«الأيام» في أول جولة استطلاعية إلى عزلة الأعبوس حيفان ..الأعبوس تاريخ عظيم وحياة قاسية بحثاً عن مواطنة متساوية وعيش كريم

> «الأيام» أنيس منصور:

>
طريق الاعبوس الوعرة
طريق الاعبوس الوعرة
الأعبوس عزلة في مديرية حيفان تعز يبلغ تعداد سكانها (35 ألف نسمة) في مساحة ضيقة جبلية صلبة موزعين على عدد من المراكز المحلية هي الغلبية - بني علي - الرام - ظبي - التحرير- السبد- مرواية الشعب. الأعبوس تاريخ عريق في الحياة السياسية والثورة والوحدة مازال محفوظا في الذاكرة وفي بطون الكتب وعناوين الصحف وأرشيف الوطن، فكلما تذكرت الأعبوس تذكرت أنغام الفن واستديوهات التصوير والتفاعيل والقوافي والتراث والوعي العلمي والإبداعات، تذكرت ماضي نوادي الأعبوس ومناطقها التي كانت على خط التماس بين شطري اليمن سابقاً، فالعبسيون صامدون في بيئة جبلية وطبيعة قاسية وعذابات يومية وخدمات مبتورة المعاني تسلط عليها من يسومها بالويل والثبور، أصبحت جنازة محمولة على الأكتاف في انتظار مراسيم الدفن، سقطت عمداً من كشوفات المشاريع مع سبق الإصرار والترصد.

«الأيام» وفي أول زيارة استطلاعية إلى بعض مناطق العزلة خرجت بآهات وأنات متشابكة فإلى تفاصيلها :

سد اللفج بين الهدم والبناء:

الأعبوس قطعة جغرافية مثقفة، لكن تضرب كل صباح من الوريد إلى الوريد، وأنباؤها على قسمين، الأول أغلبية سكانية فقيرة معدومة يصارعون الحياة ويحفرون في الصخر، وأقلية غنية متخمة عزلت نفسها عن مراتع الطفولة وهاجروا إلى المدن والعواصم للعيش ضمن محميات أسمنتية وعوازل بعيدة عن ما آل إليه موطنهم الأصلي، لم يبق لهم من قرى الأعبوس سوى لفظ (العبسي). سد اللفج بني علي وهو سد من مشاريع وزارة الزراعة المفترض حسب الدراسات أن تكون السعة التخزينية 65000 متر مكعب من المياه، لكن عند التنفيذ سعته فقط 25000 متر مكعب، حيث طالب الأهالي توسعة حوض السد حسب الدراسة الهندسية وإخراج الأتربة والردميات واستكمال الطريق إلى داخل السد ووضع شبكة ري الحقول والاستفادة من ماء السد وعمل مركز استشاري زراعي تابع للسد.

الحاج عبدالرقيب الجرادي تحدث عن السد قائلاً:«هذا السد محسوب علينا ولم نجني منه سوى التهمة، معاكم سد وهو دليل على مشاهد العبث والفساد المالي والإداري للمشاريع المركزية التي لم تخضع لأي رقابة هندسية إنما تسير على نمط المصالح والرشاوى، وماتزال قضية سد اللفج مطروحة على طاولة السلطة المحلية المركزية، مع كل ذلك فالسلطة لاتعرفنا ولانعرفها إلا مع بداية الموسم الانتخابي، حيث تكثر الوعود ودق الصدور وسرعان ماتتبخر هذه الوعود بعد ساعة من إعلان نتيجة المرشحين والسلام».

الطريق نص بنص:

تبدو قرى الخرص، الغدير، وادي العقام، الغليبة، المنصورة والمكمدة تبدو جميلة بالتناسق المعماري ومحاسن الطبيعة والجبال المشرفة بجلائها وكبريائها، لكن الطريق مأساة أخرى تخدش كل جميل في الأعبوس، الحديث عن الطريق طويل، حوادثها غائبة عن عناوين الصحف وعن أمانة مسؤولي الدولة، الطريق مصائب وآهات وفواجع، فالسائقون يسيرون ذهاباً إلى السوق ثلاث مرات في الأسبوع فقط يشاهدون الموت عند المنعطفات ويصاب الراكب بالغثيان من هول الفاجعة.

يصف عبدالسلام العفوري مشروع الطريق بالناقص والمتعثر «لأنه أيضاً مشروع مركزي تم إنجاز شق وسفلتة 8 كيلو من إجمالي 20 كيلومترا، ثم توقف المشروع وأفاد المقاول بأن التوقف يتعلق بالوزارة، حيث تم مراجعة الوزارة، وأفادونا أن مجلس الوزراء اعتمد المشروع ضمن المشاريع المتعثرة، وأن هناك خلافا بين المقاول والوزارة، وهناك تفاعل من قبل نائب الوزير عبدالملك الجولحي، نحن نسمي هذا الطريق بطريق الموت».

قال خليل القاضي: «نحن حالياً في انتظار إجراءات الوزير والمحافظ والمجلس المحلي والجهات الخاصة سرعة استكمال المشروع الذي وصل إلى منطقة الجب ثم توقف، فلم نجد تعليق للمشروع سوى أن الأعبوس جزء من وطن تسير مشاريعه بالانتقاص والهاوية يعطي لمن يشاء ويحرم من يشاء، كماهو حال مشروع الطريق المتوقف في الجب، فالطريق شريان الحياة إذا وصلت ستحل الخدمات الأخرى».

مشروع المياه وأغاني أيوب:

أثناء الاستطلاع في رحاب أرض وقرى الأعبوس يجد السائرون أنابيب مبعثرة محطمة وخزانات على رؤوس الجبال، قادني الفضول الصحفي لمعرفة التفاصيل وجمعنا كمية المعلومات أن مشروع مياه الأعبوس هائل وضخم وهو ضمن المشاريع السعودية قبل خمسة وعشرين عاما يعتمد على بئرين في الخزجة بالأثاور والرام، وتم تزويده بمضخات وخزانات ، لكن لم ولن يستفيد منه الناس لأسباب ، قال عدنان نعمان «هي عدم وجود إدارة وإمكانيات لاستكمال ومد شبكة أنابيب إلى المنازل واتضح أيضاً أن الآبار لاتتوفر فيها المياه الكافية لكل أبناء العزلة أي أنها لم تتناسب مع كثافة المستفيدين واعتراض الأثاورعلى استخدام إحدى الآبار كونها سطحية، وسوف تؤثر على مزارع المواطنين أدى ذلك إلى إهمال المشروع وضياع المضخات وتلف الأنابيب وتفضل مجموعة من مواطني المكمدة بالمتابعة لدى مشاريع مياه الريف بتأهيل المشروع وفق معالجات وتشغيل المشروع وطرح مقترحات بحفر آبار وانتشال المشروع على يد هيئة إدارية كونه مشروعا ضخما جدا»، وذكر السيد طاهر عبده العبسي حقيقة المشروع «أنه كان مشروعا سياسيا أكثر مما هو خدمي، له مرتكزات سياسية آنذاك تقديرا لموقع الأعبوس في أطراف ومحاذاة جنوب اليمن سابقا، وهذا المشروع ضمن عدد من المشاريع الممولة من السعودية في الثمانينات»، واعترض الأستاذ نجيب عبدالرحمن قائلا: «المهم نحن مايهمنا سياسي ولا خدمي، نحن حاليا بعد خمسة وعشرين سنة من فشل المشروع نناشد المشروع نناشد المجلس المحلي والمحافظ ورئيس الهيئة العامة لمشاريع مياه الريف الاهتمام الخاص لتشغيل المشروع وصيانته من الضياع»، هكذا أصبح المشروع عبارة عن أنابيب مقطعة ومنهوبة وخزانات تستعمل جدرانها في رسم رموز الانتخابات والأحزاب وصور المرشحين ومما شد انتباهي وجود كتابات هنا وهناك لأغاني الفنان أيوب طارش، مثل أغنية (مكانني ظمآن) (قلبي يسألني عليك) (ما قد مر يكفي مقدر لي ومكتوب أعيش العمر متعوب صابر صبر أيوب).

وا أسفاه على مدرسة الشعب حسيمة:

«خلاص تعبنا مافيش دولة بصدق ضربات قاسية لصالح من كل هذا العبث وتصرفات تثير في النفس الاشمئزاز والإحباط ، وفي ناس مظلومين وظالمين» هكذا تحدث وبهذه الألفاظ والعبارات تحسر عضو المجلس المحلي بالحسيمة محمد علي سيف العبسي عن قضايا مهمة وصعبة أولها مشروع مدرسة الشعب حسيمة وأمامه ملفات ومتابعات ووثائق وصور فوتغرافية وإرساليات وأحكام قضائية جميعها تحكي قصة المدرسة، لم يتم تنفيذها بموجب الاتفاق ونزلت لجنة تؤكد أن الأعمال المرفوعة غير منفذة ولا وجود لها على أرض الواقع نهائياً وفق محاضر تم تحريرها مع مندوب المركز التعليمي والمدير العام وسارت الأمور بمستخلص، وهي أعمال في الهواء فقط، تحدث محمد علي بكل قهر وحماسة وتأسف حتى الحكم القضائي الصادر ضد المقاول، الذي ألزمه بالتعويض وإنشاء المدرسة لم ينفذ، مستعرضاًَ صعوبة الطريق والجفاف وظلمة الليل «حيث توقفت أسلاك الكهرباء عند نقطة محددة وحرمان الحسيمة في وضح النهار وارتفاع سعر الغاز والمواد الغذائية بسبب ضيق الطريق، وبصوت هادئ قالها:«بصراحة لانستطيع الدخول في أي استحقاق انتخابي مادام هناك مركزية مفرطة ومادامت هناك محسوبية وجعل المجلس المحلي مجرد مجلس صوري وهمي، نحن نبحث عن مواطنة متساوية وعيش كريم فقط ، المشاكل هنا تتفاقم وتتوسع يوما بعد يوم بسبب المعاناة، هناك هيمنة الجانب السياسي على التعليم مثل تغيير مدراء المدارس وهو مايعد تحطيما للتعليم» وظل عضو المجلس المحلي يسرد صور وسطور الظلم في التعليم وانتقاص الحقوق والعلاوات والبدلات ومدرسة الشعب حسيمة التي أصبحت دليلاً فاضحاً للسياسات الخاطئة، وقال: «والله ثم والله لن نسكت ولن يهدأ لنا بال حتى يتم بناء وإنشاء المدرسة أو يفتح الله بيننا وبينهم وهو خير الفاتحين». أصبحت مدرسة الشعب مصيبة القوم، فالكل يقول وا أسفاه على مدرسة الشعب حسيمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى