عندما يتحول الماء من نعمة إلى ابتلاء

> «الأيام» لطفي يسلم بن عويد /القطن - حضرموت

> لايخفى على أحد مدى نعمة الماء، وكم يشكل الماء في أجسامنا وفي كرتنا الأرضية، وإنه نعمة كبيرة نشكر الله ونحمده عليها وندعوه أن يديم علينا نعمه ظاهرة وباطنة.

إن الماء هو جندي من جنود الله ويبتلي الله به من يشاء، وإن ما حصل في حضرموت والمهرة لهي مأساة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فهطول الأمطار 30 ساعة مستمرة على بيوت طينية ذات طابع معماري نادر عالمياً أدى إلى تبللها ودخول الرطوبة بين (اللبن) الطينية.

ومما زاد الطين بلة ذلك السيل العرمرم الذي لم تشهد محافظتا حضرموت والمهرة مثيلا له في القوة والاندفاع، وارتفاع المد، يجعلك تحتار أين تذهب وإلى أين تأوي، ووقف كل واحد حائرا في لحظات عصيبة مابين ماله وبيته ومواشيه، وبين النجاة بنفسه، فتركوا ديارهم وأموالهم ومواشيهم خلفهم، بل إن البعض نسيها (أي المواشي) من مهابة الموقف، وكل يرفع شعار نفسي نفسي، ففروا بأنفسهم هاربين إلى الجبال لعلها تعصمهم من الماء.

وما آلمني كثيرا أن يتحدث مسئول في الأرصاد بأنهم أصدروا اثني عشر تحذيراً من الإعصار المداري، وأنهم أدوا واجبهم تجاه وطنهم ومواطنيهم، ولكن كم يسهل الضحك على الذقون، فلتسألوا هؤلاء الأهالي المنكوبين، هل حذرتم؟ وما مدى قوة وخطورة هذه التحذيرات؟ الجواب لا وألف لا.

ولنفترض يا أصحاب الأرصاد أنكم حذرتم، فما هو دور الحكومة في مواجهة هذه الفيضانات والعواصف المدارية، ولايسعني إلا أن أقول: لله درك يا سلطنة عمان في إعصار غونو!. فقد عملت بكل ما أوتيت من قوة في الاستعداد والتحضير والتوجيه واستخدام سبل السلامة، لكنني أتحسر على بلدي وأهلي وإعلامي الذين لم يعطوا هذه الكارثة الإنسانية ولو قليلا من حقها، لكنها اللامبالاة والاستخفاف بحياة الناس وممتلكاتهم، وانعدام الشعور الإنساني بحالة هؤلاء المواطنين في هذه المحافظات، ألا يستحق هؤلا الناس أن نواسيهم ونخفف عنهم ونتفقد أحوالهم ونعزيهم في أهاليهم وأموالهم؟!.

ومما يزيد الحسرة والألم أن عندنا عددا من القنوات الفضائية، ولم نر قناة واحدة خصصت جزءا كبير من برامجها لنقل حيثيات ومعاناة المواطنين، بل إن الإعلام الخارجي متابع أفضل منهم، فقد نقل صورة واضحة عن بيوت دمرت وأسر شردت وآبار طمست وأمتعة ذهبت في مجاري السيول.

اسمحو لي يا أبناء المحافظات المنكوبة أن أذكركم بأن غرقاكم شهداء، وأن من وقع عليه هدم فهو شهيد، مصداق لقول الرسول الكريم: «والغريق شهيد وذو الهدم شهيد».. وعليكم أن تحتسبوهم عند الله، وعليكم بالرضا بما قدره الله عليكم، وقولوا جميعاً: إنا لله وإنا إليه راجعون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى