الآنسي:تعاملنا بمسؤولية مع التطورات في الجنوب بعد أن سدت السلطة كل الأبواب

> «الأيام» عن «الخليج»:

> نشرت صحيفة «الخليج» الاماراتية الصادرة امس حوارا مع الاخ عبدالوهاب الانسي، الأمين العام للتجمع اليمني للإصلاح ، أجراه معه الزميل صادق ناشر، وفيما يلي نص الحوار :

> إلى أين وصلت الحوارات والمشاورات بينكم والحزب الحاكم في شأن الأزمة المتصلة باللجنة العليا للانتخابات؟

- قضية اللجنة العليا للانتخابات كان فيها تباين، بين الاهتمام الزائد من قبل الحزب الحاكم والسلطة الحاكمة وبين أحزاب اللقاء المشترك، فالمشترك وجه إلى الرئيس رسالة فحواها أن الحديث عن الانتخابات يجب أن يكون حول الانتخابات كمنظومة واللجنة العليا هي آخر ما يمكن الحديث عنه في هذه المنظومة ؛ فالحزب الحاكم كان مركزاً منذ البداية على قضية اللجنة العليا للانتخابات، فهو يعتقد أن كل السياسات التي يريد تمريرها تمر عبر اللجنة العليا للانتخابات.

وفي الحقيقة فإنه بعد التوقيع على اتفاق المبادئ الذي وقع بين الحزب الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك بناء على توصية الاتحاد الأوروبي بدأ الحزب الحاكم بممارسة السيناريو نفسه الذي استخدمه في الانتخابات الرئاسية السابقة خلال العام 2006، وهو المماطلة، بمعنى آخر ظللنا نتحاور لأكثر من عام من دون جدوى.

ظل الحزب الحاكم طوال الفترة الماضية، وهذه عادته، يراهن على الوقت حتى جاء رمضان العام الماضي وطلع المؤتمر وسلطته بفكرة «مبادرة الرئيس»، وكان الاتفاق على أن يكون لقاء رمضانياً مع الرئيس بهدف تخفيف الأجواء المتوترة في الحياة السياسية في البلاد، وإذا بالمبادرة تتحول من خلال أجهزة الإعلام الرسمية إلى بديل للحوار الذي كان قائماً، بمعنى أن كل القضايا ستطرح بما فيها قضية الانتخابات.

وقد اعتبرنا في «المشترك» أن مبادرة الرئيس هي بديل للحوار والهروب من استحقاقات هذا الحوار، الذي لم يكن قد بدأ خلال فترة الانتخابات، وقد قاطعنا اللقاء، وحصلت حملة إعلامية مكثفة ثم جاءت مناسبة 22 مايو الماضي، حينما أعلن الرئيس مرة ثانية أنه طلب المعارضة للعودة للحوار وأنه هو الذي سيرعاه شخصيا، وقد درسنا هذا الموضوع مع قياداتنا، حيث اجتمعت الأمانات العامة لأحزاب اللقاء المشترك ودخلنا في نقاش طويل، وكنا حريصين على أن نصل إلى حلول، خاصة بالنسبة للانتخابات، ووصلنا إلى قناعة من أنه لا يوجد مانع من الاستجابة لدعوة الأخ الرئيس، وقد استجبنا فعلاً، ونزلنا إلى عدن وظللنا لنحو أسبوع أو أسبوعين، واتفقنا على أن نستبدل كلمة «الحوار» بكلمة «التشاور»، لأننا شعرنا بأننا لم ننجح بسبب إعطاء السلطة والمؤتمر أهمية كبيرة لقضية الحوار من دون أن تكون هناك جدية حقيقية على أرض الواقع.

> ألا تعتقدون أن لكم دوراً في الأزمة من خلال تأخيركم في تقديم أسماء ممثليكم في لجنة الانتخابات كما أعلن؟

- الأسماء ليست القضية الأساسية، ومع ذلك كنا جاهزين، كانت قيادة الحزب الاشتراكي مجتمعة لهذا الموضوع، أي في اليوم نفسه الذي حصل فيه الانقلاب لمناقشة أسماء ممثليه في اللجنة، أما بالنسبة لحزب الإصلاح فقد كنا جاهزين، لو كان الأمر غير مخطط له مسبقا لما تم الانقلاب بهذه الطريقة، كان يمكن التصويت على التعديلات وتترك قضية الأسماء إلى وقت لاحق، لأنها تطبيق للقانون، يعني لا يربط الاثنان معاً (التعديلات والأسماء)، فالرابط هنا كان تعسفياً، وهو مازاد الطين بلة كما يقولون.

عندما قبلنا الحديث أو التواصل حول الانتخابات أوضحنا للأخ الرئيس في أول لقاء به بأن المنظومة الانتخابية لا يمكن الحديث عنها والأزمة القائمة بكافة أطرافها، كيف يمكن أن نتكلم عن الانتخابات ووضع البلد معقد، فهناك حرب في صعدة، وهناك أوضاع معقدة في المناطق الجنوبية من البلاد، بمعنى أن الأزمة في البلاد كانت متعددة الرؤوس، وبالتالي كان حديثنا يتمحور حول أهمية تحقيق انفراج سياسي، والذي يبدأ أولاً بالإفراج عن المعتقلين السياسيين الذين تم اعتقالهم خارج الدستور والقانون.

وعندما وصلنا إلى اتفاق على التعديلات المتصلة بقانون الانتخابات في حدها الأدنى أجلنا الخوض في الأمور الأساسية، لكننا طالبنا بالانفراج المرتبط بمعتقلي الحراك السياسي السلمي، قلنا بالنسبة للناس الذين تدعي السلطة أو تدعي الدولة بأنهم قاموا بأعمال ضد القانون من المفروض أن يتم التعامل معهم بنص القانون، والقانون حدد كيفية التعامل مع مثل هؤلاء بأن يستدعى الشخص المطلوب بطريقة معينة والنيابة العامة تقوم بالتحقيق، ثم بعد ذلك يحال المتهم إلى القضاء، أما أن يتم أخذه إلى سجن منفرد لعشرات الأيام أو عشرات الأسابيع بل أحيانا لعشرات الأشهر فهذا غير منطقي وغير قانوني.

وقد استجاب الرئيس لهذا المطلب ووجه أمراً نصه إطلاق كافة المعتقلين على ذمة الحراك السياسي السلمي في كافة المحافظات وليس في الجنوب فقط، وفي اليوم الثاني من التوجيهات اجتمعت قيادات أحزاب اللقاء المشترك لبحث أسماء ممثلي كل حزب في اللجنة العليا للانتخابات، وقد كان هدفنا ألا نعطي لحزب السلطة فرصة لإفشال الاتفاق، رغم أن الربط بين إقرار التعديلات الخاصة بقانون الانتخابات وتقديم الأسماء الخاصة باللجنة العليا للانتخابات ربط تعسفي.

لكننا فوجئنا برئيس اللجنة الدستورية في مجلس النواب وبعدها رئيس المجلس نفسه يصرحان بأنه ليس من حق الرئيس أن يطلق سراح أحد، أعقبه تصريح للأمين العام المساعد للمؤتمر سلطان البركاني وبعده المسؤول الإعلامي طارق الشامي، وعرفنا أن هؤلاء لا يمكن أن يتحدثوا في هذه القضية أو تلك إلا بتوجيهات واضحة.

وفي اليوم الذي كان الحزب الاشتراكي مجتمعاً لإقرار أسماء مرشحيه للجنة العليا للانتخابات فوجئنا بالانقلاب في البرلمان حيث اعتلى رئيس المجلس يحيى الراعي منصة المجلس بشكل مربك وأعلن الانقلاب على طريقته الخاصة، وتم إقرار أسماء أعضاء اللجنة العليا للانتخابات التي نعتبرها لجنة غير شرعية، لأن الأصل أنه كانت هناك تعديلات وتم التصويت عليها مادة مادة ولم يبق إلا التصويت الأخير، والتصويت الأخير حسب القانون يتم على القانون بصيغته النهائية ؛ فإن حصل على النصاب المطلوب عمل به، وإذا لم يحصل تسقط في نظر القانون.

> إلى أين تمضي الأزمة إذن، هل هناك حوارات لاستئناف الحوار بينكم والحزب الحاكم للخروج من الأزمة؟

- بالنسبة لنا التواصل بيننا وبين السلطة قائم، لكننا مقتنعون أن الحزب الحاكم يتبع السيناريو نفسه الذي حصل في الانتخابات السابقة، والمتمثل في رهانه على الوقت، الآن التواصل من جانب واحد فقط، هم يوسطون أشخاصاً لنقبل بعرض نستغرب كيف اقتنعوا به وأكثر من ذلك كيف اعتقدوا أننا سنقتنع به، هذا العرض يتمثل في أنه يمكنهم أن يمنحوا اللقاء المشترك منصب نائب رئيس اللجنة العليا للانتخابات غير الشرعية، بالإضافة إلى منصب أمين مساعد للأمانة العامة، مع أن الأمانة العامة حسب التعديلات قد تغير فيها الوضع لأن الأمانة العامة عملت أساسا لتقوم مقام الحزب الحاكم بإدارة اللجنة من خلال هذه الأمانة، ويقولون إنهم سيضيفون لنا شخصاً بدل الشخص الذي أدخلوه باسم الحزب الاشتراكي، وهو محمد بلغيث السقاف، المفصول من الحزب.

> وماذا بشأن الانتخابات؟

- رغم اقتناعنا بالأهمية التي تشكلها الانتخابات كبوابة آمنة للخروج من الأزمة والولوج إلى مستقبل أفضل، إلا أنه ما لم يتوفر الانفراج السياسي ويتم معالجة الأزمات الأخرى كقضية الفساد والخلل الموجود في القضاء فإن قضية لجنة الانتخابات ستظل قائمة.

> لنكن أكثر وضوحا، هل ستشاركون في الانتخابات القادمة في ظل هذا الوضع القائم؟

- نحن أعلنا موقفنا بوضوح في هذه القضية، بالنسبة لنا تعتبر الانتخابات هي الأصل، بل نقول إن انسداد هذا الباب يعني إنهاء التعددية السياسية في البلاد، وبالتالي انتهاء الشرعية وسيكون البديل سيئاً، لأن هذا يعني أن لا معنى لوجود الأحزاب أصلا في البلاد.

إذا قلنا إنه لا انتخابات فهذا يعني أن نعود إلى نظام آخر غير النظام القائم، هذا الأصل، أي المشاركة في الانتخابات، وسنناضل وسنعمل بكل جهودنا لجعل هذا الباب مفتوحاً ولو في حده الأدنى في مستلزماته، لكن المقاطعة لا نفكر فيها ولا تخطر في بالنا لأن سلبياتها سيئة.

مع ذلك فنحن لا يمكن أن ندخل الانتخابات بشروط السلطة وقوانينها، ولهذا لا يمكن أن نقاطع الانتخابات استجابة للسلطة.

> السلطة تقول إن أحزاب اللقاء المشترك كانت تسعى على الدوام إلى عقد صفقات سياسية مع الحزب الحاكم؟

- أنا استغرب أنه لا يزال هناك من يصغي إلى مثل هذه الاسطوانات المشروخة والمملة، لأن الواقع أثبت أنها لا تحمل شيئاً، مثل قضية الصفقات السياسية التي يتحدثون عنها، وأنا أقول لماذا يظل الحديث عن الصفقات من دون أدلة، لماذا لا يقولون ما هي هذه الصفقات؟

الحديث عن الصفقات هو من نفس نمط الحديث عن الدستور والقانون والثوابت الوطنية التي يجري الحديث عنها بمناسبة وبدون مناسبة، فعندما نأتي إلى الواقع فإننا نتساءل من الذي ينتهك الدستور؟ من الذي ينتهك القوانين؟ من الذي ينتهك الثوابت الوطنية؟ من الذي أوصل الناس إلى الانقسامات الموجودة في الساحة اليوم؟ هل هو اللقاء المشترك الذي يناضل ويعمل على تفويت الفرصة على المشاريع التدميرية التي تتبناها السلطة بل وتتباهى بها أم السلطة والحزب الحاكم؟

بالنسبة لنا إذا كانت هناك صفقات لإصلاحات حقيقية لمصلحة الشعب سنكون معها، شرط أن تكون معلنة للجميع وألا تظل حبيسة الاتفاقات بين الأحزاب.

نحن حاولنا في برنامجنا أن نصل إلى إقناع السلطة ومؤتمرها بضرورة إجراء حوار حول مشروعنا للإصلاح الشامل، وما زلنا نعرض عليهم الأمر لإخراج البلاد من أزمتها الراهنة.

> ما موقف الأوروبيين من الانتخابات، وبماذا ينصحونكم تجاه موقفكم من عدم المشاركة في اللجنة العليا للانتخابات؟

- السلطة تركز اهتمامها بالدرجة الأولى على سفراء المجتمع الدولي وبدرجة ثانية على سفراء الدول الإقليمية، وتنفق في هذا الكثير من الجهد والإمكانيات.

بالنسبة لنا نشعر أننا مقصرون في التواصل مع هؤلاء السفراء، مع أننا نعتبره حقاً ضمنه لنا النظام السياسي القائم، أحياناً بسبب قلة الإمكانيات وفي أحيان أخرى نتيجة للانشغال، وفي الفترة الأخيرة هم سعوا إلينا أكثر مما نحن سعينا إليهم ليستوضحوا مواقفنا مما يجري.

في لقاءاتنا مع الأوروبيين نطلب منهم أن يبحثوا عن الحقيقـــة وأن يبذلوا جهداً للوصول إليها، خاصة أن التعتيم على الحقيقــة كبير من قبل السلطـــة، سواء في المعلومــــات الأمنية أو الاقتصادية أو في أي جانب من الجوانب، وهو نهج لدى السلطة والحزب الحاكم، لكن الأوروبيين حريصون على إجراء الانتخابات .

> كيف تقيمون التحالف الوطني الذي نشأ مؤخراً بين حزب المؤتمر وعدد من الأحزاب السياسية؟

- هي الأدوات نفسها التي تستخدمها السلطة لتشويه العمل السياسي والحزبي في البلاد، نحن لا نريد الإساءة إلى أحد، لكنه من الواضح أن هناك امتهاناً لهذه الأحزاب التي حولتها أجهزة الدولة إلى وسيلة لإفساد أجواء العمل السلمي.

> لماذا السلطة تتهمكم دائما بدعم حركة الحوثيين؟

- ما كانت تريده السلطة هو أن نقوم بدور الدولة لمواجهة الحوثي ثم تصبح هي الوسيط بيننا وبين الحوثي كما هي عادتها، وهكذا هي سياساتها حتى في الجنوب، فهذه الصيحات المتمثلة في المشاريع الصغيرة لدينا قناعة تامة من أن الدولة هي التي أوجدت التربة لها، كانت تريد نحن الذين نتصدى لها، في الوقت الذي هي من تعمل على تغذيتها ثم هي التي تصبح وسيطاً بيننا وبين الذين ينادون بالانفصال، هذه سياسة مكشوفة.

الدولة عندما يئست من أحزاب المشترك في التصدي للحوثيين في حرب صعدة لجأت إلى القبائل، والكل يعلم أنه كان هناك اتفاق مع القبائل للدخول في هذه الحرب، أي أن تقاتل القبائل في صعدة والجيش، الذي هو بيد السلطة، ينسحب وتصبح حرباً أهلية.

> بالنسبة لجزئية الجنوب، كيف تتعاملون مع هذه القضية الحساسة، خاصة وأن هناك دعوات للانفصال؟

- نحن تعاملنا مع المزاج الحاد الذي أوجدته السلطة خلال السنوات الماضية خاصة منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1994، فمنذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا تعاملنا مع هذه القضية بمسؤولية عالية، بمعنى أننا لم نحاول التصادم مع النظام لأننا نعرف أن هناك احتقانات لا تزال قائمة.

الذي دفع كثيراً من الناس إلى هذا الشطط واليأس أن السلطة الحالية سدت كل الآمال وانتهكت كل الحقوق، وأصبح الانتماء السياسي فوق الانتماء الوطني، وأصبحت حقوق المواطنة تعطى بناء على الانتماء السياسي، وحتى الانتماء السياسي ليس بمفهومه الراقي، بل بمفهوم العمل الحزبي القائم على السياسات الخاطئة التي تنتهجها السلطة.

لقد تعاملنا بمسؤولية مع التطورات الحاصلة في الجنوب، وحققنا نجاحات وأعطينا الأمل لكثير من المواطنين بمستقبل أفضل، بعد أن سدت السلطة كل الأبواب للتصحيح، لا نعالج خطأ السلطة بخطأ أكبر وأسوأ منه يمكن لكثير من الناس المطالبة بحقوقهم، لهذا رفعنا شعار النضال السلمي على ثلاث مراحل: المرحلة الأولى توعية الناس بحقوقهم وواجباتهم، المرحلة الثانية تعريف الناس بالأساليب والآليات التي يطالبون بها وبالوسائل السلمية، والمرحلة الثالثة مرحلة انتزاع هذه الحقوق، وبالوسائل السلمية أيضاً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى