قبل أن ترحل وتودع الحياة.. الثائرة والمناضلة (شلعة الخيلي) لـ «الأيام»:أصبح مدّعو النضال ينعمون بخيرات الثورة ورغد العيش والمناضلون الحقيقيون صناع الثورة وخيراتها يعيشون واقعا أكثر ظلماً

> «الأيام» محمد الحيمدي:

>
الفقيدة وبجانبها لحسون صالح مصلح وكيل محافظة الضالع وهو في السابعة من العمر والذي منحته الحب والرعاية كما فعلت مع  أبيه
الفقيدة وبجانبها لحسون صالح مصلح وكيل محافظة الضالع وهو في السابعة من العمر والذي منحته الحب والرعاية كما فعلت مع أبيه
في منتصف شهر سبتمبر الماضي رحلت وودعت الحياة وفارقتنا إلى غير رجعة الثائرة والمناضلة الأكتوبرية المعروفة (شلعة علي منصر الخيلي).. حيث شيع جثمانها الطاهر إلى مثواه الأخير بمقبرة (الرحمن) بمديرية المنصورة محافظة عدن.. موكب التشييع خلى من أصغر مسؤولي الدولة، ولكنه لم يخلُ من الحضور الشعبي الحاشد من أبناء الشعيب خاصة والضالع عامة، الذين كانوا ومازالوا يكنون لهذه الثائرة عظيم الحب والتقدير والاحترام.

قبل رحيل الثائرة والمناضلة الأكتوبرية (شلعة الخيلي) بعدة أسابيع التقتها «الأيام» وهي قعيدة الفراش، تصارع الأمرين، مرارة الأمراض التي تكالبت على جسمها، وأخذت تنهشه بكل شراسة دون رحمة أو شفقة، ومرارة نكران وجحود الدولة لدورها النضالي المجيد، فلم تلق من الدولة أية مساعدة أو رعاية، ولم تكلف الدولة نفسها حتى مجرد السؤال العابر أو عبر الهاتف عنها وهي تصارع جملة من الأمراض الخطيرة، أو توفر لها جرعة أو حتى حبة دواء.. حيث تكفل برعايتها وعلاجها صهرها الكريم مقبل صالح أحمد (عاتق)، لكونها لا أولاد لها، فلم يبخل عليها بشيء من ماله وصحته وسهره هو وأسرته الكريمة، الذين منحوها الحنان والحب والرعاية التامة حتى آخر رمق في حياتها.

وخلال حديث «الأيام» مع الثائرة والمناضلة الأكتوبرية (شلعة) استمعت الصحيفة - بحزن بالغ - إلى شكواها النابعة من حالة الشعور بالظلم والنكران لدورها النضالي.. حيث قالت هذه الثائرة:

«إن الدولة أصبحت اليوم ترتكب أشد الظلم ضد مواطنيها، وفي مقدمتهم المناضلين الثوار، أكثر مما كان يمارس من قبل الاستعمار والإمامة».

موضحة أن «تعامل الدولة مع المناضلين بات أشبه بمعاملة الولد العاق لأبويه، والمفارقة العجيبة المحزنة أن مدعي النضال صاروا ينالون كل التقدير والاحترام من الدولة، وينعمون برغد العيش والحياة الهانئة وبخيرات الوطن وإنجازات الثورة، بينما المناضلون الحقيقيون الذين فجروا الثورة وصنعوا هذه الخيرات والإنجازات يعيشون في هامش الحياة، يعانون شتى صنوف القهر والنكران والجحود، وفي قمة البؤس والهوان».. مؤكدة أن «حالة البؤس والإهمال وعدم إعطاء المناضلين حقوقهم من قبل السلطة ماهي إلا ممارسات ناجمة عن حالات الشعور بالنقص التاريخي والفقر الشديد بالشعور الوطني في عملية المشاركة في صناعة التاريخ النضالي، وفراغ تاريخهم من الأدوار البطولية التي يتباهى بها الثوار الحقيقيون.

الأمر الذي كوّن لديهم عُقداً نفسية وحساسيات خبيثة تجاه التاريخ العظيم الذي سطره الثوار، مما جعلهم يحاولون - بطريقة أو بأخرى - إلغاء وتهميش هذا التاريخ، والتجاهل المقصود لصانعي فجر الثورة».

المناضلة (شلعة) ليست ككل النساء!.. إنها ثائرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. اسم ارتبط بمسيرة تاريخ نضالي طويلة في مديرية الشعيب بمحافظة الضالع.. إنها رفيقة وأخت وأم الثوار الأبطال.. أرضعتهم الأمان، ومضت خلفهم ومعها الثائرة الكبيرة - أم المناضلين في الشعيب - المناضلة (صالحة أبوبكر جعار) أمدها الله بالصحة والعمر المديد، التي تعاني الآن ما عانته أختها المناضلة (شلعة) رحمها الله، من جحود ونكران من قبل الدولة.. إذ كانت تحمل الماء والطعام والسلاح إلى كل قمة وجبل بصورة سرية دون أي اعتبار للمخاطر، حاملة روحها على راحتها، بالإضافة إلى المهام السرية التي كان الثوار يسندونها إليها.. جعلت نفسها بريد الثوار، واستطلاعاً عسكرياً في خدمة الثورة.. حملت البندقية، ووقفت بشجاعة لا تلين في الخطوط الأمامية لجبهات القتال.. أعطت الثورة والوطن عصارة شبابها.. غير أنها شكت للصحيفة - بحرقة وألم - نكران القائمين على الوطن لهذا التاريخ.. عاشت واقعاً أكثر ظلماً من الواقع الذي رفضته حينها وثارت وانتصرت عليه.

الثائرة الراحلة (شلعة) صورة مجسمة، تخترل أوجاع منطقة صنعت ثورة ودولة يأكل خيراتها اللصوص، فيما أبناؤها يضرسون!.

الفقيدة من مواليد عام 1927م، في مدينة العوابل بالشعيب، وتعد من أبرز مؤسسات اتحاد نساء اليمن بالشعيب، وأول رئيسة له، إلى جانب أدوارها الاجتماعية والخيرية المتعددة.. ونالت الفقيدة ميدالية حرب التحرير ووسام الشجاعة، والعديد من الشهادات التقديرية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى