نداء إلى ملكة بريطانيا!

> «الأيام» محمد محمود سلامي:

> في منتصف الخمسينات كانت توجد إذاعة تبث برامجها، وخاصة (ما يطلبه المستمعون) تبثها باللغة الإنجليزية، وتسمى هذه الإذاعة (AFBA - إذاعة القوات المسلحة الإنجليزية)، وتوجد في مبنى صغير (معسكر بدر حاليا) بالقرب من مبنى (اليمدا) - سابقا، وتبث برامجها بالموجة (MW).

وقبل الاستقلال بخمس سنوات بنت القوات البريطانية محطة متطورة للإذاعة في منطقة التواهي بجانب إذاعة عدن.. وحسب ما أفادني به الأستاذ عبدالحميد سلام مدير الإذاعة السابق- متعه الله بالصحة وطول العمر- فإن كوادر تلك الإذاعة كانوا من الإنجليز، وكانوا يتعاونون مع إذاعة عدن في قراءة نشرة الأخبار باللغة الإنجليزية، وكانت تسمى تلك الإذاعة (إذاعة القوات البريطانية).

ورحل الإنجليز عن عدن وتركوا وراءهم هذه الإذاعة بأجهزتها، وتحولت إذاعة عدن من المبنى القديم إلى هذا المبنى المتطور، حيث يوجد في هذا المبنى استوديو كبير لتسجيل الأغاني والتمثيليات والمسلسلات، مع غرف مرفقة واستوديو صغير لبث البرامج والأخبار (إرسال)، مع غرفة مرفقة وغرف للهندسة، وفي الطابق الثاني توجد غرفة كبيرة (مكتبة للأشرطة) ومرفقاتها، وغرف أخرى للأخبار، مع مبنى تابع في الخلف لأجهزة المكيفات العامة (سنترال)، وحوش كبير للسيارات والحرس.

وبعد خروج الإنجليز تعرضت الإذاعة للعبث من قبل بعض الناس عديمي الضمير.. وقد عمل على تجهيزها بعد ذلك مجموعة من المهندسين، أذكر منهم صالح عفارة (رحمه الله)، عبدالله عبدالغفور، محمود إبراهيم عيسى، محمد علي العزاني، شوقي الخطيب (أصبح طيارا فيما بعد)، ومحمد سعيد منصر، وآخرين، كانوا جميعا بقيادة المهندس الكبير رجب عبدالقادر (رحمه الله).

تحول البث من الإذاعة القديمة (البحرية - حاليا) إلى هذا المبنى الأنيق المصمم لأن يكون إذاعة.. ومنذ 1968 بدأ العمل في هذه الإذاعة، وكنا مجموعة من المهندسين والمذيعين وضباط الصوت نعمل في تلك الأستوديوهات، وأذكر منهم المذيعة الكبيرة صاحبة الشهرة الواسعة- حينذاك- السيدة فوزية غانم (أطال الله في عمرها)، والفنان والمذيع عبدالرحمن باجنيد، والأصدقاء عبدالقادر سعيد هادي، عبدالرحمن بلجون (رحمه الله)، ناصر هيثم، محمود ثابت، عبدالرحمن ثابت، سميرة قايد، عديلة إبراهيم، جميل مهدي وعبدالعزيز مسيبلي.

كما كان هناك العديد من الأخوة الكبار في قيادة الإذاعة، منهم الأستاذ علوي محمد جعفر السقاف (رحمه الله)، الأستاذ عبدالحميد سلام، الأستاذ فيصل عبدالكريم، وجمال الخطيب (رحمه الله)، وكانت هذه المجموعة تقود الإذاعة بكل دقة وانضباط ولايحدث خطأ في عملهم إلا نادرا، وذلك يرجع إلى خبرة وكفاءة أولئك الفنيين العاملين في الإذاعة.

في أحداث يناير ضُربت تلك الإذاعة بالدبابات، وأُحرقت بالكامل، لكن المبنى لايزال قائما لم يهدم ولم يتأثر.

ومرت السنون ووزارة الإعلام تتجاهل هذا المبنى بقصد أو بدون قصد، وقد أُهمل المبنى قبل أحداث يناير بعد أن انتقلت الإذاعة إلى مبنى (البينو) المشروع التشيكي.

وجاءت الوحدة المباركة ولم يلتفت أحد إلى ذلك المبنى التاريخي.

ففي أي بلد في العالم تُحول مثل تلك الأماكن إلى مزارات للناس، ليطلعوا على جزء مهم من تاريخهم.. ونحن نهمل كل شيء جميل له تاريخ مهم، ونحاول طمسه والتقليل من شأنه!!.

وإذا كانت الدولة- خاصة وزارة الإعلام- لاتستطيع عمل شيء، فمن هنا يحق لنا أن نقدم هذا النداء إلى ملكة بريطانيا ورئيس وزرائها ليقدما لنا المساعدة لترميم ذلك المبنى، للاستفادة منه في نشر الثقافة، وليصبح مركزا ترعاه بريطانيا، أو مزارا للناس، يتعرفون من خلاله على الفترة الماضية من تاريخ هذا البلد، وليس صعبا على المملكة المتحدة أن تقوم بذلك العمل بالتفاهم والاتفاق مع حكومتنا.

يجب على قيادة الإذاعة أن تتحرك وتهتم بذلك المبنى وغيره، وتعمل لها تاريخا يذكر مثل من سبقوهم، وأن لاتحصر نفسها وعملها في الجلوس على كراسي المكاتب وتوقيع الفواتير ليس إلا!!.

خوفي وندائي أن يباع هذا المبنى التاريخي العتيق، أو أن يصرف لأحد المتنفذين الذين لايعرفون قيمة هذه الأشياء!.. خوفي أن تصيب العدوى ذلك المبنى ويصبح ملهى ليليا!!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى