شكوى الكتاب

> «الأيام» بشرى أحمد حيدرة باعوين:

> كان اجتماعاً غريباً ذلك الذي شاهدته ليلة البارحة، كانوا أربعة في ركن منعزل في المكتبة يتهامسون بكلام لم أفهمه، اقتربت قليلاً لأفهم ما يدور بينهم - مع أن استراق السمع ليس من خصالي - لأن شكلهم كان يدعو إلى الريبة والفضول، ورأيت بينهم فتاة صغيرة كانت تبكي بحرقة، كانت قصة قصيرة صب أحد الأطفال عليها كوب شاي من غير قصد وتخشى أن تستبدلها إدارة المكتبة بأخرى جديدة.

كان كتاب الطبخ المحبوب يواسيها ويحاول أن يهدئ من روعها.. أثار الموقف قاموس اللغة الذي استشاط غضباً، وصفق بدفتيه حتى كادت حروف اللغة تتطاير غيظاً من على وجنتيه، فهو الآخر إلى جانب الإهمال الذي يعامل به يشكو من قلة الناس الذين يرجعون إليه بالمقارنة مع من يقرأون كتاب الطبخ، فهو يعتقد أنه أهم بكثير من كتب الطبخ.. قاطعة كتاب للتاريخ وقال والغصة والعبرة تخنقان أنفاسه: أما أنا فتركني الناس ولم يلتفتوا إلي ونسوا أنني أخبرهم كثيراً عن أجدادهم الذين سادوا الدنيا في يوم من الأيام ليأخذوا من مآثرهم ويقتدوا بهم، ولكن ما باليد حيلة فقد أصبح الكتاب آخر ما يفكر فيه الناس في هذه البلاد السعيدة.

استمر نقاشهم واستمر معه بكاء الصغيرة، أما أنا فتركتهم وانصرفت ونسيت حتى أن آخذ كتاب الطبخ معي وفي ذهني تساؤل.. هل أصبح الكتاب فعلا آخر ما نفكر فيه؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى