عدن.. وريادة الصحافة الفنية

> «الأيام» أحمد المهندس:

> في كل مرة أقرأ فيها أرشيف الصحافة العدنية من المجلات والصحف التي استطعت الحصول عليها من زملاء وأصدقاء من أهلها الطيبين من أيام زمان والعصر الذهبي وحقبة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات.

وأتصفح صحيفة «فتاة الجزيرة» الجامعة و«الأيام» الرائدة، أو المجلات (أنغام، الفن والفنون، والغد الفنية) ومجلة «هنا عدن» الإذاعية مثلا.

أضرب أخماسا في أسداس.. وأسأل بصدق وعفوية .. ياسلام أين هذه الصحافة الآن، وفي عصر تطور فيه الإعلام وأصبح مرئيا وإلكترونيا والطباعة بالألوان والورق مصقول وجميل .. وتعددت الكتابات والمواضيع والكتُّاب.. لماذا لا نقرأ مثل ماكانت تنشره صحافة زمان من قضايا وآراء ومواضيع راقية واعية وهادفة وإنسانية ونافذة ومؤثرة وصادقة؟!.. على الرغم من إمكانيات صحافة وصحفيي الماضي المتواضعة .. بعكس صحافة الرخاء والألوان والتوزيع السريع الواسع الذي تجاوز بندر عدن والمحميات .. فما السبب الذي يمنع تأسيس المؤسسات الصحفية الكبرى في اليمن بعد الوحدة؟.. مجلات فنية يتنفس من خلالها فنانو اليمن، وتنشر فيها أخبارهم وأحوالهم، وتجري لهم اللقاءات والحوارات الهادفة فيها .. ويقدمون أنفسهم بالكلمة والصورة .. ويقرأ عن أحوالهم والآراء الفنية الجريئة، وتنشر الأشعار والكلمات للشعراء والمؤلفين الجدد والقدامى .. وتقدم لهم من خلالها النقد البناء والتعريف بفن الأصالة للقراء والجمهور والعالم.لقد كان صحفيو الماضي القريب والجميل يصدرون بإمكانياتهم المادية المحدودة مجلات فنية بصفحات لاتتعدى الثلاثين، ولكنها غنية بمادتها وحواراتها وما تحويه من توجيه ورسالة إعلامية فنية راقية وإنسانية. لقد صنعت هذه المجلات البسيطة نجوما وأظهرت صحفيين وأدباء وروادا .. حققوا لعدن الكثير من الإنجازات الفنية في مجال الأغنية والكلمات والألحان والمسرح ونجوميته والإذاعة المسموعة والمشاهدة.. باعتبار عدن رائدة في المجالين (الإذاعة والتلفزيون)، فقد تجاوز عمر الإذاعة الـ 50 عاما، والتلفزيون الـ 45 عاما، كثالث إرسال مرئي في العالم العربي مع مصر والعراق.

بل أنه كانت هناك مجلة تصدر بالأبيض والأسود .. فلم تشهد تلك الحقبة الصحفية الطباعة الملونة أيامها .. ومن ملزمتين بلغة الطباعة، يعني 36 صفحة باسم (هنا عدن) عن إذاعة عدن أو ما كان يسمى بالجنوب العربي .. وتنشر فيها برامج الإذاعة وأخبارها ولقاءات مع ضيوف الوطن من فنانين محليين وعرب وأجانب زائرين، فقد كانت قبلة الزوار .. وتحتوي على كتابات مختلفة فيها النقد والرأي والانطباع حتى في الفن التشكيلي.. وإعلانات مختلفة من المشروبات الغازية إلى مكائن الزراعة إلى (الرنج) الدهانات، إلى النظارات (؟!).

فلماذا في عصر الفضاء المفتوح والتقنية الطباعية المتطورة التي لاتكلف كثيرا .. وفي العصر الذي يستطيع كل مجتهد احترف الحرف فيه متى ما ملك الموهبة والقدرة والطموح والإرادة .. على إصدار مجلة بالألوان .. لانرى مثل هذه المجلات الخاصة أو التي يمكن أن تصدرها المنشآت الصحفية الرائدة والقائمة الآن.وأصبحت (عدن) بلد الفن التي كانت مصدر تنافس في هذا المجال مع مصر ولبنان .. في آخر القائمة، ويفتقر فنانونها إلى مثل هذه النافذة الإعلامية التي من شأنها إعادة الحياة الفنية إلى الأيام والعصور الزاهرة.. لتعود عدن مجددا رائدة في الفن بكل أصنافه وألوانه !.

لاشيء ينقصكم أيها الزملاء .. وأصحاب الإمكانيات لإصدار مجلة فنية تواصل ريادة مجلات الماضي الجميل التي لا يمل المرء منها وتحمل اهتراء الورق وتمزقه إذا ما سنحت له فرصة الاطلاع عليها من الإرشيف.. فالمحتوى ينسيك نفسك وغبار السنين .. انفضوا غبار الكسل .. واملكوا طموح الرواد الأساتذة: علي أمان، طه أمان، عبدالقادر خضر، حسن علي عمر، ياسين نعمان وغيرهم من الرواد الذين لاتحضرني أسماؤهم الآن عبر هذه العجالة من الذاكرة.. رحم الله الأموات منهم، وأطال في عمر الأحياء منهم ومتعهم بالصحة!. وسارعوا إلى إصدار مجلة فنية يمنية شاملة.. تقدم الفن اليمني بكل ألوانه (العدني، الصنعاني، الحضرمي، اليافعي) من البحر إلى البحر، ومن الجبل إلى الجبل.. بأسلوب العصر الثقافي والفني الجديد الذي يوصل المعلومة والخبر والصورة أسرع من الصوت. إنها دعوة صادقة.. حتى تعرف الأجيال القادمة والحاضرة كما عرفنا.. الكثير مما يجهلون عن فن الأصالة والأصل في يمن الوحدة.. كما عرفنا من خلال صحافة الماضي .. تاريخ وعطاء وريادة فناني ومثقفي زمان، وماقدموه لنا من تحايا جميلة مازالت في الوجدان.. ومن أجل التوثيق الذي تجاوز الحرف المطبوع إلى الصورة والكلام المسجل.

أديب وصحفي سعودي - جدة

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى