> بكين «الأيام الرياضي» د.ب.أ:

وقدم الصينيون صورة رائعة لبلادهم من خلال هذه الدورة الاولمبية التي كانت أكثر الدورات الاولمبية نجاحا على الاطلاق حسبما أكد جميع المشاركين وكذلك الضيوف بل ووسائل الاعلام التي حاول بعضها البحث عن أخطاء في التنظيم فلم تجد بالفعل.
وقدمت الصين صورة مثالية لما يجب ان يكون عليه التنظيم في الدورات اللاحقة بل إن بعض المشاركين وصف بكين بعد انتهاء هذه الدورة بالمدينة الفاضلة لأنها وفرت كل الامكانيات التي تضمن النجاح للدورة.
وما من شك في أن نجاح الصينيين في التغلب على إمكانية سقوط الامطار في حفلي الافتتاح والختام عن طريق استخدام صواريخ معينة لتشتيت السحب ضمن النجاح في بداية ونهاية الدورة. كما كانت المنشآت الرياضية التي وفرتها الصين عاملا بارزا في نجاح الدورة وتحطيم العديد من الارقام القياسية في عدد من المسابقات والسباقات بعد أن شعر الرياضيون بالراحة وابتعدوا عن المشاكل والشكوى فركزوا جميع جهودهم في التألق والتفوق.
وإذا كان ذلك هو حال المنشآت الرياضية فالأمر يفوق ذلك بمراحل بالنسبة للقرية الاولمبية التي قدمت معايير جديدة لما يجب أن تكون عليه القرى الاولمبية، وهو ما اعترف به جميع المشاركين أيضا حيث أكدت جميع البعثات أنها تشبه القرية السياحية بل إنها مدينة عالمية يتوافر بها كل ما يريده المرء بداية من دور العبادة ومرورا بالمطاعم وغيرها من أوجه الخدمات.
كما نجح المنظمون في بكين من خلال إجراءات عديدة وصارمة في التغلب على مشكلتين أخريين كانتا تؤرقان الجميع، وهما الزحام المروري والتلوث البيئي، حيث سجلت العاصمة الصينية بكين تطورا ملحوظا للغاية في الجانبين على مدار فترة الاولمبياد حتى أن المشاركين اعتقدوا بأن ما أثير سابقا عن هاتين المشكلتين كان مجرد شائعات.
أما الشيء الذي يتفق الجميع على صعوبة تكراره بالفعل في أي دولة أخرى بل يرى البعض تكراره مستحيلا فهو نظام المتطوعين الذي أظهر القدرات الفائقة للصين، فمن الصعب أن ينجح أحد مهما بلغت قوته في إقناع شعب بأكمله بالتطوع لخدمة الاولمبياد والمشاركين فيه على مدار هذه الفترة التي تغيرت فيها الكثير من السلوكيات ليظهر الصينيون الوجه الجميل لبلادهم أمام العالم كله. ولم يقتصر التطوع على هؤلاء الشبان والفتيات المتواجدين في جميع المواقع الاولمبية أو في المناطق والنقاط الارشادية ولكن امتد الامر لجميع افراد الشعب الصيني بالفعل، فحرص الكثيرون على سبيل المثال على ترك سياراتهم أمام منازلهم طوال فترة الاولمبياد حرصا منهم على تقليص حدة الزحام المروري طوال فترة الاولمبياد بالاضافة للمشاركة في تخفيف حدة التلوث البيئي.
والحقيقة أن المنظمين قرروا أن يقتصر المرور على أرقام معينة بشكل تبادلي كل يوم حيث تسير في أحد الايام السيارات التي تحمل لوحاتها رقما فرديا وفي اليوم التالي تسير السيارات التي تحمل لوحاتها رقما زوجيا، لكن المواطنين الصينيين لم يلتزموا بذلك فحسب وإنما حرص الكثيرون منهم على ترك سيارته أمام المنزل سواء في هذا اليوم أو ذاك.
ونجحت اللجنة المنظمة بالفعل في اختيار وانتقاء المتطوعين في كل مكان، فالابتسامة هي السمة الرئيسية لجميع هؤلاء المتطوعين، بل إنهم يستحقون بها الميدالية الذهبية رقم 52 للصين في تلك الدورة.
وربما كانت السلبية الوحيدة هي ضعف إتقان بعضهم للغات الأجنبية ومنها العربية بالتأكيد، لكنهم سرعان ما يتغلبون عليها بشتى الوسائل إما بالاستفسار من زملائهم المتقنين للغة أو من خلال استخدام الخرائط أو من خلال الاشارات على أسوأ تقدير، ولكن المهم أن المتطوع يبذل كل ما بوسعه من أجل تقديم الخدمة المطلوبة منه.
وقال منصف شلغاف رئيس البعثة التونسية إن تنظيم أولمبياد بكين كان على أروع ما يكون ومستوى الإقامة في القرية الاولمبية فاق ما كان عليه في القرية الاولمبية بالعاصمة اليونانية أثينا قبل أربع سنوات سواء كان في أماكن الإقامة أم التجهيزات التي وفرها المنظمون. وأضاف أن السلبية الوحيدة كانت عامل اللغة وصعوبة التفاهم مع أصحاب الأرض لأنهم لايتقنون اللغات الأجنبية جيدا.

وأوضح أن السلبية الوحيدة كانت في اللغة لصعوبة التفاهم مع المتطوعين خاصة والصينيين بشكل عام، ولكن ذلك لا يمكن اعتباره قصورا في التنظيم. في المقابل أكد محمد قريميدا نائب رئيس البعثة الليبية عن استيائه من البطء في تعامل المنظمين مع أعضاء الوفود المشاركة مقارنة بما كان عليه الحال في أولمبياد أثينا 2004، وقال إن المشكلة الحقيقية في التنظيم هي عدم تمكن المتطوعين من التعامل السريع مع أعضاء الوفود المشاركة في الدورة مشيرا إلى أن وجود عدد هائل من المتطوعين يفسده عدم إجادتهم اللغة الانجليزية.
وأكد المهندس سهيل الزواوي رئيس البعثة الادارية السعودية في الدورة إن التنظيم الذي شهده في الدورة متميز بلا شك وأن جميع الوفود المشاركة أحست بالسعادة لما شهدته من تنظيم رائع بداية من استقبال الوفود في المطار حتى القرية الاولمبية. وقال الزواوي إن المشكلة التي واجهت البعثة في البداية كانت مشكلة اللغة والزحام ولكن تم التغلب على كليهما من خلال تعاون المنظمين الرائع مع جميع الوفود المشاركة.
وأشاد سهيل خوري رئيس اللجنة الاولمبية اللبنانية بالتنظيم الرائع لأولمبياد بكين مؤكدا أنه حدث كبير ورائع أبهر الجميع. وقال إن البعثة اللبنانية لم تواجه أية مشاكل في بكين وإن تخوفت نسبيا في بداية إقامتها بالعاصمة الصينية بسبب اللغة وأمور أخرى مثل طبيعة الحياة والتعامل مع الصينيين، ولكن سرعان ما وجدت البعثة كل شيء على ما يرام لأن التنظيم في أعلى مستوياته ولأن المنظمين يوفرون كل شيء في الوقت المناسب.
وأعرب الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني أمين عام اللجنة الأولمبية القطرية في مقابلة سابقة مع وكالة الانباء الالمانية (د.ب.أ) عن اعتقاده بأن اللجنة المنظمة لأولمبياد بكين بذلت جهدا كبيرا في التنظيم وانتقلت بالأولمبياد نقلة نوعية عما كانت عليه الدورات السابقة. وأضاف أن المنشآت الرياضية أقيمت على أعلى مستوى ممكن وأن القرية بالفعل في قمة المستويات بالاضافة لروعة التنظيم على مستوى المواصلات والتوقيت وجميع الامور.

وقال إن الاقامة في القرية الاولمبية كانت جيدة للغاية ونجحت اللجنة في توفير مترجمين يتقنون اللغة العربية مشيرا إلى وجود بعض السلبيات الصغيرة التي تحدث في كل الدورات ويتم التغلب عليها سريعا.
وقال محمد شاهين رئيس البعثة المصرية إن التنظيم في أولمبياد بكين كان رائعا بكل المقاييس ومن الصعب أن تشهد دورة أخرى مثل هذا التنظيم الرائع أو الامكانيات. وأضاف أن منظمي أولمبياد بكين وضعوا معايير جديدة ورائعة للتنظيم منها ما يتعلق بالقرية الاولمبية وأمور أخرى. أما العداء المغربي السابق هشام القروج فقال إن التنظيم كان رائعا للغاية على جميع المستويات، فالصينيون وعدوا العالم بتنظيم أفضل أولمبياد وحققوا ذلك بالفعل.
وأضاف مازحا أن الرياضيين القدامى- وهو واحد منهم - يحسدون الرياضيين المشاركين حاليا في هذه الدورة ولو تمكن من إعادة الزمن للوراء وطلب منه التخلي عن جميع ميدالياته التي أحرزها سابقا من أجل المشاركة في الدورة الحالية لما تردد لحظة بشرط أن يكون على نفس مستواه في الماضي.