.

نعود مرة أخرى إلى التحدث عن هذا الصراخ الموسيقي، فقد أجرى كثير من علماء الموسيقى بحوثا عديدة في هذا السبيل بطريق تسجيل صراخ الأطفال على الأسطوانات وشريط التسجيل، فكانت النتيجة أن ظهر أن حدة الصراخ تختلف باختلاف المواليد، وتقع في العادة حول نغمة (لا)، وأما عدد النغمات التي يأتيها المولود عند صراخه فتختلف كذلك باختلاف الأفراد، أيضا بالإمكان قبل أن يتعلم الرضيع الكلام أن نعرف إذا كان ذا مواهب موسيقية أم لا، فقد لوحظ كثيرا أن الرضيع ذا الاستعداد الموسيقي يمكن قبل أن يتكلم أن يقلد أي صوت موسيقي سمعه، بشرط أن يكون هذا الصوت في دائرة الأصوات التي تشتمل عليها منطقة صراخه المختلف، وإلا كان التقليد فوق طاقته، أما تأثر الطفل بالموسيقى إجمالا فيختلف باختلاف الأطفال، فإن طفلا عمره ثلاثة أسابيع أوقف صياحه وسكت حين عزف له بالبيانو، وأن طفلا عمره ثلاثة أشهر كان عند سماعه الموسيقى يرفع رأسه متأثرا متلفتا في الغرفة عن مصدر العزف إلى أن تقع عيناه عليه فيظل يرقبه.

إن الموسيقى أقدم في العالم من الكلام، فهي كذلك في الطفل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى