> «الأيام»علوي بن سميط/عبدالله بن حازب:

عمارة استأجرتها مؤسسة خيرية في سيئون لاسكان المتض
عمارة استأجرتها مؤسسة خيرية في سيئون لاسكان المتض
أمس 24 نوفمبر2008 يكتمل شهر كامل منذ وقوع طوفان وسيول بحجم (الحوت) بوادي حضرموت 24 أكتوبر2008، وحالة المتضررين تحتاج للمزيد والمزيد من المتابعة والدخول بوتيرة سريعة في مرحلة التسكين والإيواء الصحي والنفسي والمعيشي في منازل أو شقق حتى مرحلة الإعمار.

وهو الأمر الذي يفترض أن تخطوه الحكومة بجدية، ولعل عددا من الجمعيات والمؤسسات الخيرية سبقت الدولة في هذا المضمار، وحتى لا تكون قضية متضرري الأمطار والسيول في مهب الرياح فإن المهمة والأولوية هو ألا تشغل جهات الدولة وفروع مكاتب وزارتها بشيء سوى قضية المتضررين وأن يكونوا في وضع انعقاد دائم المجالس المحلية بالمديريات والمرافق الخدمية الحكومية إذ لا يعني أن السيول جفت فالمسألة انتهت. مساء الجمعة الماضية اختتمت اللجنة الفرعية الحكومية لأضرار السيول بوادي حضرموت اجتماعها الذي ناقش التقارير والحصيلة النهائية للأضرار المرفوعة من اللجان والمديريات، ولم يعلن بيان إعلامي لهذه الحصيلة بعد 29 يوما من الكارثة.

صحيح أن المعلومات والحصر تتابع وتكتمل بعد حين ولكن لا تتأخر فترة طويلة، المعلومات المعلنة عن آخر حصيلة الخسائر والأضرار بالمديريات في الوادي اكتفت، وبحسب مصدر باللجنة الفرعية لأضرار السيول والإغاثة والإيواء أكد أن حصيلة الخسائر والأضرار ارتفعت إلى 72 مليار للجانب الزراعي فقط بوادي حضرموت، وهو أول وأكثر القطاعات المتضررة، يليه الخسائر في منازل وممتلكات المواطنين.

على الانقاض طفل وابتسامة لغد افضل
على الانقاض طفل وابتسامة لغد افضل
من جهة ثانية قدمت لجنة الإغاثة 70 خيمة لفرع وزارة التربية والتعليم بالوادي كي تعمل على استيعاب طلبة المدارس التي انهارت منشاءات مدراسهم (سبق لـ «الأيام» تغطيتها قبل أكثر من أسبوع أن نشرت تقريرا تفصيليا عن حجم الأضرار بالتربية والتعليم بوادي حضرموت)، وتطلب التربية نحو 280 خيمة كصفوف طارئة لاستمرارية الدراسة، ويتوقع أن تعمل منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة بتزويد التربية بنصف الكمية خلال هذا الأسبوع. كما عملت مؤسسة طيبة الخيرية بحضرموت بتجهيز 10 صفوف عاجلة لإعادة مدرسة صلاح الدين بكافة المستلزمات من أثاث وأدوات ووسائل التعليم.

من جهة ثانية تتواصل زيارة الوفود الدولية والعربية للاطلاع على حجم الكارثة التي لحقت بالوادي، حيث استقبل أمس الأول الأخ أحمد الجنيد وكيل محافظة حضرموت لشؤون الوادي والصحراء والسيد والتر بروزوني منسق منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة الذي اطلع على الجهود التي أعقبت الكارثة، مؤكدا أن منظمته سوف تقدم ما يمكن لتجاوز المنطقة هذه الكارثة.

كما اختتمت قبل يومين مساعد الأمين العام للأمم المتحدة المدير الإقليمي للدول العربية أمة العليم السوسوة زيارتها للمناطق المتضررة بوادي حضرموت، ولعل هذه الزيارة جاءت بعد أن صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي على طلب بلادنا بتقديم المساعدة لتجاوز آثار الكارثة.. عموما فإن الأسر المتضررة تنتظر المزيد والمزيد من العون والمساعدة، وجزى الله خيرا كل المنظمات ومؤسسات المجتمع المدني الأهلية لما قدمته من عون لإخوانهم المتضررين، ونحن في «الأيام» نشاهد ونسمع ونبلغ بكل ما تقدمه هذه الجهات، بل إننا نعيشها واقعا.

طاعن في السن يتوكأ عصاه وسط الدمار
طاعن في السن يتوكأ عصاه وسط الدمار
مسؤول الإيواء والإغاثة لـ «الأيام»: الناس هنا متفاهمون

أمس الأول توجهنا ضمن الجولات الميدانية إلى حيث يعمل فريق اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر الدوليين، حيث يقدم خبراء كيفية التعامل في حال حصول كوارث، وكذلك يتواجدون لتحليل المعلومات والنتائج وتقديم النصح والاستشارات لجمعية الهلال الأحمر بوادي حضرموت، هذه المرة التقينا السيد جون بريمان منسق الإغاثة والإيواء باللجنة الدولية، وسألناه عن مشاهدته لحجم الأضرار وكيفية تقييمه كمختص لما رآه في مخيمات الإيواء فقال: «زرت بعض المناطق التي دمرت فيها المنازل نهائيا وأصبح سكانها في وضع كارثي، وشاهدت الأضرار الأخرى في تصدع المنازل، لقد تأثرت كثيرا وشعرت بالتأثر والألم تجاه الناس الذين ردمت منازلهم وأصحبوا بدون ممتلكات.. بدون سكن، زرت المناطق وعددا من مواقع الإيواء في المدارس، الوضع ضعيف يحتاج للمزيد، ولكنني شاهدت عددا من المناطق ومواقع الإيواء الأمور فيها منظمة بشكل جيد، والناس متفاهمون فهم جميعا في مكان واحد، لأنهم يرغبون أن يكونوا مع بعض ليسوا متفرقين».

وحول سؤالنا عن تقييمه الأول لما قدمته الهيئات والجمعيات الأهلية والناس في جانب الإغاثة بحسب ما سمع وشاهد وكذا جلوسه مع المتضررين أجاب السيد جون: «العمل يتطلب في هذا الاتجاه أن يكون بشكل منظم ومنسق فيما بين كل الجهات المختصة وكذا الوقوف أمام ما تم تقديمه وتقييمه من قبل مؤسسات المجتمع المدني، أي أن يجتمعوا مثلا في كل يومين لتقييم أعمالهم، أما بالنسبة لما أقدمت عليه الجمعيات الأهلية في توزيع المعونات في وقت مبكر شيء جيد، والواضح أنه مازال الكثير من العمل، الناس وصلت لهم المياه وحصلوا على الطعام، وأتمنى أن يحصلوا على مزيد من الإغاثات»، ونشكر الأخ جمال بازهير لترجمته الفورية لنا.

منزل منهار تظهر فيه ممتلكات لم يستطع اخراجها صاحبها جرفتها السيول
منزل منهار تظهر فيه ممتلكات لم يستطع اخراجها صاحبها جرفتها السيول
أسر متضررة تسكن في سيئون

في مشهد إنساني امتزج بمستوى التكافل والإخوة بين الناس الذين أصابهم الضرر وفقدوا كل شيء إلا الإيمان بالله فإنهم وجدوا وبقدرة الله من يحتضنهم من أهل الخير ويواسيهم قبل أربعة أيام كانت مؤسسة وادي حضرموت الخيرية تستقبل عددا من الأسر من متضرري السيول بالمناطق الشرقية من الوادي وإسكانهم في شقق جهزت بكامل المستلزمات، قدموا في حافلات من مديرية تريم إلى حيث سكنهم الجديد في سيئون، وبالطبع هو مؤقت.

«الأيام» سألت الشيخ سعيد بن جعفر بن طالب الكثيري رئيس مؤسسة وادي حضرموت الخيرية حول خطوتهم في هذا المسار الخيري فقال: «نشكر صحيفة «الأيام» على جهودها المباركة في تغطية الحملات الإغاثية، سائلين الله لها التوفيق والسداد، بدأنا ولله الحمد في تنفيذ مشروع التسكين العاجل للمتضررين من آثار السيول باستئجار مساكن للأسر التي تهدمت بيوتهم كليا مع القيام بتأثيتها بالأثاث اللازم والضروري وبحسب الحاجة، ثم نقوم بتسكينهم فيها، ولأن المشروع كبير ويحتاج إلى جهود كبيرة، قمنا بتنزيله على شكل أسهم، قيمة السهم الواحد عشرة آلاف ريال يمني، بحيث يشارك فيه أكبر عدد ممكن من التجار والمواطنين وكافة المحسنين، وقد أتي هذا المشروع ثماره، فقد استطعنا بفضل الله تسكين 25 أسرة متضررة كمرحلة أولى للمشروع عدد أفرادها 174 شخصا، منها 11 أسرة تم تسكينها في تريم و14 أسرة في سيئون، حيث استأجرنا ثلاث عمائر لهذا الغرض وقمنا بتأثيثها بالأثاث اللازم كالفرش والثلاجة والفرن والأواني المنزلية، واستقبلوا في سيئون بكل محبة وترحاب». وأضاف الشيخ سعيد بن جعفر الكثيري: «البعض قد يتساءل لماذا لايبنى لهم بيوتا وسكنا بدلا من هذا التسكين المؤقت؟، والجواب هو أن هذا المشروع وهذا البناء يحتاج إلى إمكانات كبيرة وأموال طائلة، وهذا مالانستطيعه ونقدر عليه، وإنما نأمل من حكومتنا القيام به، ولأن الدولة كي تتمكن من بناء مثل هذا المشروع تحتاج إلى وقت لايقل عن سنة كاملة، لذلك ارتأينا أن نقوم بمشروع التسكين، لأنه لايرضي أحد أن تبقى الأسر في المدارس والخيام، لذلك كان مشروعنا بفكرة التسكين العاجل، وعبر هذه الصحيفة المباركة نناشد كافة المحسنين والمتصدقين في الداخل والخارج إلى المساهمة معنا في هذا المشروع بقدر الاستطاعة».

قيادة المؤسسة والاهالي في سيئون يستقبلون المتضررين
قيادة المؤسسة والاهالي في سيئون يستقبلون المتضررين
ودعا الشيخ الكثيري رئيس مؤسسة وادي حضرموت قائلا: «إخوانكم المتضررين في أمس الحاجة إلى بيوت أو حتى غرف تأويهم، خاصة مع موجة البرد القارس، ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة».

ومن خلال متابعات «الأيام» عن نشاط هذه المؤسسة الخيرية التي هي وليدة فقد تأسست في 2007/2/20 أي منذ نحو سنتين فقط فإنها قدمت في الإغاثة الكثير، ففي جانب الإغاثات والمعونات لمتضرري السيول بوادي حضرموت استطاعت مؤسسة وادي حضرموت الخيرية بوادي حضرموت تقديم كميات من المواد الغذائية 24.5 طن من الأرز والدقيق والزيوت والتمور، وكذا بطانيات وفرش عدد 5473 قطعة و136 خيمة ومبالغ نقدية وزعت للأسر بلغت إجمالها 17.938.000 مليون ريال يمني، ووزعت هذه الإغاثات والمعونات في ساه وتريم وعدم والسوم والقطن، واستفادت منها في هذه المناطق 1107 أسرة بإجمالي مستفيدين من الأفراد 8084 فردا، وهكذا فإن شفافية العمل لدى الهيئات والجمعيات واضحة لذلك نواصل أبرز أنشطة الإغاثة لتلك الجمعيات.

ومن غرب وادي حضرموت عملت أيضا مؤسسة روافد الاجتماعية الخيرية التي مدت نشاطها أيضا إلى شرق وادي حضرموت، وقال الشيخ سيف على جابر رئيس مؤسسة روافد:«إن مناطق نشاط المؤسسة الإغاثي عقب وقوع الأضرار والكارثة شمل دار الراكن وحصن آل أحمد وساحة آل علي الحاج، المرقدة، ثبي، هينن، بحران، وعملنا على تفعيل المركز الصحي بالعقاد في الفترة المسائية بالتنسيق مع مكتب الصحة والسكان بمديرية القطن».

وتشير كشوفات مؤسسة روافد حول ما قدمته تمثل في الآتي: توفير مياه صحية للشرب إسعافية عشر وايتات ورعاية صحية كمخيمات متنقلة استفاد منها 500 شخص وسلة غذائية ومتنوعة وزعت على 370 أسرة وكذا كسوة 497 قطعة متنوعة، ووزعت 1150 بطانية، كما استفاد خلال فترة الحملة من التغذية الجاهزة نحو 14250 فردا خلال الأيام الأولى اللاحقة للكارثة. وقال رئيس مؤسسة روافد: «نشكر «الأيام» لتغطيتها الإعلامية وتغطياتها لعمل المؤسسات والجهات الخيرية».

هذه صور من بقاع مختلفة بوادي حضرموت، سكان حضرموت عند الشدائد يمنحون الأمل والثقة بأن الأخوة والتكافل والتآزر عند المصائب هو عنوان الجمعيات والمؤسسات ورجال الخير والمحسنين، فالتعامل رغم الظروف كان أروع مثال للإنسانية وللمبادئ والقيم الدينية لأهل المنطقة، فالكل من شرق الوادي إلى غربه أثبتوا أنهم دائما قمة في الاستجابة لنداءات واستغاثة إخوانهم وقمة في التكافل.. هذه ليست شهادتنا في «الأيام» تجاه الجمعيات والمؤسسات ورجال الخير فحسب، بل شهادة مسئولين دوليين وعرب قالوا لنا إن هذا المجتمع متكافل ويواجه صدمات الكارثة بصبر.