تأميم المصارف في بريطانيا او ثورة "طعمها مر"

> لندن «الأيام» بيار براتابوي :

> سواء كان "ثورة في حي المال والاعمال"، او "نهاية بيغ بانغ تاتشر"، من المؤكد بشكل عام ان الاقتصاد البريطاني قلب صفحة جديدة أمس الإثنين، ما اثار الارتياح، او القلق، او حتى المرارة.

واثار تأميم مصرف نورثرن روك الضحية الاولى لازمة الرهن العقاري في بريطانيا احتجاجات حادة في شباط/فبراير، فوصف الزعيم المحافظ ديفيد كامرون العملية بانها "كارثة على دافعي الضرائب والحكومة والبلاد".

ولكن نظرا الى فداحة الازمة، حظيت مساهمة الدولة في رؤوس اموال ثلاثة مصارف كبيرة (ات بي او اس، لويدز تي اس بي، ورويال بنك اوف سكوتلاند) هذه المرة اجماعا باعتبارها "ضرورية"، لا سيما انها ترافقت مع عودة البورصة الى الارتفاع.

وتساءلت المديرة العامة في جمعية المصرفيين البريطانيين انجيلا نايت في حديث مع وكالة فرانس برس "ما الافضل؟ ترك المصرف ينهار او الاستعانة باموال دافعي الضرائب؟".

وسرعان ما اضافت ان خطة الانقاذ التي اعلنت تفاصيلها أمس الإثنين "لا تعني سوى ثلاثة مصارف" وان "الحكومة اشارت بوضوح الى ان الوضع هذا مؤقت، وليس دائما".

وليست الناطقة باسم القطاع المصرفي الوحيدة التي وجدت الترياق مرا، نظرا الى اعتبار تأميم المصارف انحرافا عن المسار الليبرالي الذي خطته مارغريت تاتشر وادى الى الغاء الانظمة المفروضة على الاسواق المالية واستأنفه حزب العمال الجديد بقيادة توني بلير.

وقال المحلل في شركة التسعير بي دجي سي بارتنرز هاورد ويلدن ساخرا "لا ارى الا الخير في مساهمة الحكومات في رؤوس اموال المصارف، من كان ليظن ان عمليات التاميم ستعود، فهي لم تعد تذكر في جامعاتنا. وبات يمكن كسب المال عبر اعطاء دروس بهذا الخصوص!"

واضاف "ما لا شك فيه ان ما نشهده اليوم يغير وجه الصناعة المصرفية الى الابد".

اما بول نايفن من شركة اف اند سي لادارة الاموال، فيتوقع تنظيما اضافيا للاسواق والممارسات، من حيث الحاكمية والقروض والاجور على حد سواء.

وقال البروفسور تشارلز غودهارت من مدرسة لندن للاقتصاد "سيؤول الامر الى اختلال الثقة في قدرة الاسواق على العمل بصورة مستقلة، بلا تنظيم رسمي".

واضاف "كما سيغير بنية المالية ويحد من الارتفاع الهائل للارباح والمكافآت في حي المال والاعمال".

واوضح "لطالما كان مسلما به ان الدولة تملك السلطة الاعلى، ولذلك تستطيع ان تتصرف باموال دافعي الضرائب، على خلاف عناصر النظام الاخرى. وعند وقوع ازمة كبيرة، تبرز الحاجة الى التزام قوي من الدولة".

وختم بالقول "لكن ان نعتبر الامر نهاية للرأسمالية فالامر غير صحيح".

غير ان ممثلي اليسار من حزب العمال والنقابات يؤكدون العكس.

واعتبر امين عام نقابة يونايت ديريك سيمسون ان "تاتشر دفنت الاقتصاد الكينزي (الذي ينص على ضرورة تدخل الدولة في الاقتصاد) واظهرت الازمة الحالية كم كانت على خطأ. فتدخل الدولة ليس ضروريا فحسب في المالية بل ضروري ايضا على مقياس اوسع من اجل حماية الوظائف وحماية الاقتصاد من الانكماش".

وعمد معلقون سياسيون الى السخرية من الوضع عبر ذكر مانيفستو حزب العمال الذي نشر في انتخابات العام 1983، عندما دخل غوردن براون وتوني بلير الى مجلس العموم للمرة الاولى.

واعتبر النص انتحارا انذاك حيث اقترح ان يفرض بنك انكلترا (المستقل منذ 1997) رقابة اكبر على القروض التي تمنحها المصارف، وتأميمها اذا دعت الحاجة. (أ.ف.ب)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى