في تقرير لوزارة حقوق الإنسان عن زيارة السجن المركزي بصنعاء ودار الجانحات.. وجود عدد من السجناء دون مسوغات قانونية اعتمادا على أوامر مشايخ واحتجاز عدد من الأحداث والكبار فترات غير قصيرة دون محاكمة

> «الأيام» عن «الصحوة نت» :

> تقــريــر عــن زيــاراتي الميـــدانيـــة لـ : 1- السجن المركزي بأمانة العاصمة 2- دار التوجيه الاجتماعي 3- دار الأمل لرعاية الفتيات الجانحات

مَلْمَحٌ عامٌّ :

إنَّ بناء المجتمع الناهض يعتمدُ على قوة تماسكه وهيبة مؤسساته المختلفة وقدرته على التفاعل مع المتغيرات المتعددة التي يواجهها في مسيرته، وأهمُّ هذه المؤسسات المنشآتُ العقابيةُ التي تستوعب بين أسوارها وجدرانها المغلقة عدداً غير قليل ممَّن ارتكبوا أفعالاً يجرمها القانونُ الذي رتَّب حقوقاً للنزلاء وجُب احترامها وتقديم كلِّ ممكن لتجسيدها قولاً وفعلاً. فاحترافُ السُّلوك الإجرامي والجنوح من المشكلات العميقة؛ لأنَّ الاحتراف يعني أنَّ الفعل قد أكتسب خصوصيةً وتفرداً قد يجعل الممارسة تكراريةً تعودية ترتبط بطريقة حياة الشخص وأسلوب التعامل معه ما دام مسجوناً. وتترتَّب على ذلك صعوباتٌ كثيرةٌ تجعل المقاومة شديدةً والتقويمَ والعلاج أشدَّ وأصعب. فهل السجونُ والإصلاحيات في بلادنا تؤدي دورَها الإصلاحي؟ أم أنَّ فئات المذنبين تلتقي فيها لتزداد إجراماً وحقداً على المجتمع مما يجعلها تسلك طريق الإجرام ثانية. وهل أنَّ ما يقال عن برامج إصلاحية تنفذ فيها تنطبق واقعاً على مفهوم الإصلاح أم أنَّها مجردُ عمليةِ ملء الفراغ الذي تحدثه حياةُ السجن؟ وبما أنَّ كلَّ مبادرةٍ إصلاحية رهنٌ بمقدرة وعلم وبراعة القائمين عليها، فقد خصَّ الفريقُ الميدانيُّ زائر هذه المنشآت العقابية المشار إليها أعلاه بقدر وافٍ من تحليل الدور الصحي والبيئي والدور التأهيلي ومتطلباته وخصائصه، وما يجب أن يتحلَّى به من صفات إنسانية وأخلاقية ومهارات مهنية؛ باعتبار توفُّر هذه المعطيات للنزلاء جزءاً من عملية التأهيل الاجتماعي، وكذا التعليم والتثقيف والترفيه، لأنَّ عملية تقييم النتائج بصورة مرحلية هي ميزانُ الأمان في حُسن مسيرة برامج التأهيل والإصلاح الحقيقي.

وفي ضوء التقييم المرحلي متعدد الأوجه يمكن للقائمين على البرنامج استدراك النواقص وتقييم الاتجاه نحو الأهداف المرسومة وتصحيح المسار كلما بدا ذلك ضرورياً. المجالُ الجغرافيُّ للزيارات : (أمانة العاصمة). المجالُ البشريُّ للزيارات : (نزلاء المنشآت الآتية :) 1- السجن المركزي. 2- دار التوجيه الاجتماعي (دار الأحداث). 3- دار الأمل لرعاية الفتيات الجانحات. أولاً : السِّجنُ المركزي : يجيء تنفيذُ هذه الزيارة ترجمةً للبرنامج التفقدي الذي أعدته الوزارةُ لاستطلاع أوضاع السجناء والإطلاع عن قُرب على مُناخات البيئة التي يقضون في محيطها العقوبة القانونية؛ لقياس درجة تمتُّع كلِّ نزيل ونزيلة بالحقوق الإنسانية المنصوص عليها دستوراً وقانوناً، ومدى استجابة هذه المنشأة لشروط الإيداع القانونية، ولأساليب التعامل التربوي والإرشادي التي يتبعها المسؤولون عليها بغية تقييم الوضع الراهن واقتراح المعالجات المناسبة وتصحيح الاختلالات المسيئة لمبادئ حقوق الإنسان، والضارة بسمعة اليمن خارجياً. فشملت زيارتي – برفقة رئيس مصلحة السجون، والمختصين في وزارة حقوق الإنسان – كلَّ عنابر السجناء والسجينات والأقسام والملحقات الخدمية التي يستوعبها السجن المركزي :

1- الوضعُ النظامي والقانوني للنزلاء:

أ- تأخير في سير إجراءات المحاكمة وإصدار الأحكام ضد المتهمين المسجونين. ب- وجود عدد من السُّجناء دونَ مسوغات قانونية، اعتماداً على أوامر مشائخ أو جهات غير مخولة قانوناً بسلطة الاعتقال أو الحبس. ج- نزول الأحداث الموقوفين والسجناء الكبار في عنابر واحدة في أكثر مرافق السجن. د- احتجاز عدد من الأحداث والكبار فترات غير قصيرة دون محاكمة. هـ- افتقار العاملات في سجن النساء إلى التدريب والتأهيل الكافيين في أساليب التعامل مع النزيلات. و- عدم كفاية كمية الطعام للنزلاء عموماً والسجينات الحوامل خصوصاً، فضلاً عن افتقار الوجبات الغذائية للقيمة الغذائية الصحية والمتوازنة. ز- وجود عدد من السجناء رهائن بدلاً عن أقاربهم الفارين من وجه العدالة.

2- مستوى النظافة والوضع الصحي:

أ- عدم تمتع مطبخ السجن بالنظافة الكافية. ب- وجود عدد من السجناء المصابين بأمراض نفسية وعصبية. ج- عدم صلاحية المصحة النفسية التابعة للسجن لتقديم أبسط متطلبات الرعاية الضرورية، واهتراء بنيانها القديم. د- تردي في مستوى نظافة العنابر

3-الوضع التعليمي والثقافي للسجناء :

أ- افتقار قاعات التعليم لأهم مستلزمات العملية التعليمية (الأقلام، الدفاتر ...الخ). ب- افتقار مكتبة السجن للمطبوعات الجيدة والحديثة. ج- جمع الأحداث والسجناء الكبار في قاعات تعليمية واحدة. د- حرمان السجناء والسجينات من دروس الوعظ والإرشاد اللازمة، ورغبة السجينات في تلق الوعظ والإرشاد على أيدي واعظات نظراً لخصوصية المرأة. هـ- انعدام الأنشطة الثقافية والرياضية.

ثانياً :دار التوجيه الاجتماعي (دار الأحداث) :

1- الوضع النظامي والقانوني للنزلاء : أ- تعرض الأحداث للضرب والمعاملة القاسية أثناء التحقيق في أقسام الشرطة. ب- وجود أطفال ضحايا اعتداء جُناة يرتعون خارج حدود الدار دون عقاب أو حساب. ج- إيداع أطفال في الدار بسبب مشاجرات بسيطة لا تستدعي تواجدهم في الدار. د- إيداع عدد من الأحداث بأوامر من نيابات غير مختصة بالأحداث. 2- الوضع التعليمي والثقافي للأحداث : أ- احتواء الدار على قاعة للكمبيوتر لتنمية مهارات وقدرات الحدث. ب- استيعاب الدار مسرحاً لتنمية ثقافة الطفل وتوسيع مداركه الإيجابية والثقافية. ج- امتلاك الدار مكتبةً ثقافيةً متميزةً تضمُّ عدداً من الكتب والقصص الهادفة إلى تقويم سلوك الحدث، وغرس القيم النبيلة في نفوس الأحداث وضمائرهم. 3- الوضع الصحي والغذائي في الدار : أ- اشتكاء عدد من نزلاء الدار من اضطرابات نفسية حادة، بفعل المعاملة القاسية التي يتعرضون لها في أقسام الشرطة. ب- افتقار الدار إلى طبيب مختص لمعاينة الأحداث. ج- افتقار الدار للأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة. د- نقص كبير في المواد الغذائية الأساسية.

ثالثاً : دار الأمل لرعاية الفتيات الجانحات:

1- الوضع النظامي والقانوني في الدار. أ- اختلاط فتيات غير محكوم عليهن بأخريات جانحات. ب- جميع الموظفات في الدار غير مثبتات وظيفياً (17) موظفة. ج- عدم تمتع الفتيات في الدار بحق تخصيص محامٍ للدفاع عنهن. د- افتقار الدار إلى العدد الكافي من الاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين. هـ- بروز صعوبات دائمة في تعامل إدارة الدار مع النيابات التي تحيل الجانحات إليها. 2- الوضع التعليمي والثقافي للجانحات : أ- احتواء الدار على غرفة مجهزة بالحواسيب الآلية لإكساب الجانحات مهارات الكمبيوتر. ب- استيعاب الدار مشغلاً للخياطة والتطريز لإكساب نزيلات الدار مهارات التطريز والخياطة. ج- امتلاك الدار فصلاً دراسياً لتعليم الفتيات مهارات القراءة والكتابة، ورفع مستواهن في التعليم الأساسي. د- امتلاك الدار مكتبةً ثقافيةً لرفع مدارك النزيلات ثقافياً. هـ- اعتماد الدار على واعظ ديني بدلاً من واعظة دينية يحرج النزيلات ولا يسمح لهن الاستفسار عن بعض المسائل الخاصة بهن. و- احتواء الدار على صالة خاصة بمشاهدة التلفاز والفيديو لعرض برامج دينية وثقافية وإرشادية مفيدة للنزيلات. 3- الوضع الصحي والغذائي في الدار :

أ- تمتُّع الدار بمستوى عالٍ من النظافة والترتيب اللافت. ب- افتقار صيدلية الدار إلى أيٍّ من أنواع الأدوية الضرورية. ج- حرمان النزيلات من طبيب مختص أو مشرف صحي يعاين حالتهن الصحية. د- تمتُّع نزيلات الدار بمستوى كافٍ من التغذية الصحية المتوازنة. توصياتٌ عامة

أولاً : السجن المركزي

1- نوصي وزارةَ الداخلية بضرورة رفع معدل المواد الغذائية لنزلاء السجن ونزيلاته، وخاصة النزيلات الحوامل. 2- نوصي مصلحةَ السجون بوضع برامجَ تدريبيةٍ وتأهيليةٍ لرفع كفاءة الموظفين ومهارتهم المختلفة. 3- نوصي مصلحة السجون بتخصيص عدد من الواعظين والواعظات لإنارة السبيل أمام نزلاء السجن ونزيلاته دينياً وأخلاقياً. 4- نوصي وزارة الداخلية بالتغيير المستمر لمدراء السجون والأمن بكافة محافظات الجمهورية بشكل دوري. 5- نوصي وزارة التربية والتعليم بضرورة توفير متطلبات التعليم اللازمة (دفاتر، أقلام ...الخ) لتأمين مُخرجات مُثلى لعملية تعليم النزلاء والنزيلات. 6- نوصي وزارةَ الداخلية ببناء عنابرَ خاصَّةٍ بالأحداث بعيداً عن السجناء الكبار. 7- نوصي وزارةَ العدل بإلزام القُضاة بسرعة الفصل في قضايا النزلاء وإصدار الأحكام وفقاً لمبدأ تفرد العقوبة ومبدأ التناسب. 8- نوصي وزارةَ الصحة بسرعة افتتاح المصحة النفسية الجديدة، ونقل نزلاء المصحة القديمة إليها. 9- نوصي وزارة الداخلية بضرورة تخصيص صالة مناسبة تسمح للأسر بإجراء الزيارات في خصوصية بعيداً عن مسمع موظفي السجن. 10- نوصي الجهات المعنية (وزارة الداخلية + وزارة العدل، والنيابة العامة) بسرعة إطلاق سراح المسجونين على ذمة أوامر بعض المشائخ أو جهات أخرى لا تملك حقَّ إيداع المواطنين في السجن (رهائن). 11- نوصي وزارةَ الداخلية بسرعة ربط شبكة مصلحة السُّجون بالشبكة الإلكترونية التابعة للوزارة، لتأمين تدفُّق المعلومات بين قيادة الوزارة والمسؤولين في المصلحة.

ثانياً : دار التوجيه الاجتماعي :

1- نوصي وزارة الداخلية بسرعة إصدار أوامر القبض على الجُناة المعتدين على عدد من الأحداث، وإحالتهم إلى القضاء. 2- نوصي وزارةَ العدل بتكليف قاضية تجري المحاكمات داخلَ الدار. 3- نوصي وزيرَ الصحة بإصدار توجيهات بتوفير طبيب أطفال مختص، وتزويد الدار بالأدوية الضرورية والمستلزمات الطبية الأساسية. 4- نوصي الجهاتِ المختصةَ بدعم نزلاء الدار بالملابس الكافية والمناسبة. 5- نوصي النيابة العامة بإلزام نيابة الأحداث بسرعة الإفراج عن الحالات التي أُودعت خطأً في الدار ولا يلزم بقاؤها فيه. 6- نوصي النيابة العامة بإصدار تعميم إلى كل النيابات بسرعة إحالة أوليات الأحداث إلى النيابة المختصة بالأحداث في أسرع وقت.

ثالثاً : دار الأمل لرعاية الفتيات الجانحات :

1- نوصي وزارةَ العدل بمخاطبة قاضي محكمة غرب بإثبات نسب الطفلة (شيماء) إلى والدها يحيى التويتي تطبيقاً للقانون. 2- نوصي النيابةَ العامةَ بسرعة إحالة قضايا الأطفال دون سن الثامنة عشرة إلى نيابة الأحداث. 3- نوصي وزارةَ الصحة بضرورة توفير مشرف صحي للدار، وتأمين الأدوية اللازمة لنزيلاتها. 4- نوصي وزارة الأوقاف بسرعة توفير واعظة دينية للجانحات بدلاً من الواعظ الديني الموجود. 5- نوصي وزارة الداخلية بوجوب إلزام محمد يحيى المطري بالكف عن ممارسة أعمال التعذيب في حق بناته الصغيرات. 6- نوصي وزير الخدمة المدنية بسرعة إصدار فتاوى قانونية لتثبيت موظفات الدار التي ما زلن متعاقدات. 7- نوصي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بشمول نزيلات الدار بالرعاية الاجتماعية اللازمة.

أ. د. هدى علي البان

وزيـــــرة حقـــوق الإنســـــــان

يونيو – يوليو 2007م

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى