قضية على طاولة وزيري الداخلية والأشغال.. منعطفات الموت بين كرش والشريجة تحصد البشر في ظل صمت رسمي

> «الأيام» أنيس منصور

>
إحدى ضحايا المنعطفات
إحدى ضحايا المنعطفات
ارتفعت نسب حوادث المرور المروعة والمفزعة والمؤسفة على خط (عدن - تعز) بصورة غير معتادة شبه يومية وفي مواضع محددة تعد بالأصابع, التي تدعونا للتأمل والمعالجة، وهي المنعطفات والمنحدرات الواقعة بين مركز كرش وسوق الشريجة.

وتنوعت أشكال الحوادث بين دهس وتصادم وانقلابات واحتكاك بمشاهد مأساوية مقززة دامية، خصوصا عندما يكون الضحايا شبابا وعائلات وأطفالا, فيخرج الأطفال فزعين يبكون، وتنتزع جثث الأبوين وقد فارقا الحياة أو العكس أيام عيدي الأضحى والفطر عندما تتحول الأفراح إلى أحزان ودموع وصيحات.

وأصبحت الحوادث المرورية في مثل هذه المنعطفات أمرا معتادا.. وعليه نقف في التحقيق التالي وببساطة على بعض فصول آلام وفواجع الطريق (الشريجة- كرش) والبحث عن المعالجة في ظل ازدياد مسميات البشر الذين يتساقطون بصورة مفزعة.. فإلى التفاصيل:

الطريق ذات طابع سياسي قديم

أسئلة عفوية تثير انتباه كل سائق عابر على الطريق.. لماذا بالضبط تكون غالبية الحوادث في هذه المساحة بين (كرش والشريجة)؟!.. وتحدث سائقا سيارة (بيجوت) بين (عدن وتعز) وهما سعيد الشرعبي ومنصور عبادي قائلين: «صحيح نحن دائما نتفاجأ بحوادث في مثل هذه الأماكن المكونة من أربعة منعطفات حلزونية مائلة، وهي: (منعطف الحويمي والظبرة والكسارة والصريح)، وهي من أشد المنعطفات خطورة، وأيضا النفق الجبلي تتساقط منه صخور وأتربة في موسم الأمطار».. وعبر بعض السائقين القدماء وكبار السياسيين والعسكريين أن هذه الطريق تم إنشاؤها قديما أثناء التشطير وكانت أعمال الشق والسلفتة ذات طابع سياسي وتحمل مدلولات سياسية بين شمال وجنوب الوطن، حتى التصاميم كانت عسكرية وأمنية من خلال طبيعة المنعطفات الخطيرة مع وجود مساحات متسعة لتغيير وتحويل اتجاه السير والسلفتة.

ويضيف جميل السفيلي وسمير الحوشبي:«هذه المنعطفات من الخطورة بمكان تحولت إلى مقابر، وسقط فيها مئات الضحايا». ويرى سالم باجبري (سائق شاحنة) أنه لابد من مناشدة المتخصصين وأولهم وزيرا الأشغال والداخلية لضرورة المراجعة وإعادة شق وسفلتة الطريق بين (كرش والشريجة) بالتساوي على خط أسفلتي مستقيم وآمن، وفقا لتصميم هندسي.. ويصف السائق مقبل صالح حمود بأن «الطريق بحاجة إلى صيانة لوجود حفر وتصدعات، وتآكلت أجزاء من الأسفلت بفعل عوامل التعرية»، وقد حافظ العاقل عبد حمود العسقدي على الطريق، لكونه أحد المكلفين بمراقبة مكمن الخطورة التي تهدد الأسفلت والإبلاغ عنها، ناهيك عن مخاطر النيس التي علقت على الخط، ودعا بعض السائقين إلى تشكيل لجنة للاطلاع والرفع عن طبيعة الخط وارتفاع عدد الحوادث المرورية.

رجال المرور بين الرافعة وسيارة الإسعاف!!

يبذل رجال المرور في القبيطة ما في وسعهم وإدارة الرائد مصطفى عبدالقوي عماد ومسئول قسم الحوادث فاروق محمد هزاع وعلي علجة وجمال سالم الجعوف جهودا جبارة رغم قلة الإمكانيات البسيطة والصعوبات التي تقف لهم بالمرصاد، حيث يرابطون في كرش والشريجة، ويقومون بالتوعية المرورية، يتابعون حوادث الخط عن قرب، وعندما يأتيهم بلاغ عن حادث، فإنهم سرعان ما يهرعون إلى الموقع ليقوموا بأدوار تكاملية من إسعاف المصابين وتأمين السير وتخطيط وتصدير وتحرير الممتلكات وغيرها كثير من الواجبات.. وتحدث رجال المرور مرات عديدة لـ«الأيام» عن الصعوبات والمستلزمات المهمة والضرورية التي تؤخرهم وتعيقهم في أعمالهم مع ارتفاع الحوادث وبصورة مذهلة جدا، حتى الطلاء والكاميرات والوثائق لرصد ومتابعة تحقيقات الحوادث وكثير من الإجراءات المرورية لم يحصلوا عليها، ولديهم مكتب صغير وضيق في إدارة الأمن دائما ما يجد رجال المرور في كرش الشريجة عائقا في نقل المركبات إلى حوش المرور، ويتم استئجار سيارات خاصة بالنسبة للسيارات الخفيفة أما الشاحنات والمركبات الثقيلة فإنها تظل أياما في موقع الحادث تحت حراسة مرورية حتى تصل الروافع الكبيرة (ونش). ومن أهم الصعوبات هي الإجراءات الروتينية التي قام بها مكتب الصحة العامة بالمحافظة وقيامه بأخذ وسحب سيارة الإسعاف الخاصة بطورائ الخط بين عدن وتعز بحجة إصلاحها، لكنها لم تعد حتى اليوم.. ويقول علي علجة: «كانت سيارات الإسعاف تلعب دورا مهما بسرعة إسعاف مصابي الحوادث والوفيات إلى المستشفيات، وما نقوم به الآن هو اعتراض أية سيارة على الطريق للإسعاف وأحيانا نستخدم الطقم التابع لإدارة الأمن، ونجد بعض الأحيان إحراجات عندما ترفض السيارات على الطريق إسعاف المصابين».

ماذا بعد..؟!

هكذا تتوالى ويسقط أبناء آدم وحواء ضحايا في رصيف منهمر تنزف الدماء سيولا هنا وهناك على مزالق الخط الواصل بين كرش والشريجة، أرقام هائلة وإحصائيات مذهلة جدا بين وفيات وإصابات بليغة تحولت بعض منها إلى عاهات وإعاقات مستديمة.. هذه المنعطفات (الصريح - الكسارة- الحويمي- والظبرة)، فرقت بين الأحباب وطحنت الملايين وكبدت الشعب خسائر أضعاف خسائر الحروب، وأصبحت الطريق ذكريات للأحزان ومقبرة للشهداء تتخطف الناس وتصطادهم واحدا تلو الآخر تذيقهم المرارات، تلتقي ألوان الدم الحمراء مع طبقة الأسفلت سوداء على هيئة خليط من الزمهرير ومع كل ذلك تبقى الفاجعة أكبر من الوصف ومن يرى ليس كمن يسمع ويقرأ.. اللهم لطفك بالعباد.

ونحن على قدوم عيد الأضحى نضع تلك السطور قضية على طاولة وزيري الأشغال والداخلية للاطلاع والتخفيف والمعالجة حتى لا يطول زمن الصمت الرسمي، ويصبح الموت بين كرش والشريجة رخيصا جدا ومن دون مقدمات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى