المعمر فرج عبدالله بن حيد يروي لـ «الأيام» قصة حدثت قبل 70 عاما:نقل سيارة السلطان علي بن صلاح القعيطي من المكلا إلى القطن على ظهور الإبل

> «الأيام» محمد الحداد :

> قبل أيام أخبرنا الأخ سالم بن حيد من أبناء محافظة شبوة أن والده البالغ من العمر نحو 90 عاما يتذكر في إحدى رحلاته عبر القوافل مرافقته للقافلة التي قامت بنقل سيارة السلطان علي بن صلاح القعيطي من المكلا إلى القطن على ظهور الإبل في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي.. وبدورنا اتجهنا إلى مقر سكنهم بإحدى البيوت المؤجرة بضاحية الفرط بمديرية القطن بوادي حضرموت لنستمع إلى تفاصيل الرحلة.

فقد أخبرنا المعمر فرج عبدالله الرويمي بن معمر بن حيد بلعبيد من أبناء قرية الحزمرة بمديرية دهر محافظة شبوة.. «عندما كنت طفلاً أبلغ من العمر قرابة عشر سنوات كنت أرافق والدي وآخرين في رحلاتهم بقوافل الإبل من قريتنا إلى مناطق حضرموت وفي هذه الرحلة تحديداً تحركنا من قريتنا باتجاه أسفل رخية ثم إلى قعوضه والقطن وأثناء سيرنا التقينا ستة عشر من الجنود في القطن متجهين إلى المكلا معنا وعند وصولنا وادي العين رأينا أحد الجنود جالساً على قارعة الطريق فأخبرنا أنه مريض وأن زملاءه تخلوا عنه وذهبوا وهو في حالة يرثى لها.. فقمنا بإعطائه (حبّي) مكون من ثمار شجرة السدر (العلب) مسحوق يخلط مع الماء وبعد أن قام بشربه قال: الحمد لله لقد ارتحت.. فحملناه معنا على ظهر بعير للحاق بأصحابه.. إلا أنه قال لنا إنه لا يريد الانضمام إلى أصحابه الذين تركوه وحيداً في الخلاء.. وحينها كنت برفقة والدي رحمه الله وآخرين وهم بريك بن حسين بن بريك، سالم محمد بن بريك، ومجموعة من آل بذياب من قبيلة نهد وهم يعملون معنا في نقل الأفراد والمواد ضمن قافلة الإبل.. وتنقلنا من جبل إلى جبل ومن مكان لآخر حتى وصلنا إلى المكلا ولا أعرف كم يوماً استغرقنا في الطريق يمكن أسبوع أو أقل».

ويضيف المعمر فرج بن حيد: «بعد وصولنا إلى المكلا قال لنا الجندي الذي نقلناه معنا.. ابقوا هنا وأنا با أطلع إلى عند السلطان القعيطي، بعدها أحضر لنا قهوة وأكل، وقال لوالدي وأصحابه:إن السلطان علي بن صلاح القعيطي سيتوجه إلى القطن يريد من يقوم بنقله هل باتنقلوه؟

وأشار بيده نحو والدي وأصحابه، وقال على العقال الكبار أن يطلعوا معي إلى عند السلطان ليتفقوا معه.. وصعد والدي وبريك وسميتان بذياب واتفقوا على نقل الكيل بـ100 قرش والبهار من المواد الخفيفة بـ 90 قرش والسيارة عند قيام المهندسين بتفكيكها إلى أجزاء سيتم وزنها وفق هذا السعر وتحديد القيمة.

وقمنا بتحميل مواد السلطان وحاشيته المكونة من 20 فرداً والسيارة وتحركنا من المكلا باتجاه قصر السلطان في القطن».

ويستذكر المعمر بن حيد:

«وخلال الرحلة بكى طفل ابن إحدى الجاريات عند السلطان وهو راكب على ظهر البعير فقام والدي بإنزاله على الأرض فصرخ الطفل وبكى بعد أن أحرقته الرمضاء فصفعه والدي على خده.. ولم يغضب السلطان أو يأبه لذلك. وبعد إفراغ الحمولة في القطن تم ضيافتنا لعدة أيام وعند تسليم أجرة النقل وجدوا أن السلطان خصم من أجرتهم 6 قروش فسألوه عن ذلك الخصم.. فأجابهم: هذه جزاء قيام عبدالله الرويمي بصفع ابن الجارية.. وهذه الحكاية تؤكد رعاية السلطان للضعفاء وحمايتهم».

ويشير أيضاً أنه خلال وجودهم في ضيافة السلطان بانتظار قيام المهندس الذي أحضره السلطان معه لتركيب السيارة وبعد استكمالها وتجهيزها «عملوا سباق بين السيارة وحصان واندهشنا من سرعة السيارة قبل الحصان».

المعمر فرج بن حيد لا يتذكر تاريخ ميلاده، لكن أولاده يؤكدون أنه بلغ أكثر من 90 عاما قرابة المائة عام، وله 6 من الأولاد 3 أبناء و3 بنات وجميعهم متزوجون وله حفدة.. وأكبر أولاده عبدالله، يبلغ أكثر من 70 عاما وهو مغترب بالمملكة العربية السعودية وابنه الأصغر سالم في العقد الخامس من العمر ويهوى تربية الإبل.. ولعدم معرفة العام الذي تمت فيه تلك الرحلة اتصلنا بالأستاذ خالد عبدالعزيز القعيطي، حفيد السلطان علي بن صلاح، الذي أفادنا بالآتي:«إن العام هو 1936م ونوع السيارة هي دوج، وأن العملة المتداولة حينها الروبية».

المحرر:

أشارت الرحالة البريطانية فريا ستارك أنه خلال زيارتها إلى القطن 1935م ولقائها بالسلطان علي بن صلاح في القصر الذي شيده أبوه واستقبل فيه الرحالة (بنت) سنة 1893م «حين عرف أني أهتم بتاريخ بلده ترك الأسلوب الرسمي وبدأ يحدثني بطريقة عفوية عن العادات العربية المرتبطة بطرق التجارة القديمة».

ويقول الكولونيل فغن در ميولين عن رحلته إلى حضرموت صيف 1931م التي استغرقت ستة أسابيع «أن عوض مرتع سيأخذه بعربته إلى القطن.. وبن مرتع أحد التجار الذين عادوا من سربايا إلى منطقة هينن مسقط رأسه ( غرب القطن تتبع إدارياً لمديرية القطن) وشيد مع إخوته دارا للضيافة الذي يعد المكان الوحيد الذي يتوقف فيه الرحالة الأوروبيون في غرب حضرموت».

وهذا ما يؤكد أن التجار الحضارمة أدخلوا السيارات إلى حضرموت في السلطنتين الكثيرية والقعيطية وأول من قام بإدخال السيارة إلى وادي حضرموت هو السيد أبوبكر بن شيخ الكاف.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى