يحبهم ويحبونه

> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

> قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه.

إن وجوب «إتقان العمل» شرط لازم، وفرض حازم، وأمر حاسم في قيمنا الإسلامية التي غدا القابض عليها والمحافظ على شيمها، والمتمسك بأهدابها، والملتزم بأهدافها وكأنه «قابض على الجمر».. وهي قضية عقدية من صميم عرى الإيمان لأنها شعبة من شعب الإيمان، ودرجة في مقام «المحبة الإلهية»، فالحق جل في علاه «يحب» إتقان العمل بشكل دقيق خالص مخلص لله، صواب موافق للشرع.. وبالمقابل «يبغض» العمل العشوائي الارتجالي المتسرع الخالي من التخطيط السليم، والنزاهة المهنية، الساعي إلى تحقيق الربح السريع، والمكسب الكبير دونما تبصر ولا روية، ولا رقابة إلهية، ولا ورع حاجز عن المحارم، وهؤلاء هم الذين قال عنهم القرآن:(إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوماً ثقيلا)الإنسان 27. أي أنهم- مثل كثير من التجار الفجار- يحبون الدنيا الفانية، وأرباحها العاجلة، ولايفكرون في يوم البعث والجزاء والحساب فهم «يحبون العاجلة ويذرون الآخرة».

وهذا «الحب الأعمى» الذي لا يرى الحقوق فيؤديها، ولا يرى الصراط فينتهجه، بل يمارس العقوق الأخلاقي ضد مجتمعه، ويرى المال وينتهبه حبا له، وأثرة به حتى صار من الذين(يحبون المال حباً جماً)الفجر 20. وكل تلك الموبقات بسبب عدم «إتقان العمل».

ويعلمنا نبينا الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أن نتقن عباداتنا، نتقن صلاتنا لقوله «ليس للمرء من علاقته إلا ما عقل منها، ربعها ثلثها نصفها» أو كما قال ليخبرنا أننا بمقدار إتقان الصلاة يكون قبولها، وبمقدار المحافظة على إتقانها وضوءًا وخشوعاً وانضباطاً والتزاماً أخلاقيا وانتهاء عن المنكر، وتسوية للصفوف، وتربية للقلوب.. بمقدار إتقان تلك الأساس المعرفية والسلوكية يكون القبول(إنما يتقبل الله من المتقين).

وحرصنا على «إتقان الصلاة» يتبعه حرص على «بنيان الصلات» إذ يتم قبول الصلاة ممن أدى حقوقها الظاهرة والباطنة، ولهذا لا يتقبل الله صلاة المشاحن، ولا عاق والديه، ولا قاطع الرحم، ولا آكل المال الحرام، ولا النمام، ولا المرأة التي أغضبت زوجها، ولا الأب الذي أهمل أبناءه.. وغيرهم كثير أقاموا سداً منيعاً وفصلوا فصلاً فظيعاً بين الصلاة والصلات.. إتقان العمل الذي يحبه الله يستلزم الحضور للدوام في وقته، والانصراف في موعده، ولا يتخلخل ذلك ويضطرب بحجة الصيام أو الذهاب لأداء الصلاة وعدم العودة لاستئناف العمل، حتى «يحلل» لقمة طعامه.

وإتقان العمل الذي يحبه الله يفترض الدقة في الأداء، والإخلاص في الإنتاج، والحب للمهنة والنية المخلصة في خدمة المسلمين، والعمل على إشاعة جو من الانسجام في محيط العمل.. وإتقان العمل الذي يحبه الله يوجب وجوبا شرعيا الابتعاد عن المكاسب المحرمة والأساليب الملتوية مثل الغش في الكميات أو التطفيف في المكيال والميزان، والمغالاة في أسعار السلع.

وإتقان العمل الذي يحبه الله ينبغي أن يبتعد عن كل شبهات الرياء تجنباً للشرك الأصغر، والتخلي عن المعاملات الربوية، أو مخادعة المستهلك، أو استخدام الإعلانات الكاذبة.. وإتقان العمل الذي يحبه الله يفترض على كل مسلم ومسلمة أن يؤدي واجبه بإتقان، ويتقنه بإحسان، ويحسنه بإمعان.. وطالما قال عليه وعلى آله صلوات الله وسلامه «فأحسنوا الذبحة» بالنسبة للمواشي فمعناه إحسان وإتقان ماهو أعظم مما يتعلق بأطعمة وأغذية البشر التي غزتها المواد الكيماوية المهربة حتى من اليهود على يد «اللصوص المتنفذين» الذين يقتلون شعوبهم قتلاً بطيئاً.. والله المستعان.. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

مدرس بكلية التربية

جامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى