> إن الأنظمة المتسلطة لا تريد من المواطن إلا أن يكون مطيعا لأوامر الحاكم، وأداة (طيعة) في يده، كما تتولى أجهزة الإعلام المأجورة أو المنافقة تصوير الحاكم بأنه مصدر الحكمة، ومنبع القرار السديد!. ففي كل مجالات الحياة تجد المواطن مبدأ الطاعة مفروضا عليه، فيدفعه إلى المسايرة والخضوع والاستسلام، ويقضي على كل إمكانات التفرد والتمرد في شخصيته.. إن الطاعة تحاصرنا من كل جانب وتلازمنا في جميع مراحل حياتنا.

والحقيقة إنك حين تطيع لا تكون ذاتك، بل قمعوا فرديتك لتستسلم لغيرك، وأقول إن أعظم إنجازات الإنسان لم تتحقق إلا على أيدي أولئك الذين رفضوا أن يكونوا (مطيعين)، فالمصلحون الذين غيروا مجرى التاريخ لم يطيعوا ما تمليه عليهم أوضاع مجتمعاتهم، وأصحاب الاكتشافات العلمية الكبرى لم يطيعوا الآراء السائدة عن العلم في عصورهم.. وهكذا فإن كل شيء عظيم انجزته البشرية كان مقترنا بقدر من التمرد ومن الخروج على مبدأ (الطاعة).. وأقول أيضا إن الإنسان لم يكتسب مكانته في الكون إلا لأنه رفض أن (يطيع) الطبيعة.