الشاعر عبدالله عبدالكريم .. بين الجحود والتكريم !

> «الأيام» أحمد المهندس :

> الوحدة اليمنية، والله بلدنا نورت، هبت نسائم الحرية، الله الله يا أكتوبر، عالي فوق السحب .

عشرات الأغاني والأناشيد الوطنية للوطن والشعب والوحدة والثورة .. صاغها بصدق مشاعره، الشاعر اليمني الكبير الأستاذ عبدالله عبدالكريم .. وتغنى بها أشهر وأكبر الفنانين في اليمن: أحمد بن أحمد قاسم، محمد عبده زيدي، فرسان خليفة، يوسف أحمد سالم، عمر غلاب وغيرهم .

قدمها لتكون نشيداً للوطن بعد أن سطرها بقلمه وروحه وقدم فيها تجارب السنين وأحلام المستقبل .

بالإضافة إلى العديد من الأغاني العاطفية التي لاتقل روعة وجمالاً .. ومازالت في وجدان ومشاعر الملايين من الناس على امتداد جغرافية اليمن والوطن العربي .. بعد أن تجاوز بها مطربوها الآفاق .. وانتقلت بواسطة وسائل الاتصال والإرسال العصرية والفضائية بين القنوات والإذاعات المختلفة .. وبأصوات مطربين لهم مكانتهم وأصواتهم وتاريخهم، حتى أصبحت هذه الكلمات بما حوت من معسول الكلام وصوته .. ومشاعر وحروف لاتنسى من تاريخ الأغنية اليمنية الرائدة .

فهل سأل بعضكم وهو يرددها بمزاج مع آهات الحنين والشوق ويطرب لها .. بعد أن عبرت عن مافي قلبه ونفسه من أحاسيس ومشاعر وحب يفوق الوصف .

كيف استطاع مؤلفها الإنسان المبدع.. أن يطوع الكلمة ويجعلها بهذا الجمال والشفافية .. وكيف استطاع أن يجعل حروفه تدخل القلوب الإنسانية بلا استئذان وبفرح وسعادة .

وكيف ياترى يعيش هذه التجارب .. بل كيف يعيش حياته الإنسانية .. أكيد أن من يخلق هذه المفردات ويجعلها طوع أمره وقلمه بهذه البساطة والجمال .. إنسان سعيد في حياته .. كل أيامه عيد في عيد .. وعلى رأي الشاعر صلاح جاهين بلسان السندريلا سعاد حسني حياته بمبي .. بمبي (؟!) .

فهل تسمحون لي مع الاعتذار للإزعاج وإيقاظكم من أحلام اليقظة وفرح كلماته وأنغامها التي أخذتكم إلى دنيا حلوة، كما يقول الرائع الزيدي (محمد) دنيا مافيهاش عذاب ولا فيها قسوة .

وأن أعيدكم إلى واقع حياته المرة التي يعيشها هذا المبدع في الدنيا .. الذي يقدم لنا مع كل المعاناة والآلام التي يعيشها .. هذه الكلمات الوطنية والعاطفية الرائعة .

لقد حزنت عندما هاتفته مهنئاً على ما قاله في اللقاء الذي شارك فيه عبر (إذاعة عدن) وبرنامج (ذاكرة الفن) الذي يعده الزميل الأستاذ صالح الوحيشي ويقدمه بأسلوبه المذيع المتألق صلاح بن جوهر .

وبقدر فرحته بالاتصال والحوار القصير الذي دار بيننا إنسانياً في منتصف الليل بقدر ما أحزنني جداً بعد أن عرفت ما أجهله عن حياته .

فهل تصدقون أن مربي الأجيال المدرس ومدير المدرسة الذي تخرج على يديه آلاف التلاميذ على امتداد سنوات عمله وعمره.. وأصبح الكثير منهم مسؤولين كبارا في أكثر من دائرة ومنصب في الحياة والوطن والدولة .

هذا الشاعر المبدع .. بعد أن بلغ الـ64 عاماً من عمره المديد إن شاء الله .. أطال الله في عمره وعافاه .. وبعد أن قدم للحياة الإنسانية (9) من الأولاد من الجنسين أصغرهم في الـ 28 عاماً يشاركونه الوجع والحياة .. لايملك راتباً تقاعدياً بعد سنوات العمل الطويلة في التربية والتعليم .. وحتى بعد أن نقل خدماته إلى مصنع للأسفنج كانت تملك الدولة %51 من حصته .. وكان معالي محافظ عدن السابق (الشعيبي) يعطيه كراتب 15 ألف ريال من المحافظة كنوع من التعويض والتقدير سرعان ما انقطع بمغادرته موقعه المسؤول .

ومن العام 95م إلى اليوم لايعرف له راتباً ومن المسؤول عنه أو لمن يتجه ليظفر بحقوقه واحتياجاته كمبدع قبل أن يكون إنساناً وموظفاً سابقاً في الدولة له حقوق وواجبات .

هذا المبدع الذي قدم لليمن وأهله تحايا وكلمات فيها كل المعاني والمشاعر والحب .. كان حصادها بعد أكثر من نصف قرن ويزيد من العطاء ديواناً مطبوعاً موسوماً بـ(ياسلام عليك ياحب) وديواناً آخر جاهزاً لم يرَ النور بعد بعنوان (قصائد وردية لحروف اسمية) مازال ينتظر كصاحبه الفرج من الله وأهل القرار .

بصراحة .. لم أصدق بأن إنساناً في قامة الشاعر عبدالله عبدالكريم يمكن أن يجد مثل هذا الجحود والنكران والتجاهل من المسؤولين عن الثقافة والفن في يمن الوحدة .

وبدلاً من أن يكرم ويلقى الوفاء والتحايا والتقدير جزاء ما قدم.. جعلوه يندم على اليوم الذي طوع فيه موهبته من أجل الناس والإبداع والفن والثقافة .. ليقدم أصدق كلمات الأغاني والأناشيد التي مازالت تعيش بيننا بألحانها الخالدة وكلماتها المعبرة عنواناً لصدق المشاعر وعبقرية الشاعر .

الكلمات لاتسعفني على الاستمرار .. ففي عز الكلام سكت الكلام (؟!) .

بصراحة (ياهووه) هذا التجاهل غريب وعجيب .. ولايمكن أن يحدث في بلد الفن وصدق المشاعر وفي مجتمع (عدن) .. أهل السلى الذين يقدرون المبدعين ويعرفون قدرهم في عصر قل فيه أمثالهم .

أتمنى بصدق أن أسمع وأقرأ في القريب العاجل .. ما يعيد لهذا الفنان الشاعر حقه في الحياة الكريمة نظير ما قدم من مجهود أسعدنا ومازال .. فما قدمه لايمكن أن يقاس بالمال الذي يكفي - فقط - ليقيه السؤال ويكفل الستر.. لإنسان لايملك كرصيد إنساني سوى كرامته وإبداعه المفعم بالحب والصدق لكل الناس .. وسامحونا !

أديب وصحفي سعودي -جدة

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى