العلاقة بين المثقف والسلطة

> «الأيام» خالد حمدان مساوى:

> من ينظر إلى الوضع المتدهور الذي نعيشه الآن واستفحال الرداءة في جميع الميادين، سيجد أن السبب الحقيقي وجوهر الأزمة عندنا ثقافي قبل أن يكون اقتصاديا أو سياسيا، فإهمال الثقافة ورجال الفكر والقلم هو الذي أدى بنا إلى هذا الوضع المتردي، ولانرى اليوم إلا مجتمعا مكبوتا ومسدودا، ومؤسسات في تغير مستمر، وقوانين غير ثابته، والمبدع في ظل عدم الاستقرار يتساءل عن مصيره، وأصبح مضطرا للبقاء على الحياد، ولايصل إلى المبادرة، فالمثقف اليوم يبحث عن نسمات نقية يتنفسها وسط هذه الأجواء الموبوءة، ويحاول أن يلملم شتات أنفاسه المبعثرة بين ثقافة المنبر، وهلوسات المجتمع، وطغيان السياسة على الثقافة.

وفي هذا السياق نجد أن قلة قليلة من رجال السياسة في السلطة يتمتعون بعقلية متفتحة ومتحررة من كل ما يقيد حرية الثقافة والإبداع، وهذا ما أدهشني عند تقديمي طلب السماح لي بتقديم المسرحية الكوميدية (على الماشي) في الساحة المواجهة لكلية المجتمع مديرية دارسعد، وتقديم نص المسرحية للاطلاع عليها قبل عرضها، كما هو معتاد، لكي يتم تحليلها وتفصيلها ومن ثم تأويلها، خاصة إذا كانت المسرحية ذات طابع نقدي لبعض الظواهر السلبية في مؤسسات الدولة، وإن لم يحدث ذلك معي في هذه الواقعة، لكنه حدث معي في أكثر من مناسبة سابقة، رغم أن هذا هو دور المسرح في التعبير عن الواقع، وهو يلعب دورا لايبعد فيه عن الحقيقة، وقد قال الكاتب الباحث علي حرب في كتابه (نقد الحقيقة): «إن نقد الحقيقة هو الوجه الآخر لنقد النص، ونقد النص هو المدخل إلى نقد الحقيقة».

وعودة إلى سبب دهشتي بعد أن (شردت) إلى منحى آخر لايقل أهمية أيضا، وبعيدا عن (التلميع) و(المسح على الجوخ الناعم)، كلمة لابد أن تقال في حق مدير عام المديرية الدكتور فضل الربيعي الذي بتفاعله معنا ضرب لنا شكلا من أشكال الوعي الثقافي والثراء المعرفي بأسلوبه المتحضر وتعامله الراقي مع المبدعين، وكان أنموذجا للنضج الفكري، وتحدث عن إمكانية تقديم عروضنا المسرحية بمنتهى الحرية دون قيد أو شرط، لأن مستقبل الثقافة من مستقبل البلد.

كذلك لايمكن أن ننسى دور رئيس فرع المؤتمر في مديرية دارسعد وعضو المجلس المحلي في المحافظة الأستاذ محمد عبدالعزيز محمد في تسهيل مهامنا الإبداعية في أكثر من مناسبة فنية، ودوره البارز في تواصل عروض فرقة (ثغر اليمن) المسرحية، منذ نشأتها عام 97م.

ولانستطيع أن نغفل أيضا دور صحيفة «الأيام» في دعمها المادي للفرقة، وإسهامها المساهمة الفعالة في تقديم عروضنا المسرحية على أكمل وجه، ولا أقول هذا نفاقا أو مجاملة، لكنها الحقيقة التي ينبغي ذكرها، والشيء بالشيء يذكر، فصحيفة «الأيام»- أو (صوت الأمة) كما سماها أحد الكتاب، وأضيف على ذلك أن أسميها (صوت الحقيقة) التي تتناول جميع جوانب الأمور والقضايا التي تهم أبناء الوطن بمختلف فئاتهم- أثبتت للجميع رؤيتها الثاقبة لكل مجريات الأحداث في جميع نواحي الحياة وتفوقت في كل المستويات السياسية والثقافية والرياضية والاجتماعية، وتوجت هذه الجهود المضيئة لصحيفة «الأيام» بدخولها دائرة المنافسة وتحقيق الريادة في هذا المجال الحيوي في ديوان صاحبة الجلالة، وهذا لم يأتِ من فراغ، بقدر ما هو حصيلة عمل متواصل ومتفانٍ ورؤية واضحة وجلية لواقع الأمور، أكدتها «الأيام» بالأرقام والإحصائيات، وسجلها التاريخ بأحرف من ذهب لعائلة الباشراحيل، وبدأ مشوارها مؤسس «الأيام» وعميدها الراحل الأستاذ محمد علي باشراحيل، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وجزاه الله عن وطنه خير الجزاء، ليواصل من بعده على نفس المنوال ابناه العزيزان الأستاذان هشام وتمام باشراحيل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى