مصـارحـة حـــرة .. عيال مدريد

> «الأيام الرياضي» محمد العولقي:

> شأني شأن أي مدمن كروي لا يعتدل مزاجه إلا بمشاهدة فصول (الكلاسيكو) الأسباني، بين (حسيب) و(رقيب)، أقصد برشلونة وريال مدريد..فقد ضربت مساء السبت الماضي موعدا مع فناجين الشاي للإبقاء على طراوة العينين وطرد النعاس حتى مطلع الفجر.

والواقع أن الأطفال الرضع والشيوخ الركع حرضوني على تحمل تبعات السهر وأنا البدوي الذي مازال يحافظ على تقاليد النوم باكرا ولا تستهويه أضواء السهر الصاخبة.. المهم أنني ما إن أقترب من (بوفيه) الشباب حتى يحاصرني عشاق الفريقين بسؤال تقليدي مفاده: هل أنت (ريالي) وإلا (برشاوي)؟.. مع أنني - والله العظيم - برئ من تهمة الانتماء للفريقين براءة الذئب المسكين من دم سيدنا يوسف عليه السلام.

قبل بداية المباراة بساعات اشتعلت التوقعات وتكاثرت التخمينات..محبو (البرشا) يتغزلون في عقلة الأصبع ليونيل ميسي الذي يراوغ بسرعة (الليزر)..وعشاق (الريال) يراهنون على مدربهم الجديد (خواندي راموس)، وكلنا نعلم ما بين البارشا والريال من عداوة تصل إلى حد اللعب بالنار والبارود..مجانين (كاتالونيا) يطالبون بدرزن أهداف.. وعقال (مدريد) يعلمون أن دخول (جمل) الريال في خرم إبرة البارشا من المستحيلات الثلاث: الغول، والعنقاء، والخل الوفي.

ما إن بدأت المباراة بمد برشاوي وجزر مدريدي حتى صعقت لطريقة خواندي راموس، فقد كان لاعبوه (مناجلا) حادة وسامة، تبحث عن رجلي ميسي حتى أنني تصورت ما يحدث أمامي مجرد لقطات من فيلم (رعاة البقر) مطلوب فيه القبض على ميسي حيا أو ميتا..للوهلة الأولى اعتقدت أنني أمام انتر ميلان في زمن مدربه (هيلينيو هيريرا) الذي ابتدع طريقة (الكتاناتشو) الشهيرة، أي الدفاع الخانق الذي يصادر أناقة اللعب بالشوكة والسكين..لولا أنني عدت إلى أرض الواقع..فأنا لم أخطئ..جهازي ضبطته على (بلاس تو) المشفرة التي تعنى بـ (الليجا).

حقيقة لقد تخلى خواندي راموس عن لاتينيته التي يعشقها على طريقة«مجبر أخاك لابطل»..لقد سلح راموس لاعبيه بالحبال والنبال..وبالسهام والسيوف، فتحول لاعبوه إلى مقاتلين من العصور الوسطى، فقد حول فريقه إلى قلعة دفاعية، ووضح أن (الريال) جاء مرعوبا من رباعيات البارشا..فقط جاء ليخسر وليقلل من الخسارة، ولو أن راموس غامر قليلا وانتهج الأسلوب الهجومي المتوازن لما خسر ولما ظهر الاستغراب على محيا (درنثي) وهو يهدر فرصة لم يتصورها.

ربما تكون الظروف الصعبة قد تكالبت على الفريق الملكي الذي استمد روحه الهجومية من خطط الجنرال (فرانكو) وأجبرت راموس على الاستعانة بـ (عيال) مدريد في ظل غياب أكثر من ثمانية لاعبين..وقد تكون غاية المدريديين أنفسهم قد لعبت دورا في تبرير وسيلة الخطة الدفاعية الخانقة التي اعتنقها الريال لأول مرة طوال تاريخه..رغم كل هذه المبررات التي قد تبدو مقبولة على الورق، إلا أن راموس أخطأ لأنه قلد مشية (إنتر ميلان) في الستينيات، فوقع في نفس خطأ الغراب الذي حاول تقليد مشية الحمام فنسي في ما بعد مشيته!!..لست مقتنعا بأن خمسة شهور قضاها راموس في ضباب لندن مع (توتنهام) قد أنسته لاتينيته التي صنعت ربيع (إشبيلية).

ولا أعتقد أن راموس سيظل يجازف بعملية تكدس اللاعبين في منطقتهم، وأتصور أن الأمر أمام البرشا كان طارئا بحكم حسابات (الكلاسيكو) وروعة الإعصار الكاتالوني الذي لا يبقي ولا يذر هذه الأيام.

برشلونة هو الآخر انزعج للصرامة الريالية، وكاد أن يصل إلى حافة الإفلاس في غياب الحلول مع الإرهاب الجسدي الذي كان يستهدف مثلث برمودا (ميسي، هنري، إيتو) لكن انخفاض منسوب لياقة مدافعي الريال ساهمت في إحداث خلل ذهني استغله إيتو وميسي فكان النصر الصعب على (عيال) مدريد في غياب نخبة من ألمع محترفي الريال.

وياعقال الريال ومجانينه قبل أن تصبوا جام غضبكم على العبدلله تذكروا أنني لست درنثي ولا كنافارو..كما أنني ولله الحمد لا أشجع برشلونة، وإن كان ولابد من إفشاء أسراري فأنا من عشاق (ليفربول) الفريق الذي يسعدني دقائق ويتعسني ساعات.. إذا كان ولا بد من غضبكم فصبوه على خواندي راموس، لأنه باختصار أعادنا إلى زمن الجندي الدنماركي الذي ركله الجنود المنتصرون في ساحات القتال..كما أنني مازلت عند رأيي أن من واجه (البرشا) ليس (الريال) بل (عياله) وهنا يكمن الفارق يا أولي الألباب!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى