سلام.. ياسلامي

> «الأيام» أحمد المهندس:

> عندما قرأت ما كتبه الأستاذ محمد محمود سلامي بعنوان (الفن في السفارة) في الصفحة الفنية بعزيزتنا «الأيام»، يطلب فيها بروح الفنان الممارس التقدير المعنوي والأدبي للنجوم الرواد والمعروفين بالعطاء والخبرة والإمكانيات والموهبة.

لن أتذكر السفارة المغضوب على دولتها المغتصبة لشقة الزعيم (الأباصيري) الشهير بعادل إمام، وإن كان العنوان مشابها، ولكن المحتوى غير.. بل تذكرت ووقفت عند اسم كاتب المقال طويلا.. فمازال في الذاكرة الإنسانية رغم بعده عن الساحة الإعلامية التي كان من روادها من خلال الإذاعة والتلفزيون في مدينة عدن واليمن بصفة عامة، وعدت إلى أرشيف ذاكرتي الصحفية من خلال صحف ومجلات الزمن الجميل.. فما زال اسم المخرج المبدع محمد محمود سلامي في الذاكرة بأعماله التي قدمها خلال مسيرته من بدايته الأولى كمذيع خلف الميكرفون إلى العمل كمخرج من خلال النص والكاميرا.. فقد اقترن اسمه من منتصف الستينيات الميلادية بأشهر الأعمال الإذاعية والتلفزيونية كبرنامج (رسوم على الهواء) و(شهر وثلاثين مشكلة) و(القمندان) وملحمة (حصار السبعين) وأوبريت (الراعي والراعية) لمحمد صالح عزاني وصباح منصر الغنائي و(لقاء الأسبوع) و(مجلة التلفزيون).. والعديد من البرامج التاريخية الرائدة في الإذاعة والتلفزيون.

إنه من جيل الرعيل الأول الذي فضل العمل في مجال الإخراج بالموهبة والدراسة، وكانت أعماله علامة مميزة في تاريخ الإذاعة والتلفزيون في عدن. ودارت الأيام على رأى (ثومة)، ووجد هذا الرائد نفسه خارج العمل الذي قدم له زهرة شبابه، محالا إلى المعاش قبل الأوان بسبب أعداء النجاح.. الذين لايسعدون بمشاهدة المبدعين، وهم يأخذون فرصتهم ودورهم في الحياة العملية والإنسانية.. في الوقت الذي مازال أشباه الموهوبين والقادمين بكروت الواسطة والمنافقين والمناطقيين يديرون مناصب ومراكز ليسوا أهلا لها.. بل ويتم التعاقد بعد التقاعد معهم كخبراء ليكملوا وسيلة الارتزاق ومنع الكوادر الوطنية المؤهلة وحتى الشابة من أخذ فرصتها والعمل بصدق وإخلاص.

محمد محمود سلامي- هكذا- مازال يكتب اسمه الثلاثي كنجم في مجاله لم يستطع من حاولوا إبعاده عن الساحة وإخفاء اسمه وأعماله الخالدة في وجدان المستمع والمشاهد اليمني والعربي.. حتى وإن أزالوا اسمه من بعض ما أخرج من أعمال غنائية، فمازال قلبه ينبض بالحياة.. ومازال قلمه نابضا بالصدق والموضوعية.. تلمس ذلك من خلال نبض الحروف الوفائية من مقاله عن (الفن في السفارة) حتى وإن اختلفت فيه معه.. ولكنه يوحى لك ويعطيك رؤوس أقلام ومعنى الكلام ومقصده.. بأن عمل الملحق الثقافي في سفارات اليمن لايمكن أن تكون وظيفة واستراحة للدراسة والعلاج والفسحة (البلاش) بجواز دبلوماسي ومميزات راقية.. بل إن واجب صاحبه يفوق كل هذا الأهداف.. فكثيرا ما ينجح الدبلوماسي المبدع الموهوب شعرا أو أدبا أو طربا في مهمته ويتجاوز بها آفاق الدبلوماسية وسياستها، ويصبح الارتباط بين الشعوب أكثر حميمة متى ما وصلت العلاقة إلى القلب من خلال مشاعر الأدب والشعر والفن.

ألم يقل شاعرنا الدبلوماسي الراحل حسن القرشي في أوراق اعتماده التي قدمها للرئيس السوداني جعفر نميري كسفير للسعودية في السودان:

جنتكم شاعرا

ولست سفيرا

حاملا قلبنا

وحبا كبيرا

إلى آخر القصيدة الإبداعية التي كانت أول أوراق اعتماد شعرية يقدمها سفير عربي.

ألم ينجح الشاعر العربي عمر أبوريشة في عمله الدبلوماسي كسفير لسوريا لأكثر من حقبة سياسية بسبب دواوين أشعاره العربية، وكذلك الشاعر نزار قباني والشاعر السوداني السفير السابق في اليمن سيد الحردلو الذي قال:

«سيأتي زمن فيه اليمانيون يمضون إلى كل مكان

ويقيمون على الأرض لكل الناس فردوسا يمان

أرى راياتهم تمتد من صنعاء إلى باب عدن».

وكذلك كان دور بقية شعراء اليمن بدرجة سفير.

محمد محمود سلامي المخرج الرائع مايزال في جعبته الكثير من الفكر والعطاء لم يقدمه بعد.. فلماذا لاتستفيد منه الفضائية اليمنية في عصر الفضاء المفتوح والإنترنت، فالفكر لايشيخ.. ألم يقل في حوار صحفي أصبح من التاريخ قبل 56 عاما لإحدى المجلات الفنية: «المهمة الأساسية للمخرج.. ترجمة الكلمات إلى حركة دائمة معبرة.. وقطعا تقترن تلك الحركة بإحساس مرهف من المخرج لأنه فنان». هذا الفنان المرهف الإحساس يستحق التكريم في البدء.. وفي الخاتمة التفاتة إنسانية إليه وتاريخه للاستفادة من خبرته الطويلة لإعداد كوادر فنية شابة من المخرجين، مع الافتقار للمعاهد والكليات المتخصصة في هذا المجال.. ليعود ويقدم ويرسم إبداعاته على الهواء.

صحفي وأديب سعودي - جدة

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى