في ورشة عمل عن العلاقة بين الإعلام ومنظمات المجتمع المدني:معاناة مهنة الصحافة من الفقر والبطالة واستسهالها كوسيلة للابتزاز والتأكيد على ضرورة وجود مؤسسات إعلامية حرة تكون جزءا من مؤسسات المجتمع المدني

> صنعاء «الأيام» بشرى العامري:

>
نظم المرصد اليمني لحقوق الإنسان صباح أمس الأول ورشة عمل حول «العلاقة بين الإعلام ومنظمات المجتمع المدني من منظور حقوق الإنسان» بمشاركة نخبة من الإعلاميين وممثلي منظمات المجتمع المدني وناشطين حقوقيين.

وأشار د. محمد المخلافي رئيس المرصد إلى أن هذه الورشة «تأتي في سياق إعداد التقرير النسوي لحقوق الإنسان والديمقراطية، الذي يعد أكثر الوسائل نجاحا بين وسائل حماية حقوق الإنسان» مشيرا إلى أن مشكلة اليمن التي تتعدد وتتكاثر تكمن في غياب بنية دولة القانون.

ودعا الإعلاميين إلى إيصال هذه الفكرة إلى أكبر عدد من المجتمع وأوضح أن تقرير العام 2008م يركز في الجزء التحليلي منه على قضية الفقر والبطالة وخاصة الفقر البشري «وسيكون في التقرير ملف كبير يخص جانب الانتهاكات المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية»، داعيا نقابة المحامين «إلى تقديم ملفات خاصة فيما يتعلق بحقوق المتهمين وشروط المحاكمات العادلة».

كما اشار محمد علي المقطري المدير التنفيذي للمرصد إلى أن إعادة صياغة العلاقة بين الإعلام ومنظمات المجتمع المدني على جسور من الثقة والمصداقية والشفافية سوف تعزز قدراتهم وجهودهم كشريك أساسي في المساهمة الفاعلة مع الحكومة لتلبية احتياج المجتمع في التنمية الشاملة.

وقال:«إن المؤسسات الإعلامية ومنظمات المجتمع المدني تعمل في واقع مليء بالمعوقات القانونية والإدارية والواقعية ويتعرض النشطاء الحقوقيون والإعلاميون الذين يمارسون مهنيتهم بصراحة وشفافية وشجاعة للتضييق والاتهام، التي تصل إلى زج البعض في السجون خاصة عندما يتعلق الأمر بفضح الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أو نشر قضايا الفساد والتي يكون أطرافها قوى نافذة أو من رموز الحكومة».

مؤكدا أنها عوامل تستدعي تعزيز المشاركة بين وسائل الإعلام المختلفة ومنظمات المجتمع المدني بما يدعم رفع الوعي لدى المجتمع، وأضاف:«إن الحق في حرية الرأي والتعبير وتكوين المنظمات والحق في التجمع هو حجر الزاوية للمجتمع وإن التعرض أو التضييق أو الانتهاك لأي منهما يفتح المجال واسعا أمام انتهاكات حقوق الإنسان الأساسية الأخرى».

وتحدث رشاد الشرعبي عن «دور الإعلام في تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مشيراً إلى «وجود ثلاثة عوالم رئيسة وقفت وراء ضعف هذا الدور على المستوى اليمني أولها أن حقوق الإنسان كمصطلح ومفهوم بصورته الحديثة اعتبر كأداة من أدوات الغزو الغربي للأمة العربية والإسلامية والابتزاز السياسي لأنظمتها وشعوبها بما يحقق مصالح الغرب ورغباته ويعزز حضور قيمه وتصوراته وبحيث ظلت حقوق الإنسان تعتبر ثقافة ووسيلة غربية دخيلة على أمتنا ويراد من خلالها الإضرار بالاستقلال والسيادة والنيل من الدين والقيم والعادات والتقاليد.

ويتمثل ثانيا في تخلف اليمن في مجال الإعلام والقبضة الحديدية للحكومات عليه. والعامل الثالث أن حركة حقوق الإنسان اليمنية ركزت اهتمامها ونشاطها على الحقوق السياسية وربما بعض الحقوق المدنية وأهملت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولازالت القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية هي آخر الاهتمامات الإعلامية والصحفية وصراع الأحزاب وخلافاتها والشأن السياسي والحكومي والحزبي هو الحاضر الأكبر على صدر صفحات الصحف المختلفة وله النصيب الأكبر من ساعات البث التلفزيوني والإذاعي».

مشيرا إلى «وجود خطوات لابأس بها قطعها الإعلام اليمني في مجال تعزيز حقوق الإنسان خاصة الصحافة الأهلية الجادة منها والمهنية وبعض الحزبية» متحدثا عن واقع الإعلام اليمني.

وبالنسبة للصحفيين تحدث قائلا:«أداء الصحفيين تكبله قيود الوظيفة الرسمية في الإعلام الحكومي أو التوجهات الحزبية والإملاءات العليا في الإعلام الحزبي أو رغبات وميول الناشر ورئيس التحرير»، متطرقا إلى معاناة الصحفيين من فقرهم وسوء أحوالهم المعيشية «حيث مرتباتهم في الحكومي كمرتبات موظفي الدولة وفي الصحافة الأخرى من النادر ان يحصلوا على مايساوي مرتب صحفيي الحكومة وبعضهم يعملون بمرتب لايزيد عن عشرين ألف ريال كما يحرمون من حقوقهم المادية والمعنوية ولايحظون بأي امتيازات وما تكسبه الصحف المستقلة قد يمنح فقط الناشر ورئيس التحرير معيشة محترمة وحياة كريمة وبعض أقاربه ومقربيه».

وأشار أيضا إلى «معاناة مهنة الصحافة من غزو منظم أو بفعل الفقر والبطالة واستسهال المهنة كوسيلة للابتزاز، الذي يؤثر في وضع الصحفيين الجادين والمهنيين حيث إنها صارت ضحية لاختراقات المتطفلين عليها أو الباحثين عن مصدر رزق سهل عبر الابتزاز للجهات والأشخاص مسئولين ورجال أعمال أو المديح وإجراء المقابلات ونشر التصريحات مقابل مبالغ مالية ومكاسب مادية».

وتطرق الأخ أحمد الزكري إلى العلاقة بين الإعلام والمجتمع المدني موضحا أنها علاقة تكاملية وعلاقة تأثير وتأثر «ولكن بالنظر إلى الواقع في الغالب علاقة سطحية غير قائمة على رؤية بعيدة المدى وتمثل انعكاسا لواقع الطرفين».

مشيرا إلى «أن منظمات المجتمع المدني تعاني قيودا عديدة تحول دون قيامها بدورها الفعلي جراء استلابها استقلاليتها بنصوص قانونية والتضييق عليها من قبل السلطة واتهام بعضها بالعمالة والارتهان للخارج في حال بروز أنشطة لها لاتصب في اتجاه سياسة السلطة كما أن السلطة تنظر إلى الصحافة كأداة لتثبيت سيطرتها على المجتمع وتنظر لدور الصحفي على أنه مكمل لدورها ويصبح الصحفي من المغضوب عليهم إذا استقصى وبحث وانتقد»، وقال:«إن الإعلام في نظر بعض مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب ليس بعيدا عن تلك الرؤية الضيقة، فلا يراد منه سوى أن يعبر عن رأي تلك الجهات أو ينتقد باتجاه واحد وفق مقاييس محددة سلفا، كما تسود نظرة لدى البعض في المجتمع المدني إلى الإعلام كناقل لخبر أو حدث بعيدا عن تأثيره في هذا الحدث ويكتفي باعتباره شهادة توثيق حصل عليها من تناول إعلامي سطحي عن نشاطه أيا كان مستواه أو أثره»، مشيرا إلى «مساعدة وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية على تعميق هذا المفهوم الخاطئ».

وأوضح أن «اهتمام مختلف وسائل الإعلام بمنظمات المجتمع المدني يركز على تغطية الأنشطة بصورة سطحية دون متابعة أهم القضايا التي تثيرها تلك المنظمات»، موضحا أن «المحاولات القائمة للتنسيق بين مؤسسات المجتمع المدني وشخصيات إعلامية وأخرى ناشطة في المجال السياسي والحقوقي بدأت تخلق نوعا من العمل الجماعي ذي الأثر الإيجابي لكنها محاولات لاتزال محكومة بالعلاقات الشخصية أكثر من المؤسسية ولاتزال أنشطتها أقرب إلى ردود الأفعال والتحرك وفق مستجدات الواقع وليس برامج مدروسة»، مؤكدا على الحاجة الماسة «إلى إيجاد علاقة وثيقة قائمة على المؤسسية بين منظمات المجتمع المدني من جهة وبينها وبين الإعلام من جهة أخرى بما يساهم في نشر ثقافة المجتمع المدني ويحقق معنى الشراكة الحقيقية للمجتمع صاحب السلطة الفعلية بما يعمل على إزالة الصلة القائمة بين الطرفين على العلاقات الشخصية» مؤكدا أيضا «على ضرورة وجود مؤسسات إعلامية حرة تكون جزءا من مؤسسات المجتمع المدني.

كما تناول الأخ وضاح المقطري الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعمل الغائب عن أداء المجتمع المدني والإعلام موضحا أنه يتم إغفال مسائل الفقر والبطالة عند الحديث عن حقوق الأنسان «مع أن الجائع لايمكنه التفكير بحقوق سياسية أو مدنية ويصبح بإمكانه التخلي عن كافة حقوقه فيما عدا حق الحياة مقابل الحصول على فرصة عمل»، مشيرا إلى أن على الإعلام والمجتمع المدني خلق تحالف واسع النطاق من أجل الدفاع عن كافة حقوق الإنسان وتعزيز وخلق بيئة قابلة لاستيعاب مفاهيمها والعمل بها.

ودعا إلى التركيز على القضايا المهمة كقضايا الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي والمساواة بين الجنسين وتدريب الصحفيين على رصد انتهاكات الحقوق المذكورة وكيفية نشرها والتعامل معها إعلاميا والتنسيق بين المنظمات والصحف لإفراد صفحات تختص بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية ومناقشتها.

ودار في الورشة نقاش حول تشخيص العلاقة بين منظمات المجتمع المدني والإعلام وكيفية العمل على تطوير وتنمية الاتصال وتبادل الخبرات والمعلومات بينهما وبما يحقق دورهما في تشكيل وعي المجتمع ونشر ثقافة حقوق الإنسان وترسيخ مفاهيم الديمقراطية كهدف مشترك.

الجدير ذكره أن هذه الفعالية تنظم للسنة الثالثة على التوالي وهي امتداد للفعاليات التي ينظمها المرصد مع الإعلاميين ضمن أنشطته السنوية، وتهدف إلى إدراك أهمية العلاقة بين منظمات المجتمع المدني والإعلام وتكاملها في عملية حقوق الإنسان والديمقراطية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى