شاعر مغربي مقيم في المهجر:زمن الكتابة عن المنفى قد ولى

> الرباط «الأيام» رويترز:

> يرى شاعر مغربي مقيم في المهجر أن زمن المنفى والكتابة عن الوطن بحمولة نفسية ووجدانية زائدة، زمن قد ولى لأنه «مرتبط بوضع انتفت شروطه وأسبابه» في ظل زمن الهواتف المحمولة والفضائيات والأنترنت.

وقال الشاعر المغربي المقيم ببلجيكا طه عدنان في حوار مع رويترز :«مفهوم المنفى في بعده الأسطوري المفعم بالحنين أصبح مفهوما تاريخيا في اعتقادي، لأنه مرتبط بزمن مضى ووضع انتفت شروطه وأسبابه».

وأضاف الشاعر لرويترز بمناسبة إصدار ديوان جديد (أكره الحب) عن دار النهضة ببيروت «قبل أزيد من عقد كان الحديث ممكنا عن المنفى لما كان على المنفي أن ينتظر طويلا قبل أن تصله جريدة تحمل من أخبار البلد ما سمحت به الرقابة».

وتساءل عن «أي منفى نتحدث اليوم في زمن الهواتف المحمولة والفضائيات والأنترنت؟».

ومن هنا يتحدث طه (38 عاما) عن «أدب إقامة» وليس «أدب مهجر» كما هو الشأن بالنسبة «للفترة المهجرية» في الأمريكيتين في بداية القرن العشرين.

وقال إن «الفترة المهجرية في الأمريكيتين قدمت حساسية فنية وقودها الغربة وزادها الحنين في فترة كان المهجرون القدامى يعيشون هجرتهم الأدبية فيما يشبه الترف».

وأضاف «كان يكفي أن يجمع المرء حقائبه ليعانق البلد الذي ارتضاه ملاذا، إلا ّ أن الزمن اليوم غير الزمن. فالهجرة الآن حلم» دونه خفر السواحل وأسماك القيعان. وواقع «يعج بالمشاكل التي أصبحت تعيشها جاليات أجنبية يشعر أبناؤها بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية».

ومن هنا اعتبر طه أن الأدب الذي ينتجه «هؤلاء المواطنون من أصل أجنبي يصعب اعتباره أدب هجرة. إنه بالأحرى «أدب إقامة» لأناس يقيمون فعلاً وبشكل دائم في بلاد لا يعتزمون مغادرتها لذا فهم يتفاعلون مع أوضاعهم حسب شروط كل منهم».

وأعطى مثلا بجيل من الأدباء المغاربة الشبان المقيمين بالخارج من بينهم محمد حمودان بفرنسا، وعبدالقادر بنعلي بهولندا وخديجة المرابط ببلجيكا «منهم من اختار الكتابة بلغة بلد الإقامة ومنهم من يبدو متشبثا بلغة الضاد مثلي».

وأضاف أن من بين هؤلاء «من لم يهاجر قط لأنه ولد في بلد الإقامة، وحتى من هاجر يوما فإنه يصبح مقيما بشكل دائم لأسباب ثقافية أواقتصادية أو اجتماعية..».

ومن هنا يعتبر طه وهو الأخ التوأم للشاعر المغربي المقيم بالمغرب ياسين عدنان أن «أدباء الإقامة» كما يفضل تسميتهم يتفاعلون مع واقعهم الجديد مؤسسين لنوع من «المواطنة الثقافية الحقة زادها الاحترام القائم على الاعتراف الكامل بحق الاختلاف». وليس التسامح لأن «التسامح يفترض ضمنيا ذنبا ما فالأصل العرقي والانتماء الديني أو المرجع الثقافي ليس جريمة تستدعي التسامح أو التساهل».

ويقول طه في قصيدته (أكره الحب) من ديوانه الجديد: لا أحب الرثاء لأنه محض مجالات متأخرة/ وملاطفات نلوكها بعد فوات الأوان/ وأكره المديح/ لأنه كذب فصيح/.

لا أحب الشعر القديم/لأنه يحتاج إلى كتب الشرح/ وكتائب الشراح/ وأكره النقد المعاصر/ لأنه عملة سهلة.

لا أحب الكره/ لأنه غالبا ما يكون مجانيا/ وبلا أسباب وجيهة/ وأكره الحب/لأنه مكلف للغاية.

ورغم إقامته في بلاد المهجر بقي وفيا للكتابة باللغة العربية لأنه يعتبر اللغة «ليست كتسريحة الشعر يجب تغييرها من وقت لآخر».

ونشر الشاعر العديد من القصائد والمقالات في صحف ومجلات مغربية وعربية، كما ينشط بشكل واسع في بلجيكا عن طريق تنظيم مواسم ثقافية وشعرية عربية.

وفاز بجائزة الشارقة للإبداع العربي بالإمارات سنة 2003 عن مجموعته (بهواء كالزجاج) وهي المجموعة التي أعادت وزارة الثقافة المغربية إصدارها في السنة نفسها تحت عنوان (ولي فيها عناكب أخرى) كما سبق أن ساهم في إصدار مجلة (الغارة الشعرية) بمراكش سنة 1994 إلى جانب شـعراء آخرين من بينهم أخوه التوأم ياسين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى