الجفري:التكفير أخطر من التفجير والحراك الجنوبي مشروع

> «الأيام» عن «الشرق الأوسط»:

> أجرت صحيفة «الشرق الأوسط» حوارا مع السيد عبدالرحمن بن علي الجفري، رئيس حزب رابطة أبناء اليمن (رأي)، في عددها الصادر أمس، أجراه الزميل حسين الجرباني.. وفيما يلي تنشر «الأيام» نص الحوار كما وردنا من السيد عبدالرحمن الجفري.

> ما هي قراءة الأستاذ عبد الرحمن الجفري للمشهد السياسي اليمني؟

- المشهد السياسي اليمني يسير في خطين متوازيين، ونأمل أن يكون الخط اليمين هو الذي يسود، فإن أحسنّا, فهناك خط على اليمين، وهو الاتجاه نحو إصلاحات حقيقية عميقة وشاملة، سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، تعالج قضايا التطرف وقضايا الثأر وقضايا المرأة.. إلخ, في هذه الحالة سيكون المشهد السياسي مشهدا مبشرا بمستقبل زاهر لا شك في ذلك، لأن اليمن كبلد وكشعب وكتاريخ وكموقع يملك المؤهلات ويملك العوامل الإيجابية للتطور والنماء ويبقى علينا نحن كسياسيين سواء كنا في منظومة الحكم أم في منظومة المعارضة أم بالأصح منظومة رصيف المعارضة، لأنه في الحقيقة لاتوجد معارضة حتى الآن، فكلنا على الرصيف، مثلما الدولة على رصيف الدولة أيضا، فعندما تدخل الدولة مبنى الدولة سندخل مبنى المعارضة. إن أحسنّا التصرف وابتعدنا عن (المكايدات) و (المماحكات) واتجهنا بطريقة عقلانية لنقيم الإصلاحات الشاملة المحققة (للمواطنة السوية) التي تؤهل اليمن للتعامل محليا وإقليميا ودوليا، فلا شك سيكون هناك مستقبل لم يشهد اليمن مثيلا له في تاريخه الحديث والمعاصر. أما الخط الثاني وهو خط الشِّمال والعياذ بالله من هذا الخط، خط المشأمة.. وهو أن نستمر في المماحكات والمكايدات وفي لعبة التوازنات وفي لعبة الاستغراق في علاج القضايا الفرعية وافتعال خلافات حول اقتسام أدوات المسرح السياسي، مثل لجان الانتخابات والقضايا الإجرائية الفرعية لقانون الانتخابات، بينما تظل كل أسس بناء المسرح السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. إلخ وآليات تنفيذ البناء مثل نظام الانتخابات ونظام الحكم ونظام الدولة واستقلال القضاء والإعلام والخدمة المدنية، تظل كلها بعيدة عن التناول الجاد، وبالتالي ننتهي إلى حملة انتخابية يملؤها الصراخ وأصوات المطاحن ولا طحين!! فيُعاد إنتاج أسوأ ما في المشهد بتقاسم جديد للدوائر الانتخابية وخلاف ذلك، وتبقى كل القضايا الرئيسية والأزمات الملتهبة، سياسية واقتصادية ومعيشية واجتماعية وتطرف.. إلخ، فكل ما أستطيع أن أقوله في هذه الحالة إنني أسأل الله رب العالمين أن يستر على بلادنا اليمن وأهلنا أهل اليمن!.

لقد آن الأوان لأن نكف جميعا، نحن أهل المنظومة السياسية، في رصيفي السلطة والمعارضة، عن تحويل الوقت إلى أداة للمساومات في مرحلة غاية في الدقة وتقتضي منا جميعا أن نستغل كل لحظة من وقتنا لمنع انزلاق بلادنا إلى ما انزلقت إليه بلدان أخرى، ولنأخذ العبرة منها، فهي ماثلة للعيان. إن كل العوامل لاستقرار وازدهار اليمن ورخائها وارتفاع مكانتها قائمة ومتوفرة إلا عامل واحد هو صواب توجه وحركة منظومته السياسية، على الرصيفين، فهي العامل السلبي الوحيد المعيق بل والذي قد يسبب الكارثة أو النجاة.. وأكرر أن المقصود بالمنظومة السياسية جميعنا، منظومة الحكم ومنظومة المعارضة اللتان تصران حتى الآن على البقاء في حركتهما خارج مدار إنقاذ وبناء وطن.

> طالما وقد طرقتم أمر المعارضة فما هو مفهوم المعارضة لديكم في حزب الرابطة؟

- المعارضة في اعتقادنا هي جزء من المنظومة السياسية أصلا، وبالتالي مفهومنا في حزب الرابطة للمعارضة هو أنها حكومة الظل التي تـنتقد بقوة بلا حدة ولا (شخصنة) أية سلبيات تزاولها منظومة الحكم، وفي نفس الوقت تثني على وتشجع كل إيجابية تصدر عن منظومة الحكم, لكن عند نقدنا لانكتفي بالنقد وإنما نقدم البديل، فكرا ورؤى وخططا وبرامج ورجالا، هذه المعارضة في مفهومنا، أما المعارضة التي تستمر تنتقد السلبيات فقط وتقفل عينها وتنظر بعين واحدة ولاتنظر إلى الإيجابيات فهذه في اعتقادي ليست معارضة، وليس ذلك أسلوب حزب الرابطة.

> يقال إن حزب الرابطة إزاء علاقته بالسلطة يقع في منزلة بين المنزلتين، فليس في السلطة ولا هو في المعارضة، ما ردكم؟

- الذي مثلنا لايقبل على نفسه أن يكون في منزلة بين المنزلتين.. منزلة لا الجنة ولا النار.. نريد أن نعرف بداية، من الجنة ومن النار.

نحن في الجنة أيا كانت, سواء كانت الجنة المعارضة أم السلطة, الجنة بمعناها الصحيح وليس الجنة بمعناها المصلحة، وإنما بمعنى العمل الصادق لبلادنا ولمصالح شعبنا اليمني، وإن كانت المسألة مسألة مساومة فهي أسهل شيء، وأية سلطة في العالم وليس السلطة في اليمن وحدها بل حتى في أعمق الديمقراطيات وأعرقها ستفرح بمن يساومها أكثر من فرحها بمن يطرح قضايا بشكل موضوعي، وبالتالي هل يستطيع أي إنسان أن يشهد أننا نحن الذين نساوم !!؟.

رغم أن المساومة أحيانا مطلوبة، إن كان المقصود بها أن نتفق على حل وسط مع المحاور التي أمامنا بما يحقق المصالح العليا العامة للوطن، وأيضا هذا لايمنع أي حزب سياسي أن يبحث عن مصالحه الحزبية إن كانت تأتي من خلال المصالح العامة للوطن بلا تفريط, ويعلم كل من عرفنا أننا، في تاريخنا، لم نبحث عن مصالح حزبية خارج المصالح العامة للوطن أو متعارضة معها.

> يقال إنكم أقرب إلى الرئيس علي عبدالله صالح وإلى حزبه الحاكم، لماذا لم ينضم حزب الرابطة إلى التحالف الوطني الذي أعلن عنه مؤخرا؟

- نحن في حزب الرابطة عندنا عقدة من (الضم)!! فنخشى أن نختنق، فقد يعتبرونا مولودا، والأم تمسك بهذا المولود وتضمه بقوة الحنان والخوف عليه إلى أن تخنقه، ولانريد أن نختنق!! نحن فعلا لانضمر غلا ولانضمر سوءا إزاء فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح بل نحمل صادق المودة والتقدير له ولمن عرفنا من الزملاء الأفاضل في قيادة المؤتمر الشعبي، ولا أنكر أننا قلنا بوضوح إن خيارنا في الانتخابات الرئاسية السابقة هو انتخاب الرئيس علي عبدالله صالح، والجميع يعلم، وقد تأكد ذلك، أن موقفنا هذا ليس لمصلحة ذاتية ولا لمصلحة حزبية ولكن نبع من اعتقاد أعلناه في ذلك الوقت ولازلنا معتقدين بهذا الاعتقاد، رغم أننا قد نختلف أحيانا والأخ الرئيس في بعض القضايا، وهذا مشروع، وهو نفسه يختلف بداخل المؤتمر الشعبي العام وهو حزبه، وهذا شيء طبيعي لكن لازلنا نعتقد أنه إذا اتجه لقيادة البلاد في قضية الإصلاحات الشاملة فإنه الأسلم والآمن ولا شك في هذا، لكن في كل الأحول لابد أن ندرك جميعا أن الإصلاحات أمر حتمي لسلامة بلادنا ونهضتها وليست أمرا اختياريا، وقد ذكر فخامة الأخ الرئيس منذ فترة في لقاء عام عن «حتمية التغيير».. وأن «من لم يحلق لنفسه فسيحلقون له» لذلك نكرر أن الأسلم والآمن أن نحلق بـ (موسنا) بدلا من موس أخرى قد تجرح وتدمي.

> أنتم صوتم على البرنامج الانتخابي للرئيس علي عبدالله صالح، كيف تقيمون أداء حكومة الحزب الحاكم في ذلك وانتخاب المحافظين في المحافظات؟

- أولا نحن لم نصوت على برنامج معين إنما أيدنا أن يعاد انتخاب الرئيس علي عبدالله صالح كرئيس لبلادنا ليقود عملية إصلاحات شاملة، وكان هذا معروفا، والرئيس قد رد التحية بمثلها في أول مهرجان انتخابي نحضره في عدن عندما أعلن بوضوح قائلا: «سنتجه إلى عملية إصلاحات شاملة سياسية اقتصادية اجتماعية ثقافية وسنعالج جميع الاختلالات التي رافقت بناء دولة الوحدة منذ تأسيسها إلى اليوم». هذا اعتبرناه رد تحية, البعض قال هذا كلام انتخابات، وتمت الانتخابات، وفي رمضان 1427هـ، التالي للانتخابات، أعلن عن انتخاب المحافظين من غير أن يتحدث عن كيف ستتم عملية الانتخابات، إنما اكتفى بوضع المبدأ فأحدث شبه ضجة مضادة هنا في صنعاء من الموالين لحزب الرئيس بفهم مغلوط، وهو أن انتخاب المحافظين سيجعل بعض المناطق تتقاتل على منصب المحافظ، وهذا الكلام لم يكن صحيحا، قلت لهم يا إخوان حددوا لنا ما هي المناطق التي ستتقاتل من أجل أن نحيدها، ويعين الرئيس لها محافظين، وباقي المحافظات تزاول حقها في انتخاب محافظيها. وفي الـ12 من ديسمبر من العام 2006 دعا الرئيس لاجتماع للمجالس المحلية لمحافظات الضالع وعدن لحج وأبين، واعتبر هذا تدشينا لأعمال المجالس المحلية المنتخبة في الجمهورية. وقال كلاما أدهشني، وهو أنه «سيأتي عام 2010 وقد تحولت المجالس المحلية إلى حكومات محلية، وستحال إليها جميع الصلاحيات من المركز، ولن تبقى في المركز سوى الصلاحيات السيادية». اعتبرت هذا الأمر ثورة، وأصدر حزبنا بيانا يؤيد هذا التوجه، ثم اتصلت بفخامته وقلت له لقد قدت ثورة جديدة، وهو أهم ما قلته في حياتك السياسية حول بناء الدولة. ثم قال لي بمرارة: «الإشكالية في بلادنا أن لا أحد يلتقط شيئا..». هل الموضوع موضوع توجه وليس للدعاية الانتخابية، خاصة أن هذا قيل بعد الانتخابات بحوالي 3 أشهر؟ ثم الإشكالية التي واجهها الرئيس في حزبه هي أن هناك بعض الإخوان لهم حسابات أخرى قد تكون أحسن لهم من حساباتنا!! لكن بهذا شكلوا صفا من المخالفين لهذه التوجهات والمعارضين لها. ثم جاءت قضية صعدة وتصاعدت, وجاء الحراك في الجنوب وتصاعدت حركته.

أنا كسياسي عندما أحسب مثل هذه الأحداث قد أجد أنه سيصعب على رئيس دولة أن يعلن أو ينفذ قضايا يوجد مخالفون له فيها في حزبه بالمركز وفي ظل تصعيد في صعدة للقتال، وهناك في الجنوب حراك لم يعد أصحابه يقبلون بالأوضاع القائمة، ومعنى هذا أن يجرد نفسه من كل الأسلحة. هذا عذري له، ورجائي أن يكون هذا هو السبب. الآن الفرصة سانحة وصعدة هدأت، ومن يخالفونه في المركز قد خفت حدة مخالفتهم، وهو قادر الآن على إقناعهم.. إلخ والحراك في الجنوب قد يكون الأكثر دعما لإصلاحات جادة وعميقة، والوقت قصير أمامنا كلنا، وأن يترفع الأخ الرئيس عن أية خلافات مع أي حزب ولايلتفت لها أو يصرف ما تبقى من وقت فيها، بل يتجه إلى تنفيذ ما قاله وما اتفقنا عليه في رمضان الماضي اتفاقا نهائيا، وأن ينفذ إقرار قانون للحكم المحلي يشمل استيعاب كل ما قاله من أن لايكون عام 2010 إلا وقد انتخبت الحكومات المحلية، ثم يتجه إلى الأخذ بقانون القائمة النسبية للانتخابات وترك النظام الانتخابي القائم على تقاسم اللجان والدوائر الفردية، فنظام القائمة النسبية للانتخابات هو الأسلم للبلد وأصلح للأخ الرئيس كرئيس للبلاد وهو الأصلح على المدى البعيد لحزب المؤتمر الشعبي العام، ولجميع الأحزاب، والأصلح للوحدة لأنها ستجعل الإنسان في صعدة أو في المهرة أو في غيرهما ينتخب مرشحين من محافظات مختلفة لايعرفهم وسيخلق بين الناس بدلا من التنافر نوعا من الخيط الوجداني. فأنا عندما انتخب مرشحا من مناطق أخرى من غير منطقتي يترتب على هذا عاملا وجدانيا يربطني بهذه المناطق ويعمق الوحدة، كذلك سيتعود الناخب أن ينحاز لبرامج انتخابية أكثر من انحيازه لأشخاص، ولن يذهب صوت أي ناخب هدرا بل جميع الأصوات سيكون لها ممثلون. كما أن الحكم المحلي كامل الصلاحيات يمنع أي غبن أو ظلم في أي منطقة، وسيسمح للناس بالمشاركة في إدارة شؤونهم. ثم أننا لن نحتاج إلى أن ندافع عن كلمة وحدة، لأن الناس سيجدون مصلحتهم في الوحدة من خلال الحكومات المحلية كإحدى آليات (المواطنة السوية)، وتحدث ردود الفعل العكسية عندما يأمل الناس في شيء ولايتحقق ما كانوا يأملون به.

> ألا يعني ذلك أن الرابطة لم تكن مع انتخاب المحافظين بالطريقة التي تمت في مايو الماضي؟

- قلت للإخوة في المؤتمر الشعبي العام إن كانت هذه خطوة أولى لتحقيق ما قاله الرئيس بأن يتحقق الحكم المحلي الكامل الصلاحيات في العام 2010 فتتحول المجالس المحلية إلى حكومات محلية بانتخاب مباشر من الناس بصلاحيات كاملة وبانتقال الصلاحيات كلها، وتبقى في المركز الصلاحيات السيادية، فنحن مع هذا التوجه ونعتبر انتخاب المحافظين بهذه الطريقة المبتسرة خطوة أولى على الطريق الصحيح. أما إذا كانت خطوة نهائية، فنتحفَّظ عليها فهي مؤشر على تراجع غير محمود.

والإشكالية أننا قد بُلِينا، ليس كما يقال (بشيطان في التفاصيل) فهذا مقدور عليه، لكن بـ(شياطين التفصيل) للدساتير والقوانين والأنظمة!! نسأل الله أن يهديهم فهم أكثر من يُضل أصحاب القرار ويزين لهم ما يصورونه (مخارج) وهو في حقيقته (مأزق) لهم وللبلد.

> كيف تنظرون إلى الحراك في المحافظات الجنوبية؟

- أخشى ما أخشاه أن نستمر بالتهوين لما يجري في الجنوب، ونفاجأ بأنفسنا في أزمة أخطر وأخطر، لذلك يجب التعاطي مع هذا الأمر بجدية بإزالة المظالم والاستجابة للمطالب المشروعة, ونعتقد بدراسة معمقة أن ما طرحناه في رؤيتنا ومشروعنا للإصلاحات الشاملة يمكن أن يحل جميع الإشكاليات في بلادنا فـ(المواطنة السوية) القائمة على العدالة في توزيع الثروة، والديمقراطية المحققة للتوازن في المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين فئات الوطن ومناطقه، والتنمية المتوازنة والمتوازية يمكنها أن تستوعب كل الصراعات أكانت صراعات سياسية أم قبلية أم مذهبية أم من أي نوع. إن الهروب من هذا هو الوقوع في فخ دوائر الأزمات، فنخرج من أزمة ثم ندخل في أزمة أكبر، وأظن أن خبرة الأخ الرئيس الطويلة تمكنه من الإدراك العميق لهذا الأمر.

> يجري التركيز على المحافظات الجنوبية، وكأن المحافظات الشمالية تعيش في الفردوس، ماذا يعني هذا؟

- أنا قلت إنه يجب استيعاب جميع أزمات اليمن، سواء كانت سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية أم مذهبية، اليمن كله يعاني، ولم يقل أحد الجنوب يعاني وحده، أنا أكرر منذ سنين أن هناك جروحا في الجنوب حديثة، والجرح الحديث يكون طريا يؤلم ويسيل الدم منه أكثر, أما الجرح القديم فيكون فيه المجروح قد تعود على الألم، ولايعني هذا أنه قد قبل بهذا الجرح أو أنه لايشعر بالألم، وفي هذا يجب أن نحذر مما قد يعتقده الناس، من أن بعض المناطق بتحملها للجروح تقبل بهذا الألم، وبالتالي فإن ما نطرحه هو حل للوطن كله وليس لمنطقة بعينها، وليس عيبا القول بوجود قضية جنوبية، هناك قضية جنوبية وقضية في صنعاء وقضية صعدة وهي قضية موجودة وقضية في تعز وإب وذمار والبيضاء ومأرب.. وفي إطار الجنوب هناك قضايا فرعية إما على أساس فئوي أو جغرافي، إذن هناك وجود لقضايا في إطار قضية جامعة، ويجب أن نبتعد عن هذه العقدة من أن هذه القضية في الشمال وأخرى في الجنوب.

> ألا توجد خشية من هذه المسميات واستغلال بعض الأحزاب لها؟

- لا خوف من مثل هذا الطرح ومن هذه المسميات إذا ما أحسنّا التصرف، ثم لماذا الانزعاج من دور لبعض أحزاب المعارضة التي قد تكون تخشى على نفسها أن تصبح غير مقبولة من الجنوب مثلما تهيأ للبعض من أن الوحدة مرفوضة فحاولوا الدخول على هذا الخط. لكن ما أفهمه أن هذا الحراك لايقاد بطريقة حزبية، ربما حاولت وتحاول بعض الأحزاب في هذا الأمر مؤخرا، وقد يكون من حقها أن تستفيد، لكن في اعتقادي أنها لاتملك، حتى الآن، أي قرار في تصعيد الحراك أو تهدئته أو في استمراره أو في إيقافه.

> ماذا عن مشروعية هذا الحراك؟

- المشروعية نسبية، لكن مبدأ أن يتحرك إنسان سلميا لرفع مظالم أو استعادة حق أو لتحقيق رؤى سياسية فهذا حق مشروع، أما ما هي الرؤى؟ هنا قد نختلف. نحن في حزب الرابطة واضحون، نحن مع أي حراك سلمي لتحقيق مطالب مشروعة، نحن مع أي حراك سلمي في إطار الوحدة، نحن لانقر انفصالا، وهذه أمور واضحة، لذلك نحن قد لانكون مرضيا عنا من بعض زملائنا وأهلنا في الجنوب ومن بعض المواقع التي يديرها بعض الإخوان الذين لايتفقون معنا في استيعاب المرحلة الراهنة، ونفضل من جانبنا أن نُهاجم على أن نُمدح باستغلالنا لعواطف الناس، الإنسان عندما يكون ثائرا عاطفيا لا شك أنه يفرح أن تؤيده في هذا الظرف، سواء كان صحيحا أم غير صحيح وهو يتوقع منك أن تكون معه في هذا الموقف، لكن نقول لكم يا إخوان نحن نرفض أن نستغل عواطفكم ومعاناتكم، ونرفض أن ندفع بكم في اتجاه لانرى صوابه، وحتى لو افترضنا جدلا أن الجنوب انفصل فهو إشكالية للجنوب وإشكالية للشمال، ولن يبقى الشمال شمالا ولا الجنوب جنوبا، وستسيل أنهار من الدماء، ولكن طالما يوجد حل لدينا لنزيل هذه الشكاوى والمظالم وتبقي بلادنا موحدة وتوجد لنا قيمة في العالم وفي المنطقة فذلك هو منطق الأمور، ونخشى، كالمعتاد، أن لاندرك صحة المواقف الواعية ونضجها إلا بعد فوات الأوان.

> شاركتم في حرب صيف 94 وإعلان الانفصال، كيف كنتم ستحكمون الجنوب؟

اقرأ تصريحاتي آنذاك، وفي كل المراحل كنت أقول لا انفصال عن الوطن، نحن ننفصل عن منظومة الحكم التي كانت موجودة في ذلك الوقت لنعيد الأمر على أسس صحيحة ويتم حوار لنصل إلى هذه الأسس.

> هذا يعني أن الوحدة لم تتم كما يجب من وجهة نظركم.

- ما أقوله اليوم قلته في الـ 22 من مايو من العام 90، نؤيد الوحدة كوحدة، ونرحب بها ونحن معها، ولكن كان يجب أن تتم الوحدة بعد إقامة مصالحة ووحدة وطنية على مستوى الجنوب، كما تم ذلك من خلال المؤتمر الشعبي على مستوى الشمال.. أمَّا وحدة حزبية، أي (تحزيب) الوحدة فقد جانبه الصواب كإجراء، فمن الذي وقع عليها غير الحزبين، المؤتمر الشعبي في الشمال، الذي ضم كل التيارات تقريبا، وفي الجنوب الحزب الاشتراكي، ولم يُدْخِل أي مواطن جنوبي في الموضوع. ذهبنا إلى عدن في 13 مارس 1990 لنحاور الإخوة في نظام الجنوب لنقيم قبيل الوحدة مصالحة وطنية على مستوى الجنوب ونتجه جميعا للوحدة، ولم نجد من يقبل بمصالحة وطنية أو حوار، وكنا قد أعلنا هذا الكلام قبل ذلك في بيان في 1 ديسمبر 89 بعد ساعات من إعلان عدن في الـ 30 من نوفمبر، ثم أرسلنا رسالة للإخوان في عدن نؤيد تلك الخطوة، وقلنا كما أقيم في الشمال المؤتمر الشعبي العام من كل الاتجاهات لماذا لانقيم شيئا مماثلا يمثل الوحدة الوطنية، ومصالحة وطنية على أسس ديمقراطية في الجنوب لاتستثني أحدا، ثم نتوجه جميعا نحو الوحدة، ولكن كان للأخوة رأي مغاير، ومع ذلك باركنا.

> هل لكم دور في هذا الحراك؟

- نحن نؤيد كل حراك سلمي بطرق مشروعة لتحقيق مطالب مشروعة أو لرفع مظالم، كما أننا مع الحراك المشروع وفي إطار الوحدة وضد الانفصال وندين أي قتل من السلطة للناس خاصة والناس لم يكن معهم سلاح، لأنه بهذه الطريقة سيندفع الناس إلى حمل السلاح فيكبر الشرخ، وحتى لو ضربتهم السلطة وانتصرت عليهم فإن الشرخ سيكبر، وقد لايقوى أحد على علاجه. يجب على السلطة ألا تدفع الناس لأن يضطروا إلى حمل السلاح، نحن بشكل واضح ضد أية جهة ترفع السلاح في وجه السلطة، كذلك لايجوز للسلطة أن تستخدم القتل ضد المواطنين، فعند السلطة رصاص مطاطي وقنابل مسيلة للدموع، عندها رشاشات مياه لتفريق المتظاهرين إذا كان هناك لزوم مشروع لتفريق أية مظاهرة، وإن لم يوجد لزوم فتترك المظاهرة تعبر عن نفسها.

> يلاحظ أن حزب الرابطة محصور في نشاطه في المحافظات الجنوبية؟

- أي متابع لابد أن يلمس أننا لسنا محصورين في إطار المحافظات الجنوبية أو الشمالية، فلو كانت سياستنا أن نكون في إطار المحافظات الجنوبية كان أسهل لنا ركوب الموجة، يمكن نكون أقدر من غيرنا، لكن نرى أن هذا عبث وهذا لعب بعواطف الناس واستغلال جهود آخرين، وهذا قد يدفع بالبلد إلى الهاوية. وللعلم فقد يكون عدد المنتسبين لنا في المحافظات الشمالية أكبر.

> حدث تطور جديد في صدام السلطة بالقاعدة، كيف تنظرون إلى هذا الأمر؟

- هذا موضوع في غاية الخطورة يضاف إلى المخاطر الأخرى، ولكن خطورته من نوع آخر، قد تكون خطورته أعم وأعمق وأطول. ابن خلدون في تحليله الاجتماعي في (المقدمة) يرى أن الإنسان العربي أكثر ما يندفع مضحيا في سبيله هو العقيدة، وعندما تطغى مفاهيم التطرف تصبح مصيبة وكارثة مركبة, الإشكالية الكبرى أننا نلعب على التوازنات باسم الدين، ويجب أن نوقف هذا الأمر جميعنا، فاللعب بالتوازنات باسم الدين يحرق الجميع. إن نهج السماحة والاعتدال الذي اشتهرت به بلادنا هو رأس مال اليمن اليوم للتعامل مع العالم دينيا. إن أي تهاون في التعامل مع التطرف باسم الدين، والغريب عن بلادنا وتاريخها وثقافتها، سيؤدي إلى كارثة لن يسلم منها أحد داخل اليمن من أقصاه إلى أقصاه، لذلك أرجو، وفي اعتقادي أن هذا هو التوجه لدى الدولة، أن يكون هناك حسم في هذه الأمور، والحسم ليس أمنيا فقط لكن الأهم الجانب الفكري للعلاج، فأمراض التطرف لايكفيها الحسم الأمني، فالمصدة الوحيدة التي تمنع تمويل الموجود بخلايا جديدة هي المصدة الفكرية من خلال الطرح السليم، إذن لابد أن نقيم هذا الأمر لمنع التمويل بالذخيرة البشرية، وأن نضع حدا لعملية فتح المجال للمعاهد أو للمدارس أو للدعاة في التكفير والتبديع، فالتكفير كما قال شيخنا عمر بن حفيظ هو أخطر من التفجير، فالتفجير يقتل عددا من الناس لكن التكفير هو الأداة والمبرر والآمر للسلاح وللتفجير، وهو الذي يحفز التفجير. هذا الشاب المسكين الذي فجر نفسه في سيئون، وكانت ستحصل كارثة في حضرموت، وكانت دار المصطفى ستنتهي في تريم، وكانت اليمن ستفقد جماعة من خيرة علمائها في شِعب نبي الله هود، فلمصلحة من كان هؤلاء الشباب المساكين سيعملونها، وبعضهم قتلوا معتقدين أنهم ذاهبون إلى الجنة.. من أوهمهم بهذا الوهم؟!!. علينا أن نقفل هذا (الصنبور) أن نمنع تدريس التعبئة بالتطرف والتكفير في بلادنا، وليس غريبا أن علماء السماحة والاعتدال الذين استهدفهم التطرف المضاد للدين في مراحل سابقة هم أنفسهم الذين يستهدفهم التطرف باسم الدين، بل إن عددا من الذين كانوا متطرفين ضد الدين قد تحولوا إلى متطرفين باسم الدين!! وخصومهم هم نفس علماء الاعتدال والسماحة، فالتطرف في أي اتجاه هو عدو للاعتدال والسماحة. اليمن عاش في إطارالمذهب الزيدي الهادوي والشافعي والإسماعيلي في حراز وقلة من الأحناف في تهامة واليهود في صنعاء وخمر وصعدة ومناطق أخرى، ولم يعرف اليمن حروبا دينية أو مذهبية داخلية منذ دخول الإسلام، بل حتى الحروب التي كانوا يسمونها في الجنوب حروبا زيدية هي حروب الحكام، فكانت توسعا لسلطة الحكام وليس للمذهب الزيدي- كما كان شأن الحكام قبل الإسلام- فالمذهب الزيدي اختلافه مع الشوافع واختلاف المذهب الشافعي مع الزيدي كان اختلافا علميا راقيا مع بقاء المودة والاحترام، ويتزاورون ويأخذون عن بعضهم العلم، كل يأخذ عن الآخر العلم والإجازة، بدليل أن مناطق شافعية حكمها أئمة زيديون لكنهم لم (يزيِّدوا أحدا).

ما أريد أن أدلل عليه أنه لم يوجد صراع مذهبي، اليوم صراع ديني جديد وافد على اليمن، فالتكفير وافد على اليمن.

> بماذا تعللون التطرف في محافظة حضرموت رغم أن أهل حضرموت يتسمون بالطابع المدني ؟

- لم يبدأ التطرف من حضرموت فقد بدأت عملية التكفير من صعدة في معهد دماج، ويمكن أنها هي التي استنفرت الزيدية بصعدة ثم انتقلت إلى صنعاء وتعز وعدن حيث نبشوا القبور وفي جعار وأبين وحطاط وجبل المراقشة وشبوة.. من أين جاء هؤلاء؟!. لكن الغريب أن أشخاصا من حضرموت من بيوت حضرمية معروفة بالخير، الذين قبض عليهم أو قتلوا في حضرموت في الأحداث الأخيرة من بيوت معروفة لم تعرف إلا بالخير.

> الآن وقفت الحرب في صعدة كيف تنظرون إلى معالجة التداعيات وأثار تلك الحرب ؟

- أولا قرار الرئيس علي عبدالله صالح كان قرارا رائعا فعلا أثار إعجابي بجراءته وحسمه، وهذا ليس سهلا على أي رئيس دولة في مرحلة كهذه التي يمر بها اليمن. البعض يقول: إن الجيش انهزم في الحرب.. ولو اتخذ الرئيس هذا القرار في ظل انهزام الجيش- المزعوم- لكان القرار أكثر وأعظم في الجُرأة والحسم. الرئيس لم يسلك المكابرة والعناد، وانطلق من مصلحة الوطن، لكن الحقيقة أنه من الصعب على مجموعة أن تهزم دولة، قد تهزمها في معركة معينة ومحدودة وفي النهاية لايمكن أن تنتصر. الإشكالية في صعدة تبدو أنها حُـلَّت بقرار الرئيس في ما يختص بالصراع بين الحوثي والدولة، لكن كما نعلم أن كثيرين انضموا إلى الحوثي وأن كثيرين قاموا مع الدولة، وبعض هذه الفروع حول الطرفين كان لها مصلحة، ونخشى أن مصالحها تتغلب عليها وتثير أو تستمر في هذه المشاكل، ورغم اعتقادي أن الرئيس أكثر علماً وإدراكاً مني في هذه المسائل لكنني أنصح بأن يسارع في حل الإشكاليات الداخلية في صعدة ولايسمح بتهييج الفتنة القبلية بين الناس وبتحويل هذه الحرب إلى ثارات في إطار أهل صعدة، ويمكن حسمها بقرار واحد من رئيس الدولة بأن من قُـتِل هنا أو هناك فإن قتله ليس قتلا قبليا، وإنما في قتال دولة مع مقاتلين ضد الدولة، أو سمهم ما شئت، ولم يقتلوا على أساس قبلي، وبالتالي فليُمنع الثأر القبلي في هذه المسألة وبسرعة، فإنه لو انفجرت المعارك في صعدة على أساس قبلي فلا تعتقد السلطة أنها ستكون بين الحوثي وغير الحوثي، لكن قد تمتد وتكبر، فرأيي أنه لابد من حسم هذه المسألة بسرعة داخل صعدة. الناس مجروحة في صعدة، قرى مدمرة وضحايا من النساء والأطفال من الطرفين، لذلك فقرار الرئيس هو الحاسم، ويستطيع أن يستعين ببعض العلماء من الزيدية والشافعية المعتدلين العقلاء البعيدين عن السياسة والمؤثرين ليقوموا بتوعية الناس بخطورة استمرار الفتن دينيا، وأهل صعدة هم أهل دين فإذا نُـبِّهوا من ناحية دينية وأن هذا ذنب كبير لايجوز الاستمرار فيه فسيكون لذلك أثر كبير، ما لم فإنني أخشى أن لاتستعيد الدولة سيطرتها على مديريات صعدة، ويدخل أهل صعدة دوامة الثأر، وبعد أن يبلغ بهم الجهد والتعب مبلغهما ويصبحون مهيأين لقبول أي ساعٍ للصلح، فيأتي غير الدولة، في مرحلة لاحقة، فيصلح بينهم ويصبح المتنفذ فيهم.

> ماذا عن الوحدة الوطنية التي كانت دوما أحد مرتكزات طرحكم؟

- لازلنا نرى أن اتفاق كل الطيف السياسي والاجتماعي في الوطن على القضايا الأساسية أمر ملح ومهم، وهذا لايتأتى إلا من خلال حوار موضوعي جاد نضع فيه مفاهيمنا حول قضية (المواطنة السوية) التي نرى في حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) أنها ترتكز على ثلاثة أضلاع: العدالة في توزيع الثروة، والديمقراطية المحققة للتوازن في المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتنمية الشاملة المتوازنة. واقترحنا آلياتها، وهي: الحكم المحلي كامل الصلاحيات، نظام الحكم الرئاسي، نظام الانتخابات بالقائمة النسبية، نظام المجلسين المنتخبين، القضاء المستقل النافذة أحكامة، الخدمة المدنية المستقلة، الإعلام المستقل، تقليص الفساد.. إلخ. ونرى أنه قد آن الأوان لعقد لقاء أو مؤتمر وطني للوحدة الوطنية، يضم كل الطيف السياسي والاجتماعي والاقتصادي وعلماء من المشهود لهم بالسماحة والاعتدال والذين لا انتماءات سياسية لهم، يناقش هذه القضايا ويتفق عليها، وأرى أن فخامة الأخ الرئيس هو المؤهل للدعوة لهذا المؤتمر ورئاسته.

> التنسيق الأمني بين السعودية واليمن في الحرب على الإرهاب.

- التنسيق الأمني بين البلدين الشقيقين قائم، ويبدو أنه يمر بأقوى مراحله، فما يجمعهما من مصالح وما يُنتظر أن يجمعهما من مصالح وتطوير للعلاقات على كل المستويات يستلزم متانة التنسيق الأمني، وما أعتقده أن من الأهمية بمكان تطوير العلاقات الاقتصادية سواء بين المؤسسات الرسمية في البلدين أم بين المؤسسات الخاصة بغرض إقامة شبكة من المصالح المشتركة على المستوى الرسمي والقطاع الخاص.

> هناك تطورات حدثت في بعض الدول العربية وتحديدا لبنان، كيف تنظرون إلى هذه الأمور؟

- لا شك أن ما حدث في لبنان من تصالح وتسوية خطوة كنا ننتظرها ونباركها، لأن تركيبة لبنان تركيبة استثنائية، ولايجب على أي حزب أو مجموعة أن تستغني عن الأخرى أيا كان ضعف الأخرى، لأن القوة والضعف عاملان متغيران، فإن كنت اليوم قويا فغدا قد يصبح خصمك أقوى منك ولاتستطيع أن تحافظ على ثبات الثوابت التي يجب أن تراعى في البلد بالاعتماد على متغير، فبالتالي لابد أن يحافظ اللبنانيون على الثوابت في عدم طغيان فئة على أخرى أو طائفة على أخرى.

> الصومال يمثل ركنا من المحيط الحيوي لليمن، كيف تنظرون إلى التطورات الجارية وانعكاسها على اليمن بعد تقدم الجهاد والمحاكم في هذه الحرب؟ ثم بماذا تقيمون الدور اليمني؟

- الصومال في نطاقنا الإقليمي ودولة مسلمة عربية وشعب غاية في الطيبة، ولنا به صلات تاريخية وتربطنا مصالح إقليمية اقتصاديا وامنيا، وجرح الصومال النازف منذ مطلع التسعينات كانت بدايته تلكؤ نظامه في إدراك أهمية رياح التغيير الناتجة عن انهيار الاتحاد السوفيتي ومنظومته، ولم يشعر إلا بتمزق مظلة الحماية السياسية والأمنية والرعاية الاقتصادية، فدخل في أزمة اقتصادية حادة وبدأت ثورة جياع في غياب أي رضى شعبي عن المنظومة الحاكمة التي اعتمدت على تركيبة المقربين قبليا ومناطقيا من الرئيس في غياب أي توازن في المصالح مع باقي مكونات الوطن سكانيا وجغرافيا, فلم يسعف النظام أيُّ من مراكز قواه فانهار وانهارت الصومال وتمزقت، واستطاع إبراهيم عقال أن يحافظ على منطقته ويقيم فيها شيئا من التوازن والعدل ونأى بها عن الصراع وأقام بها حكما لم يعترف به أحد لكنه صمد بعوامل بقائه الداخلية رغم تجاهل العالم كله له، ودخلت باقي الصومال في دوامة الحروب الداخلية حتى أصبحت مرتعا أيضا لبعض منظمات التطرف، ولايزال العالم يحاول وضع حد لهذه الكارثة السياسية التي أصبحت أيضا إنسانية، ولا شك أن بلادنا بذلت جهودا ولازالت، ولا مفر لنا أن نبذل جهودا في إطار جهدٍ دولي لوضع حد لهذه الأزمة التي أصبحت آثارها تمس مباشرة خليج عدن بأعمال القرصنة البحرية.

> وماذا عن أزمات السودان؟

- هي أكثر تعقيدا، سواء على المستوى المحلي الذي جاء نتيجة لقراءة قد تكون مستعجلة لموازين القوى الدولية أم على المستوى الدولي الذي بدأ مبكرا جدا جدا تجارب تعدد الأقطاب اقتصاديا وجعل من السودان حقله الأول للتجربة ومن دارفور بالذات، وهو بلد لم تستطع أنظمته المتعاقبة أن تستفيد من التنوع الديني والعرقي والقبلي والجغرافي والمناخي، وبدلا من التعامل معه كعنصر قوة وثروة تم تجاهله بل ومحاربته، فتحول إلى عوامل تمزق وصراع، وفقدت السودان (جون جارنق) الذي كان في الجنوب عنصرا مهما وأساسيا للحفاظ على وحدة السودان- بخلاف كل ما كان الإعلام العربي يصوره- والعرب والنظام في السودان يستوجب عليهم الدراسة العلمية المتعمقة لإيجاد المخارج العملية التي تحفظ السودان من التمزق والتي تحول التنوع الكبير إلى ثروة وإلى عامل تكامل.

> هل العالم اليوم مقبل على حرب باردة جديدة؟

- الحرب بين جورجيا وروسيا هي عنوان لمؤشرات، ويمكن أن نقول إنها بداية لمرحلة جديدة في العلاقات بين روسيا الاتحادية من جهة والغرب من جهة أخرى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى