الليبيون يقبلون على الاستهلاك بعدما عانوا من الحرمان

> طرابلس «الأيام» عماد لملوم :

>
باتت سنوات الحرمان والوقوف في صفوف انتظار طويلة امام متاجر الدولة من الماضي في ليبيا حيث يختار المواطنون اليوم ملابسهم من محلات حديثة ويتبضعون من المتاجر الكبرى ويتنقلون في سيارات فخمة.

ويقصد سكان طرابلس جادة قرقارش الراقية المرصوفة بالمتاجر الفخمة والافتات باسماء رائجة فيتبضعون او يتناولون البيتزا في ساعات الفجر الاولى في مطعم للوجبات السريعة على الطراز الاميركي.

وفيما تتنقل العائلات من متجر الى آخر، يجوب الشبان الحي في سيارات بي ام دبليو او سيارات رباعية الدفع تندفع باقصى سرعة في الشوارع زاعقة انغاما واغاني لتشكل زحمة سير هائلة تستمر حتى ساعة متأخرة من الليل.

ويقول احمد وهو مصرفي شاب في الخامسة والثلاثين من العمر "لقد عانينا ما يكفي وخصوصا في ظل الحظر (الدولي بين 1992 و2003).. حان الوقت للتعويض عن السنوات التي هدرناها".

ويتلذذ الليبيون بالاستهلاك فيما يسجل الطلب ارتفاعا متزايدا في هذا البلد الذي يستورد حوالى 90% من حاجاته من المواد الغذائية والتجهيزات، مدعوما بارتفاع اسعار النفط.

واثار افتتاح اول سوبرماركت ضخم في العاصمة الليبية قبل بضعة ايام تدافعا كبيرا حيث تهافت السكان عليه وهجروا الدكاكين الصغيرة ومتاجر الاحياء وقد جذبهم المبنى الحديث وتنوع المنتوجات وطريقة عرضها المغرية.

وقالت ربة منزل اربعينية عند مدخل السوبرماركت القائم في الطبقة الارضية من مركز تجاري من اربع طبقات "اخيرا يمكننا التبضع كالجميع".

وحل هذا السوبرماركت الحديث محل سوق رسمية قديمة كئيبة اشتراها مستثمرون ليبيون من القطاع الخاص بينهم جمعية "واعتصموا" الخيرية التي ترأسها عائشة ابنة الزعيم الليبي معمر القذافي واعادوا تأهيلها بقيمة تفوق سبعة ملايين دولار.

وتخلى النظام الليبي عن خطه الاشتراكي المتصلب وابدى بعض المرونة منذ بضع سنوات فشجع المبادرة الخاصة لاعطاء دفع للتوظيف والتخفيف من العبء المالي الذي تتحمله الدولة بفعل الدعم الذي تقدمه.

وفي طرابلس تنشر لوحات اعلانية محل صور القذافي وبعدما كانت الاعلانات شبه غائبة من العاصمة قبل سنتين، فهي تحتل حيزا متزايدا من وسائل الاعلام الرسمية، ما يعكس التحول في سياسة النظام.

وبموازاة الغاء الدعم، قدمت الدولة تسهيلات في الوظيفة العامة فاقرت زيادة بقيمة 50% في اجور الموظفين الرسميين عام 2007 بعدما راوحت اجورهم على ما هي لفترة طويلة، في خطوة هدفت الى زيادة القدرة الشرائية واشراك السكان في زيادة العائدات النفطية.

غير ان ضخ هذا الكم من السيولة الذي تزامن مع ارتفاع الطلب ادى الى ارتفاع كبير في الاسعار ولا سيما اسعار المنتوجات الغذائية.

وبعدما كانت نسبة التضخم تقدر ب4،1% عام 2006، سجلت مستويات قياسية بارتفاعها من 2،6% عام 2007 الى معدل 12% خلال الاشهر السبعة الاولى من العام 2008، بحسب البنك المركزي.

وبالرغم من تقديم الدولة مساعدات للعائلات الاكثر فقرا، فان شريحة واسعة من السكان تبدو على هامش ما يجري وتجد صعوبة في مواكبة الانفتاح الاقتصادي.

وشكا محمد الذي يعلم اللغة الانكليزية في النهار ويقود سيارة اجرة في الليل من "ان كلفة العيش تزداد بشكل متواصل ومطالب العائلة تزداد. علينا ان نعمل بكد لكسب حياتنا وارضاء الجميع".

واضاف محمد الاب لثلاثة اولاد "ثمة ليبيون يتسولون في الشارع، هذا امر جديد لم نشهده في الماضي. اننا ننتقل دفعة واحدة من اشتراكية خانقة الى رأسمالية عشوائية". (أ.ف.ب)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى