السياسة بين الهواة والمحترفين

> عبدالله ناجي علي:

> المراقب للمشهد السياسي في بلادنا.. خاصة من ينظر إليه بنظرة واقعية ومحايدة سيصل - من دون شك - إلى خلاصة مهمة مفادها أن السياسة في بلادنا تمارس من قبل أفراد معظمهم للأسف من هواة السياسة بينما القلة منهم من تتوفر فيهم مقومات السياسيين المحترفين.. وهناك فرق كبير وكبير جداً بين محترفي السياسة وهواتها.

فمحترفو السياسة هم الأفراد الذين تتوفر فيهم مواصفات القيادة الحكيمة التي تؤهلهم لوضع السياسات التي تخدم المجتمع وتقدمه.. ومواصفات القيادة الحكيمة والمتميزة لهؤلاء السياسيين المحترفين تأتي أولا من الملكات القيادية التي أودعها الله في عقول هؤلاء الناس المؤهلين لقيادة المجتمع، وهذه النظرية في القيادة تسمى بنظرية القيادة المكتسبة، وفي المحصلة النهائية نجد ترجمة لهاتين النظريتين (الطبيعية) و(المكتسبة) لدى المحترفين السياسيين من خلال قدراتهم القيادية المتميزة في تشخيص المشاكل التي تواجه المجتمع تشخيصاً دقيقاً، ومن ثم نجدهم يقدمون الحلول الناجعة لتلك المشاكل التي يعانيها المجتمع، وتلك الحلول المقدمة من قبل محترفي السياسة تكون حلولاً شاملة للحاضر والمستقبل وكلفتها قليلة ووقت تنفيذها قصير، والمحترفون السياسيون نجدهم هنا مثلهم مثل الطبيب الذي يعالج الفرد من الأمراض التي تصيبه ويعيد له عافيته ليكون عضواً فاعلاً في المجتمع، إضافة إلى ذلك فالمحترفون السياسيون لهم مكانة كبيرة لدى المجتمع، لأنهم يعتبرون بمثابة أطباء المجتمع الذين يعالجون مشاكله الحياتية.

بينما هواة السياسة وهم كثر في واقعنا، فيبدو أنهم يعتقدون أن السياسة مجرد (فهلوة) وعشق متيم لترديد الشعارات البراقة التي تدغدغ مشاعر المجتمع ولا تساعد على حل مشاكله..!! وهؤلاء الهواة فهموا السياسة باعتبارها (فن الكذب) بينما هي (فن الممكن).. وهذا الصنف من البشر الذين استهوتهم السياسة وهم غير مؤهلين لها قد أصبحوا اليوم عبئاً على المجتمع، فبدلا من أن يكونوا عوناً لمعالجة المشاكل التي يعانيها المجتمع أصبحوا هم للأسف المشكلة الكبرى المعيقة لتقدم المجتمع نحو الأمام.

ونحب أن نذكر هواة السياسة وهم كثر في (سوقنا السياسي) أن العمل السياسي في ظل الحزب الواحد يختلف كثيراً عن العمل السياسي في ظل التعددية الحزبية والسياسية، فنجد هواة السياسة في نظام الحزب الواحد هم المحتكرون لسوق السياسة، ولا صوت يعلو فوق صوتهم، وما على المجتمع إلا الانصياع لهم من دون نقاش حتى لو كانت سياساتهم خاطئة، بل وتدميرية للمجتمع.

بينما العمل السياسي في ظل التعددية الحزبية يوجد لدى المجتمع خيارات سياسية كثيرة، فالمجتمع يقبل السياسات التي يرى فيها مصلحته والتي تساعده في تحسين أوضاعه الحياتية، وتنقله خطوات متقدمة نحو التنمية، ومن ثم فإن المجتمع سوف يختار القيادات السياسية التي تحقق له طموحاته في الحياة، ولا يمكن أن تحقق هذه الطموحات لدى المجتمع إلا من خلال محترفي السياسية المؤهلين لقيادة المجتمع نحو التقدم والرقي.

ختاما نقول: إن بلادنا بحاجة ماسة إلى سياسيين محترفين يتعاملون مع مشاكل المجتمع بمهنية سياسية عالية معززة بعقلانية سياسية بعيداً عن الشطحات التي نشاهدها عند هواة السياسة الذين يعشقون الشعارات ولديهم جنون للظهور الإعلامي ليقولوا أي كلام.. ولا هم لهم سوى الظهور في وسائل الإعلام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى