ورحلت.. أم الدكاترة وابنة رائدة التنوير في اليمن

> «الأيام» أحمد المهندس :

> كعادتها في العمل الصحفي الموثق والمعرفة والمعلومة.. نقلت لنا جريدة «الأيام» في مقال للأديب الأستاذ أديب قاسم خبر رحيل السيدة الفاضلة منيرة لقمان، زوجة الراحل المقيم الشاعر الدكتور محمد عبده غانم رحمهما الله.

ولأنني لم أعرف بأنها انتقلت إلى الرفيق الأعلى في أواخر رمضان المنصرم.. بسبب مشاغل الشهر الفضيل التي يغلب عليها الطابع الديني والعمل واختلاف أوقاته.. وقرب إجازة العيد واستعداداته.. فلم أقم بواجب العزاء لإخوانها وأبنائها الأعزاء الذين تجمعني بهم صداقة وزمالة حرف ومعرفة إنسانية لسنوات طويلة، بدأت من التتلمذ على يد أشعار وكتابات صاحب شعر الغناء الصنعاني وأعذب الكلمات الغنائية بأصوات رواد الغناء في اليمن.. إلى الالتقاء به في جدة قبل ثلاثة عقود، وفي لقاء لاينسى أصبح من ذكريات الزمن الجميل وبدايات الكلمة والصحافة.

وبعد تقديم واجب العزاء لنفسي وإخواني من آل لقمان وآل غانم لرحيل أمنا جميعا، بعد أن أدت دورها على أكمل وجه، وكانت من أسباب تفوق محمد عبده غانم الشعري والإبداعي والتعليمي، وتقدم أبنائه وتبوئهم أعلى المراتب والدرجات والمناصب والمكانة الاجتماعية والعلمية في العالم.. بسبب الأم التي أُعدت أفضل إعداد تربوي من أبيها رائد التنوير في اليمن المحامي والأديب والصحفي الكبير محمد علي إبراهيم لقمان، طيب الله ثراه.. فكانت النتيجة واضحة للعيان من خلال الأبناء الدكاترة والعلماء الذين تفخر بهم اليمن (الأصل) والدول التي يعملون ويتشرفون بجنسيتها بعد أن استقطبتهم وأكرمتهم لعلمهم ودورهم في الحياة الإنسانية.

وأبدأ بتعريف كلمة (أمنا) فقد تعرفت عن قرب على السيدة الفاضلة (أم قيس) في العاصمة صنعاء، في أمسية جمعتني بأسرتها الكريمة في منزلها بجامعة صنعاء قبل عشرين عاما ويزيد.. ولم أشعر وأنا بينهم- رغم (العقال) وفرق اللون- بالغربة.. بل اعتبرتني الابن السابع أو الثامن، فقد كنت أختلف على المرتبة من حيث الترتيب والمكانة مع الدكتور العولقي صديق الأسرة.. ونحن نضحك بفرح لهذا التنافس في الحب والانتماء.

أكلنا من يديها أحلى الأكلات العدنية (الزربيان) التي لاتنسى.. وسهرت في بيتها العامر مع الصديق الدكتور الفنان نزار غانم، آخر الأبناء المقيمين معها على أنغام أغاني محلى السمر والنغم الصنعاني الأصيل الذي أرخ له غانم الأب في موسوعة خالدة، نال عليها دكتوراه كانت الأولى في الجزيرة العربية.

وبقي موقع الأول في الدراسة والتميز للأسرة لايغيب عنها، ومن خلال الابنة الكريمة الدكتورة عزة غانم زوجة وزير الخارجية الدكتور القربي، لتكون أول دكتورة في اليمن كأبيها، وقد عرفت أن السيدة منيرة لقمان شقيقة الصحفيين والشعراء الأساتذة علي وفاروق لقمان وأم الشعراء والأطباء والعلماء.. لم تدخل التعليم التقليدي بسبب ظروف ذلك الزمان.

ولكن والدها الرائد ساعدها على الدراسة الذاتية حتى وصلت إلى مرحلة متقدمة من الدراسة تتذوق فيها الشعر والأدب ويكون لها دور مؤثر في حياة زوجها الأديب والشاعر والتربوي محمد عبده غانم في صياغة أحلى الكلام والأشعار.

وكانت- بعد الله- من أسباب تفوق أبنائها ووصولهم إلى مراتب علمية متقدمة تعدت الدكتوراه والأدب، وعندما يؤرخ الأكاديميون وأصحاب الاختصاص والمنصفون تاريخ هذه الأسرة اليمنية العريقة التي لها أياديها البيضاء على تطور وثقافة فن اليمن وأهله والجزيرة العربية.. ولازالت تؤدي دورها التنوري بكل اقتدار، لن ينسوا أن يسجلوا الدور الرائد للراحلة الكبيرة منيرة محمد علي لقمان.. التي رحلت بعد أن أدت الأمانة ودورها على أكمل وجه.. وكانت (أم) بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى.

(أم) كانت عنوانا لنساء اليمن المكافحات والرائدات رغم الظروف الصعبة.. ممن حققن ذاتهن وحفرن في الصخر تاريخا ومجدا إنسانيا لكل الأجيال على هذه الأرض.

إنني أشارك إخواني وأصدقائي وكل محبي بيت آل لقمان وغانم عنوان الثقافة والأدب والتنوير في يمن التاريخ والمستقبل مصابهم الجلل، وأدعو أن يتغمد الله الفقيدة التي رحلت في شهر مفترج إلى دار البقاء برحمته، ويدخلها فسيح جناته ويلهمنا وأهلها في كل جغرافية اليمن الصبر والسلوان، ويجعلها خاتمة الأحزان.. إنا لله وإنا إليه راجعون.

أديب وصحفي سعودي - جدة

عضو هيئة الصحفيين السعوديين

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى