لون الحياة المرة

> «الأيام» علي محمد خديش /الحمراء - لحج

> مسحة حزن تجتاح وجه هذا الصبي وتغطيه وتميزه عن إخوانه من فكره المتعثر وتأمله غير العادي الذي جني عليه وأصابه في الحياة، وكلما أشرق الصباح بنوره خرج يشاهد مباهج الحياة ويقارن بين غنيها وفقيرها, تتوق منه لهذه المباهج البعيدة المنال، يعود أدراجه مكرهاً إلى منزله القديم، وينطر حواليه وقد قست الحياة عليه وعضته بنابها، وشاهد بأم عينه أكوام اللحم تتحرك ناهضة من مرقدها تبحث عن طعام.

يلوم الزمن الظالم وقوة الأيام، كما يرى كل يوم أباه الطيب يكد ويكدح لأجل لقمة العيش التي لاتكفي إلا بالكاد، ويرى أمه المسكينة المنكمشة في الزاوية تبكب وتندب حظها كلما رأت ذلك الأسى والحزن في أعين أطفالها الصغار، لكن العين بصيرة واليد قصيرة.

هو يقول لنفسه جنيت علينا يا أبي في هذه الحياة، ألم تفكر يوماً بحل يرضي الجميع لتتقي شر هذه الأفواه الجائعة، وتزيح عنك هذا الهم الجاثم على صدرك. أقسم اليمين أن لايتروح ليجلب لغيره التعب من أجل متعة عابرة زائلة حتى وإن كانت في الحلال، ثم توارى، ينظر هناك في الأفق البعيد ويحلم بأنه ابن رجل غني ويعيش عيشة أخرى، ويحلم كثيراً حتى يداهمه البكاء المرير الذي ينسيه نفسه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى