رد الفعل القطيبي والدروس المستفادة

> نجيب محمد يابلي:

> كثيرة هي كتابات السياسي البريطاني الشهير في عدن ومحمياتها، هارولد إنجرامس، إضافة إلى الكتابات المرجعية والجهود الضخمة النوعية لزوجته وابنته دورين وليلي إنجرامس، والحديث سيطول في المؤلفات القيمة لهارولد إنجرامس والسيدتين الإنجراميتين (دورين وليلي)، ومن كتابات هارولد إنجرامس كتاب ARABIA AND THE ISLES (الجزيرة العربية والجزر البريطانية)، وقد أفرد ذلك المسئول السياسي البريطاني الداهية الصفحات (95-99) من كتابه لحرب البريطانيين وآل قطيب، وكان محورها الشيخ حسن علي محمد صالح الأخرم والد الشيخ سيف حسن القطيبي، ويسكن آل الأخرم في ذي الهجيرة (جبل ردفان)، وينحدر آل الأخرم من آل الكسادي، مكتب ذي ناخب (يافع السفلى)، وسبق لآل الكسادي أن حكموا حضرموت قبل آل القعيطي، وكلاهما من جذور يافعية (لمزيد من التفاصيل راجع حلقة رجال في ذاكرة التاريخ: الشيخ سيف حسن القطيبي «الأيام» العدد (5453) 13 يوليو 2008.

يفيد إنجرامس (في الصفحة 95) بأن قدومه إلى عدن عام 1934 تزامن مع الحرب السعودية اليمنية، وأن المقيم السياسي البريطاني (الوالي السير برنارد رايلي) قد وفق مؤخرا في إبرام معاهدة صداقة مع الإمام الزيدي في اليمن.

تطرق إنجرامس إلى الاتفاقيات المبرمة مع عدد من القبائل لحماية الخطوط التجارية، ومن ضمنها قبيلة القطيبي، وكان شيخها حسن علي يتلقى راتبا شهريا منتظما. فقد حدث ذات مرة أن تعرضت إحدى القوافل التجارية إلى القرصنة، وتقرر تغريم القبيلة (500) ريال ماريا تريزا، ووفقا للأعراف القبلية العربية كان هناك نظام الرهائن لضمان حسن السلوك في المستقبل، والمطلوب أن يقوم الشيخ حسن بدفع الغرامة وإيواء الرهائن.

كما تطرق إنجرامس إلى الزيارة التي قام بها جوا إلى الضالع الكولونيل ليك لتجاذب أطراف الحديث مع أمير الضالع المحاذية للقطيبي، وتناولوا استعصاء القضية وأساسها الشيخ مقبل، عم الشيخ حسن علي، وهو الأكثر تأثيرا ونفوذا من ابن أخيه.

يتناول إنجرامس تصلب القطيبيين في رفض الامتثال للغرامة وللرهائن. يوجه البريطانيون إنذارا بالامتثال ثم ينفذون العقوبة بالغارة الجوية من العيار الخفيف ثم العيار الثقيل، وضاق سلاح الطيران الملكي البريطاني ذرعا بأهل القطيب، ويفيد إنجرامس بأنهم كلما جنحوا للسلم جنح أهل القطيب للسلم أيضا، والعكس صحيح.

يختتم إنجرامس الصفحات المفردة لأهل القطيب في كتابه الذي قدم له السير برنارد رايلي، الذي تحمل مسئولية إدارة المنطقة كمقيم سياسي Politcal Resident وكوالٍ Governor بإفادته:

«لقد أظهرت الخبرة بأن الكثير من مشاكل النزاعات القبلية الداخلية تنشأ بسبب رؤساء القبائل، وأن هناك دليلا على أنه إذا تم إحضارهم للأخذ بعين الاعتبار مصالح رعاياهم فإن الكثير من تلك المشاكل لن تنشأ أبدا».

مشكلتنا أننا لانقرأ، وإن قرأنا لانستوعب، وإن استوعبنا ننسى، وهي آفة العربي، ويظهر الفرعون المسكون فينا الذي يوصلنا إلى طريق مسدود، فهذا هو تاريخنا العربي: لانريد أن نتعظ.. لانريد أن نفهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى