أين تجد نفسك أكثر ..؟

> «الأيام» رشاد محمد الشرماني / تعز

> ليست قضية جدلية بالمعنى الدقيق للكلمة.. إنما هي وجهة نظر، ورأي خاص يطرح قد يلاقي بعض التأييد، وقد يواجه بالرفض والنقد، هذا الرفض الذي يتصعد لدرجة الاتهام بالسير عكس عقارب الساعة، أو بالسباحة عكس التيار، أو على الأقل بعدم القدرة على مواكبة ثورة التطور التكنولوجي التي تخطت عتبات بيوتنا ودخلت حتى مطابخنا مرورا بالصالة وغرفة المكتب، وربما وصلت إلى ماهو أبعد من ذلك .

أين تجد نفسك أكثر، وأنت تجلس قبالة الحاسوب تقلب بريدك الإلكتروني وتقرأ رسالة، وترد عليها، أم وأنت جالس على أريكة مريحة، أو شرفة جميلة وتقرأ رسائل بعث بها إليك أحد الأحبة، أو تخط له رسالة تبثه أشواقك وتحكي له بالتفصيل ما ترغب أن يشاركك فيه بمشاعره، أو برأيه أو بالاثنين معا؟ ثم أيهما برأيك أقدر على جعلك تستبعد ذكريات الماضي بسهولة وكلما مرت بخاطرك الذكريات المسجلة على أشرطة (فيديو) وعلى أشرطة رقمية تحتاج إلى شبكة من الأسلاك لتشغيلها.

أم تلك الصور التقليدية التي تستطيع حملك على بساط من أثير، والعودة بك إلى أزمنة وأوقات سجلتها في ذاكرتها، هذه التي تتسع في كثير من الأحايين لتتخطى البعد المكاني للقطة، ولتشمل الجو النفسي الذي أحاط بها، فتراك وأنت تراها تبدل تعابير وجهك، وتعدل من الانطباعات المرسومة عليه كلما قلبت صفحة من صفحات الألبوم، فهنا بسمة، وهناك ضحكة، وهنا مشروع دمعة على من ابتسم لك في الصورة وما عاد يبتسم لك في الحياة.

وأيضا أيهما أقرب إلى نفسك وأدعى لمنحك جرعة مكثفة من مزيج يحتوي على أخلاط من المتعة والراحة والفائدة، والتحليق قريبا أو بعيدا خارج مجالك الزماني والمكاني، هل هو جلوسك أمام جهاز الحاسوب تتصفح ما يسمى الكتاب الإلكتروني أو الصحيفة الإلكترونية، أم جلوسك على مقعد وثير على شرفة أو حتى في حديقة عامة في يوم ربيعي مشمس تقلب بشغف صفحات كتاب، وتغوص في بحر كلماته وجمله وأفكاره.. وتعيش مع كاتبه أحداثه؟؟

وبعد .. فأسئلني هذه لاتنتظر أجوبة، لأنها -كما قلت- قضايا ليست جدلية، وإنما هي وجهة نظر ذات اتجاه واضح وشى به أسلوب طرح التساؤلات وعقد المقارنات، رؤية أطرحها بمثابة حل للانعتاق قليلا من إسار حياة آلية طوقتنا بجدارنها الكهربائية والإلكترونية ووجدنا أنفسنا مضطرين إلى مواكبتها وإلا نعتنا بالتخلف حينا، وبالأمية المعلوماتية حينا آخر .

وإذن هي نوافذ.. وكوات صغيرة.. نفتحها عبر جدران حياتنا، علنا نتنسم من خلالها شيئا من عبق زمن ليس ببعيد كنا لا نعدم فيه الوسائل التي تنسجم مع نفوسنا البشرية التواقة إلى المحبة والألفة وإلى العلاقات الحميمة التي تربطنا ببيئتنا بأشيائنا الخاصة، بذكرياتنا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى