يحبهم ويحبونه

> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

> ثبت في صحيح مسلم من حديث العباس بن عبدالمطلب (رضي الله عنه) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا». (الشوق) سببه (ذوق)، وهنا يكون للإيمان (طعم) ونكهة ومذاق، ويكون للرضى هدوء وسكون وركون واشتياق.

وكل هذه تأتي من توق في القلب، وشوق في الروح، وذوق في الوجدان.. وهي كلها علامات ومنارات (قلبية) تتعمق بالحب، وتتدفق بالحب، وتشي بالطمأنينة، لأن «الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب»، فإذا اطمأن القلب بالحب فاض بالشوق إلى الله سيرا إليه بالطاعة، وعملا معه بالإخلاص- وهو إحساس قلبي- ولقد قال القاضي عياض (رحمه الله): «معنى الحديث: صح إيمانه، وأطمأنت به نفسه، وخامر باطنه، لأن رضاه بالمذكورات دليل لثبوت معرفته ونفاذ بصيرته، ومخالطة بشاشة قلبه، لأن من رضي أمرا سهل عليه، فكذلك المؤمن إذا دخل الإيمان قلبه سهّل عليه طاعات الله تعالى ولذّت به». (راجع شرح النووي على صحيح مسلم 2/2).

وإذن، فالحديث يعرض لنا أسبابا ثلاثة لتذوق الإيمان وحبه، وحب كل ما يتصل به:

الرضا بالله جل في علاه ربا. والرضا بالإسلام دينا وعقيدة وشريعة وسلوكات ومعاملات. والرضا بمحمد أسوة وقدوة، ونبيا ورسولا.

وهذا معناه (حب الله) و(حب الإسلام) و(حب النبي محمد).. وهو حب نحن أحوج إليه في هذا الزمان الرديء المجدب عاطفيا، المقفر روحيا، اليابس شعوريا، الجامد الخامد قلبيا، القاسي سلوكيا. إننا بحاجة إلى ذلك الحب مع وجوب تحقيقة وتعميقه في قلوبنا التي صارت كالحجارة أو أشد قسوة، ينزل عليها القرآن فلا تتعظ، ولاتزدجر، ولاترعوي ولاتستحيي.. مع أن هذا القرآن يقول عنه من أنزله وعلمه وتعهد بحفظه «لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله» (الحشر21)، فلماذا لاتستشعر قلوبنا حب الذي أنزل القرآن، وحب الذي نزّل عليه القرآن، وحب هذا القرآن الذي يهدي للتي هي أقوم؟!.

إن من رضى بالله ربا أحبه، وتوكل عليه، واستعان به، واكتفى به، وقال «حسبنا الله ونعم الوكيل»، ومن لم يكتف بالله لم يكفه شيء، ومن أحب الله وأحبه الله أحبه خلق الله، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أن الله إذا أحب فلانا نادى جبريل: يا جبريل إني أحب فلانا، فأحبه، فيحبه جبريل، ثم ينادي جبريل: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض».

فلماذا لايحرص كل مسلم وكل مسلمة للوصول إلى درجة (يا جبريل إني أحبه، فأحبه)؟. وكيف سنصل إلى هذا المقام السامي حتى يجعل الله لنا قبولا وحبا عند أهل السماء والأرض؟. ومتى سيتكون لنا (ذوق أخلاقي) و(شوق سماوي) و(توق تقوائي)؟!. وهل عرفنا الشرائط والوسائط التي تجعلنا أهلا لحب الله؟.

وأين هي درجة «وألقيت عليك محبة مني» (طه 39)، هل سنصل إليها؟!.

فيا أحبائي.. لنجعل شهر رمضان (شهر المحبة)، فنحب كل ما أحبه الله ورسوله، ولنعمم ولنعمق هذا الحب حتى يتحقق الإيمان إذ «لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه».

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

مدرس بكلية التربية

جامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى