رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> 1-عبدالحميد سلام:الميلاد والنشأة:أسرة (العطار) من الأسر العدنية العريقة التي استوطنت كريتر (عدن)، وهي أسرة ميسورة الحال ومحافظة، ويفيد كشف الموظفين STAFF LIST للعام 62/1963م التابعين لإدارة عدن أن عبدالحميد سلام من مواليد عدن 23 سبتمبر 1931م ونشأ في حواريها، وتلقى أبجديات تعليمه من القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم في كتاتيبها، كما تلقى بعد ذلك تعليمه النظامي في مدارس عدن بنظام المرحلتين الابتدائية والمرحلة المدمجة (متوسط وثانوي)، وفترتها سبع سنوات، والتي عرفت بالسبعة الأبواك، وعبدالحميد سلام العطاء من أصحاب السبعة الأبواك التي كانت تختتم بالجلوس لامتحانات شهادة كيمبردج العليا SENIOR CAMBRIDGE، وبعد العام 1952م اختتمت الدراسة الثانوية بالجلوس لامتحانات شهادة الثقافة العامة GENERAL CERTIFICATE OF EDUCATION G.C.E.

يفيد كشف الموظفين أيضا أن عبدالحميد سلام التحق بخدمة الحكومة في مستعمرة عدن في الفاتح من يناير 1952م وأن تعيينه في وظيفته الحالية (مساعد برامج) PROGRAMME ASSISTANT كان اعتبارا من 28 مايو 1959م من ضمن الرعيل الأول من الإذاعيين العمالقة، الذي ضم الأساتذة الأجلاء أحمد محمد زوقري وحسين الصافي وعمر محمد مدي ومنور الحازمي وعلوي السقاف وأبوبكر العطاس ومحمد عمر بلجون وعبدالحميد سلام وأشرف جرجرة ومحمد مدي وعبدالرحمن باجنيد وخالد محيرز وعبدالله عزعزي ومحمد حامد غني (راجع حلقة رجال الذاكرة: محمد عمر بلجون 30 سبتمبر 2007م).

لبنى الخطيب في إفراغ جزئي لجعبة الأستاذ العطار:

في الذكرى الرابعة والأربعين لتأسيس تلفزيون عدن خرج الأستاذ عبدالحميد سلام من دائرة الصمت، وبعد إلحاح الزميلة لبنى الخطيب الكاتبة المتألقة وافق الأستاذ العطار على تقديم عرض جزئي لذكرياته، نشرته «الأيام» في 12 سبتمبر 2008، وافترش حديثه الشائق الصفحة 15 بالطول والعرض.

جاء في مقدمة الزميلة لبنى أن «الأستاذ عبدالحميد سلام سكن وجدان وذاكرة المستمعين في عدن من خلال أكثر من ثلاثين برنامجا إذاعيا خلال فترة مختلفة أبرزها (جولة الميكروفون) الذي بث لسنوات طويلة، كما حازت ثلاثة برامج إذاعية من تقديمه: (جولة الميكروفون) و(صباح الخير) و(مع المستمعين) على شعبية المستمعين في استفتاء أجرته صحيفة «اليقظة» لصاحبها العطر الذكر عبدالرحمن جرجرة (خال الزميلين هشام وتمام باشراحيل) وذلك في ستينات القرن الماضي».

عبدالحميد سلام في ذاكرة الإمتاع الذهني والنفسي والوجداني:

إذا سطع نجم عبدالحميد سلام إذاعيا عبر إذاعة عدن التي تأسست في 7 أغسطس 1954م فإن نجمه سطع أيضا تلفازيا عبر تلفزيون عدن الذي تأسس في 11 سبتمبر 1964، وقدم عدة برامج تلفزيونية منها (ندوة التلفزيون) و(مجلة التلفزيون) و(سهرة جنة الألحان).وعن تلفزيون عدن يفيد الأستاذ عبدالحميد سلام «وجميع الوثائق والسجلات تؤرخ أن الحادي عشر من سبتمبر 1964م جاء تأسيس تلفزيون عدن كطليعة خلاقة مبدعة في هذا المجال، وتحمل قيادته منذ يوم الولادة الأستاذ حسين الصافي كمدير عام للإذاعة والتلفزيون والمدير المباشر للتلفزيون كان الأستاذ محمد عمر بلجون».

العطار وبداية الإبحار مع تلفزيون عدن:

يفيد الأستاذ عبدالحميد سلام العطار- متعه الله بالصحة وأطال عمره- أن «معظم أجهزة تلفزيون عدن كانت متواضعة عند بداية الإبحار، وقدم جميع برامجه حية على الهواء مباشرة لعدم توفر أجهزة التسجيل والمونتاج، ومن تلك البرامج على سبيل المثال لا الحصر: برامج الأطفال والمرأة وندوة التلفزيون ومجلة التلفزيون وجنة الألحان».

جاءت جعبة الأستاذ العطار ببعض البيانات منها أن الأستاذة والزميلة الإعلامية فوزية غانم كانت تقدم برنامج (الأسرة)، والزميلة عديلة بيومي كانت تقدم (برنامج الأطفال) والزميلة فوزية عمر قدمت بعض البرامج الخفيفة، ورفد التلفزيون بوجه متألق وهي الزميلة عديلة إبراهيم، وأما التمثيليات والمسرحيات فقد دشنها الزميل الأستاذ علوي السقاف، وواصل المشوار من بعده الزميل الأستاذ محمد مدي- رحمهما الله-، أما الأستاذ والزميل أبوبكر العطاس فقد قدم (جرب حظك) وقدم بعد ذلك البرامج التربوية.

العطار وشهادة للتاريخ عن التلفزيون المدرسي:

يعرض الأستاذ عبدالحميد سلام العطار على الزميلة لبنى الخطيب وثيقة محضر الاجتماع وتحديدا محضر الجلسة الرابعة للجنة التلفزيون المدرسي المنعقد في 23 مايو 1965م (بعد أقل من عام واحد على تأسيس تلفزيون عدن)، وعقد الاجتماع في مكتب الراحل الكبير إبراهيم روبلة، وكانت اللجنة مكونة من الأساتذة الأجلاء إبراهيم روبلة ولطفي جعفر أمان وعثمان عبده محمد وسلطان عبده ناجي وعبدالحميد سلام وعزيزة العطاس وأبوبكر العطاس، بالإضافة إلى عدد من ممثلي المدارس التي يديرونها في عدن، منهم التربويون الأفاضل حسن علي منيباري وحسن عبده نورالدين ونصر حسن عباس، رحم الله الجميع وأطال عمر الأفاضل عبدالحميد سلام وأبوبكر العطاس وحرمه عزيزة العطاس.

أوفدت إدارة التلفزيون الأستاذ أبوبكر العطاس وحرمه عزيزة العطاس في دورة تدريبية في التلفزيون المدرسي إلى أيطاليا وعاد منها ليتولى مسئولية التلفزيون المدرسي والإذاعة المدرسية.

العطار يعرض وثيقة أخرى بترقيته مع آخرين:

عرض الأستاذ العطار على الزميلة لبنى وثيقة إدارية صادرة باللغة الإنجليزية من إدارة التوظيف ESTABLISHMENT DEPT. (الخدمة المدنية حاليا) بتاريخ 23 أكتوبر 1965م بترقية المسئولين أدناه في المناصب الآلية اعتبارا من الفاتح من أبريل 1965:

علوي السقاف رئيس وحدة الإعلام في تلفزيون عدن.

أبوبكر العطاس منقولا من وزارة المعارف (التربية والتعليم) ليتولى مسئولية التلفزيون المدرسي والإذاعة المدرسية بعد أن كان في التلفزيون مسئولا من البرامج المدرسية.

عبدالحميد سلام مدير برامج (الإذاعة الصوتية) أي مدير إذاعة عدن.

محمد عمر بلجون مدير برامج (التلفزيون) أي مدير تلفزيون عدن.

كما تحمل الأستاذ أشرف جرجرة مهام وحدة الأفلام بعد تفرغ الأستاذ علوي السقاف العمل الإداري في التلفزيون.

العطار لاينسى فضل الفاضل:

لاينسى الأستاذ عبدالحميد سلام العطار فضل الراحل الكبير عبدالله فاضل فارع- طيب الله ثراه- الذي ربطته به علاقة زمالة من خلال الندوت الإذاعية أو البرامج الثقافية والأدبية، التي شارك فيها الأستاذ عبدالله فاضل فارع، الذي ابتهج بوجود هذه القدرة الكبيرة التي ستفيده في مكتبه أول مشروع للتعليم العالي بعدن عام 1970 بتأسيس كلية التربية العليا، وكان الأستاذ عبدالله فاضل فارع أول عميد لها خلال الفترة 70/1973م وتعاقب على العمادة كل من الأساتذة الأجلاء د. جعفر الطفاري وأ. أبوبكر عبدالرزاق باذيب ود. عبدالله سعيد ثابت ود. يعقوب عبدالله قاسم. وأ. علي عبدالله فخري، ود. حسن حامد الحداد، ود. عوض حسين البكري، ود. شيخ عوض باوزير، وتقلد العمادة من جديد د. يعقوب عبدالله قاسم، وهو من الأكاديميين المعتبرين وذات مواصفات عالية وشكل مع سابقيه سجلا مكتوبا إنجازاته بماء الذهب.

مثلما استحسن راحلنا الكبير عبدالله فاضل فارع قامة أخرى تمثلت في الأستاذ عبدالحميد سلام ليكون أمين مكتبة التربية العليا فإن الأستاذ عبدالحميد سلام استحسن هو الآخر اسم جمال لولده تيمنا بتلميذه اللامع جمال الخطيب وهي إفادة من مصدر مقرب للأستاذ عبدالحميد.

2- جمال الدين الخطيب

الميلاد والنشأة:

جمال الدين حسن صالح الخطيب من مواليد منطقة (بريسلي) بمدينة التواهي عدن في 5 أكتوبر 1946 وجدته لأبيه فطوم قاسم هي عمة الفنان الراحل أحمد بن أحمد قاسم، وتلقى دروسه الأولى في القرآن الكريم ومبادئ القراءة في كتاتيب مدينته الجميلة (التواهي)، وتلقى تعليمه النظامي في ابتدائية التواهي، وتلقى بعد ذلك تعليمه المتوسط في متوسطة التواهي للبنين، أما تعليمه الثانوي فقد تلقاه في المدرسة الخالدة والعطرة الذكر (كلية عدن) التي أصبحت تعرف بكلية البيومي، ثم ثانوية عبود بعد الاستقلال وعرفت بعد حرب صيف 1994 بـ( ثانوية عدن) وحاليا ثانوية البيحاني النموذجية، واختتم جمال الخطيب تعليمه الثانوي بحصوله على شهادة الثقافة العامة (GENERAL CERTIFICATE OF EDUCATON)، وذلك في العام 1964.

جمال الخطيب يرفع بعض العبء عن والدته المكافحة:

كان جمال الخطيب أكبر إخوته واغترب والدهم وهم في نعومة أظافرهم فشمرت الأم عن ساعديها ونصبت نفسه أما وأبا لأولادها الخمسة، وهم بالترتيب: جمال الدين، شوقي (طيار عسكري)، سميرة (تربوية)، سعيد (محاسب)، لبنى (مديرة قسم الدراسات والبحوث في معهد التدريب الإعلامي).

نحتت الأم الصخر بأظافرها وكافحت في سبيل توفير العيش الكريم لأولادها موفرة لهم الغذاء والغطاء والدواء والكراسة وكل الالتزامات الأخرى، ونوعت مصادر دخلها بين تطريز الثياب النسوية أو صناعة الكوافي (قبعات رجالية) أو بيع العشار (الليمون المخلل والمضاف إليه الفلفل الأحمر المسحوق وحبة السوداء) وبعد تخرج ولدها البكر جمال الدين أحست بأن بعضا من العبء الثقيل قد رفع عنها.. رحمها الله.

منير عمر قاسم يروي للبنى الخطيب كفاحية شقيقها جمال:

نشأ جمال الدين الخطيب متنوع المهارات والاهتمامات، فقد نشأ عاشقا لتربية الحمام وجمع الطوابع البريدية النادرة والقراءة، وكان صاحب حضور في النشاط المدرسي، وخاصة في المسابقات الرياضية المدرسية والسنوية، وكان مبرزا في سباق المسافات وجر الحبل.

بعد التحاقه بإذاعة عدن عشق عمله الإذاعي وطاف بكل الأقسام وأتقن العمل فيها وبشهادة مجايلة الأخ منير عمر قاسم الإعلامي المخضرم والمتألق التي ألقاها في حضرة شقيقته لبنى أن جمالا كان يتابع الأخبارالعالمية من بيته وكان من هناك يحضرأخبارا يقدمها للإذاعة.

أثناء وجود جمال في القاهرة في مطلع 1968 في دورة تدريبية في إذاعة القاهرة صعد مع أحد المهندسين الإذاعيين المصريين إلى أحد أبراج الإذاعة ليثبت موقع إذاعة عدن حتى ضبطها، وكان الإعلامي المعروف بدر الحماطي حينذاك يقرأ نشرة الأخبار.

لبنى تبكي أخاها في ذكرى تأسيس إذاعة عدن:

إذا بكت الخنساء أخاها صخرا قبل الإسلام وبعده حتى عميت (راجع: جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب) للسيد أحمد الهاشمي (ص 288) فإن لبنى الخطيب بكت أخاها جمال الدين الخطيب وذرفت الدمع مدرا، ولها الحق في امتشاق قلمها، لأننا في زمن الجحود وجفاف المشاعر والقيم.

انتهزت لبنى الخطيب ذكرى تأسيس إذاعة عدن الرابعة الخمسين (8 أغسطس 1954 - 8 أغسطس 2008) فامتشقت قلمها الرشيق ودبجت موضوعها الموسوم (في ذكرى تأسيس إذاعة عدن الرابعة والخمسين- الإعلامي جمال الخطيب.. فخورة جدا بأنك أخي) وفقيد الإعلام جمال يكبر أخته لبنى بستة عشر عاما، حيث إنها من مواليد عام 1962 ذلك أنها نشرت موضوعها الآنف الذكر في «الأيام» في العدد (5475) بتاريخ 7/8/ أغسطس 2008.

تحدثت لبنى عن أخيها (جمال) تارة بـ«حبيبي.. أبا محجوب» وتارة أخرى بـ«أخي الحبيب.. جمال» لأن أولاده بالترتيب هم: محجوب ولمياء وأميمة وروزا، وباكورة أولاده سماه (محجوب) تيمنا بالزعيم اليساري السوداني عبدالخالق محجوب، وعاش جمال مع أولاده في منزل متواضع بمدينة التواهي ليكون قريبا من الإذاعة رغم عروض سخيفة بمنازل أوسع في مناطق أرقى مثل خورمكسر، فغلب الصالح العام على الصالح الخاص (ويا خسارة).. وأفادت لبنى بمعلومة غمرتها الدموع أن أخاها جمال تطلع نحو الإعلام وهو في طور اليفاعة لتأثره بجار الأسرة راحل الإعلام الكبير عبدالرحمن الحيدري، وعندما التحق جمال بالإذاعة احتك برعيل العمالقة حسين الصافي ومنور المازمي وعبدالحميد سلام وخالد محيرز وغيرهم.

تحدثت لبنى أيضا عن تفاني أخيها في احترام واجبه وأداء رسالته الإنسانية والاجتماعية والإعلامية منها: إخلاصه لمحو الأميين ورصد لتلك الرسالة المقدسة وقته وجهده وأعصابه وانتزاع لأصحابها المكافآت والعلاوات، حتى أنه استحق وبجدارة ترأس محو الأمية، وكان يبدي قلقه وحرصه على سير برامج الإذاعة ونشاطاتها الاستثنائية، كالنقل الخارجي للحفل الكبير للفنان (أبوبكر سالم بلفقيه) الذي أحياه في عدن 12 سبتمبر 1982، وكان يتابع النقل من خلال جهاز راديو صغير.

لقد مثل جمال الخطيب إذاعة عدن خير تمثيل في اجتماعات اتحاد الإذاعات العربية أو مشاركا مع وزراء الإعلام أو بحضور ندوات أو دورات تدريبية، كان آخرها مشاركته عام 1985 في إحدى الدورات في دولة الكويت الشقيقة.

عرفنا جمال الخطيب محبا لعمله محبا للناس هاشاً.. باشاً، كلما رأى الأصدقاء وغير الأصدقاء حتى استشهاده في أحداث 13 يناير 1986.

هذا غيض من فيض عن سيرة جمال الخطيب مدير عام إذاعة عدن خلال الفترة 1979 - 1986، وهي أطول فترة قياسا إلى من تحمل مسئولية الإذاعة حتى عام 1986.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى