يحبهم ويحبونه

> «الايام» علي بن عبدالله الضمبري:

> من مادة واحدة، ومن جذر لغوي وأحد جاءت كلمات (صدق، صديق، صداقة، صدّيق، صدقة، صداق).. لأن (الصداقة) هي أغلى منح الحياة السعيدة الرغيدة، التي تمنح ماء حياتها من نبع (الصدق) وهو أسمى الفضائل، ولذلك قال الله تعالى:(اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) التوبة 119 ، وقد قيل في الأمثال (صديقك من صدقك لا من صدّقك) وقيل: صديقي من يشاركني همومي

ويرمي بالعداوة من رماني

والمسلم الإيجابي لن يستطيع أن يعيش بدون صديق صادق صدوق، بل يجب أن يكون هو نفسه صديقاً حنوناً ودوداً للآخرين.

إن الصداقة الطاهرة الباهرة سلوك قيمي تعبر به النفس السوية عن حاجتها إلى نظير ومثيل وشبيه يشارك بإخلاص، ويحب بصدق، ويخلص بحب.. وليست الصداقة مصلحة عاجلة ومشاركة زائلة من أجل (مقيل قات) أو للحصول على (عشوة سمينة) أو (رشوة ثمينة)، بل هي تعني تلاقي القلوب وتلاقح الأفكار، وتآلف الأرواح، وائتلاف النفوس، ولذلك وصف الله أجدادنا اليمنيين الأنصار بأنهم (يحبون من هاجر إليهم) الحشر 9.. إنه (الحب في الله) الذي يقوي ويثبت ويدعم الإيمان «لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه».

وهؤلاء المتحابون في الله حقّت ووجبت وثبتت لهم (محبة الله)، فقد جاء في الحديث القدسي «إن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي« رواه مسلم 2556 وأحمد، وروى الترمذي 2391 عن معاذ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله عزوجل:«المتحابون في جلالي، لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء». إنها درجة سامقة سامية يغبط النبيون والشهداء أهلها وأصحابها (معنى يغبط:يتمنى مثل ما للغير من الخير وهو غير الحسد عياذاً بالله).. وإذا كان حديث معاذ بن جبل السابق قد دعمته الآية السالفة من سورة الحشر عن (الأنصار) اليمانيين الأصلاء النبلاء فقد أثبتت السنة المحمدية وأوجبت وفرضت حب أولئك الأنصار الحكماء العظماء حتى قال عليه وعلى آله صلوات الله وسلامه:«الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق، من أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله« متفق عليه.. بل أن هذا الفتى الأنصاري (معاذ بن جبل رضى الله عنه) كان من أصدق أصدقاء النبي صلى الله عليه وسلم، حتى قال له:«إني أحبك يا معاذ، فلا تدع أن تقول في دبر كل صلاة:"اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» رواه أبو داود والنسائي وقال الحاكم في موضعين من المستدك: إنه صحيح على شرط مسلم. و(معاذ بن جبل) أيضاً هو الذي روى عنه أبو إدريس الخولاني قال:«سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله عز وجل: وجبت محبتي للمتحابين فيّ، والمتجالسين فيّ، والمتزاورين فيّ، والمتباذلين فيّ» صحيح رواه مالك في الموطأ 2/ 6953 وأخرجه ابن حبان في صحيحه وصححه. وكل القراء الأعزاء والقارئات العزيزات يعرفون السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله منهم «رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه» متفق عليه.

فلنسأل أنفسنا:من منا أحب في الله، وجالس في الله، وزار في الله، وبذل في الله؟! فمن قال صادقاً:أنا، فليبشر بما قاله الملاك لمن زار أخاه:«إن الله قد أحبك كما أحببته» رواه مسلم 2567، نسأل الله أن يجعلنا فيه متحابين، ويحشرنا يوم القيامة إخوانا على سرر متقابلين.. آمين. وصلى وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

مدرس بكلية التربية

جامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى