وداعا فيلسوف الأغنية اليمنية

> «الأيام» د. محمد فرحان بن عون:

> بعد أن نامت مدينة الشيخ عثمان ليلتها وهي تدعو الله العزيز القدير أن يشفي مريضها ويعيده إلى أهله وداره، إذا بها تستيقظ صباحاً حزينة باكية على فراق ابنها الغالي الذي حمل وحفظ اسمها ورفع رأسها في كل المحافل العربية والدولية.. إنه الفنان المثقف الراحل طه فارع .

ولد الفنان والمثقف الراحل بتاريخ 1941/4/6م في مدينة الشيخ عثمان حافة دبع محافظة عدن وتربى وترعرع في حضنها الدافئ وتلقى تعليمه الأولي وهو طفل في كتاتيب الشيخ عثمان فحفظ القرآن ثم واصل دراسته في مدرسة النهضة حتى حصوله على الثانوية العامة ثم التحق بالمعهد الفني قسم الكهرباء ونال الدبلوم وبحكم حبه لهذه المدينة الجميلة وعشقه لأهلها ووفائه لها لم يفكر في الابتعاد أو الخروج منها فآثر العيش فيها وتزوج ورزقه الله بخمسة من الأولاد (ثلاثة أبناء وابنتان) ولم يغادرها إلى يوم وفاته .

ففي مطلع الستينات من القرن الماضي بدأ الفنان الراحل مشواره الفني، فذاع صيته وتألق كملحن ومطرب وكواحد من أبرز فرسان الأغنية اليمنية في عصرها الذهبي في عدن، وكان ذلك من خلال إحيائه الحفلات العامة والتسجيلات الإذاعية والتليفزيونية وتغنى بألحانه الشجية مجموعة من المطربين والمطربات، ولقد أثرى الساحة الفنية بالعديد من الأغاني والألحان العذبة والأصيلة .

أما حياته العملية فقد بدأها في مصافي عدن ثم الخزينة العامة، ولحبه وشغفه بالموسيقى انتقل عام 1976م للعمل مشرفاً للقسم الموسيقي في معهد الفنون الجميلة، ومثلما كان مبدعاً في الغناء وماهراً في التلحين فقد كان مبدعاً أيضاً في هندسة الصوت بتلفزيون عدن .

وبما أن الفقيد كان يتمتع بثقافة فنية عالية وبحرص واهتمام بالفن والتراث اليمني فقد ساهم كثيراً في التوثيق الفني وخاصة في مجال التراث والتاريخ المعاصر للأغنية اليمنية، وله مؤلفات قيمة في هذا المجال أهمها (لمحات من تاريخ الأغنية اليمنية الحديثة) .

وتقديراً لجهوده في تطوير الغناء اليمني وكتاباته الراصدة والتوثيق في الثقافة والفن تحصل الفقيد على العديد من الأوسمة والميداليات منها الميدالية الذهبية عام 1984م من الرئيس السابق علي ناصر محمد، والميدالية الذهبية عام 1985م في مهرجان بابل في العراق، وشهادة تقدير ووسام نوفمبر عام 1997م من الرئيس علي عبدالله صالح، وذلك تقديراً لدوره البارز في تحقيق الاستقلال الوطني والوحدة اليمنية، كما نال العديد من الشهادات التقديرية من المؤسسات الثقافية والإبداعية وكان من أبرز المكرمين من قبل وزارة الثقافة والسياحة اليمنية عام 2004م ضمن فعاليات (صنعاء عاصمة للثقافة العربية) .

وفي صباح يوم الثلاثاء 2005/8/30م وبعد صراع طويل ومرير مع المرض وفي أحد المستشفيات الأهلية بعدن توقف قلب الفنان المثقف طه فارع عن النبض لينتقل إلى جوار ربه ولسان حاله يقول :

وصيتي نفذوا عهدي
وأوفوا الكيل والميزان

وصونوا حبيبي ومحبوبي

ولاتحسبوه في عالم النسيان

تغمدك الله بواسع رحمته وأسكنك فسيح جناته وألهم أهلك وذويك وصحبك الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى