الذكرى الأولى لرحيل الإعلامي والناقد الفني عبدالقادر خضر (2008/12/11م).. عاشق الكلمة والنغم

> «الأيام» متابعات:

> عبدالقادر صاحب التجربة الإعلامية الرائدة الحافلة بالعطاءات والإنجازات الإبداعية المتميزة، في واقع الأمر لايمكن الحديث عن الأغنية اليمنية وعصرها الذهبي وما حققته من نجاحات (استثنائية باهرة) دون الخوض والإشارة للدور الاعلامي الهام الداعم والمساند الذي قام به ولعبه (الخضر) بتفوق واقتدار (منتصراً) مؤازراً للغناء الحديث في مدينة (عدن) منذ بدايات (التكوين والتأسيس) حاشداً مواهبه وإمكاناته وطاقاته الإبداعية الصحفية والإعلامية لخدمة ذلك المشروع الغنائي الموسيقي النهضوي التنويري المتطور والتجديدي على كافة الأطر والقنوات الإعلامية المتنوعة والمختلفة. في هذه التناولة سنتطرق لأهم الملامح والخصائص التي تميزت بها تجربة عبدالقادر خضر الإعلامية في (المجال الفني) على النحو الآتي:

أولاً:

كان الفقيد عبدالقادر خضر كتلة ملتهبة مشتعلة من الحيوية والنشاط (متقدة فاعلة ومؤثرة) في مسار حركة الغناء اليمني الحديث والمعاصر وواحداً من صناع الكلمة الهادفة المعبرة التي ساندت مراحل تطور وازدهار ورقي الأغنية العدنية بحب ووله وإخلاص من خلال مساعدتها ومتابعتها (بالتقييم الفني المسؤول والبناء) وتمكينها من التبلور والاستمرارية والتواصل إيماناً وقناعة مدعمة بفكر واع وإدراك يتكئ ويستند إلى (حدس إعلامي صحفي فني متفرد) سبق كل التكهنات والاحتمالات التي لازمت ولادة وظهور (الأغنية العدنية) ووقف بكل ما لديه من طاقات وإمكانات وملكات صحفية إعلامية (استثنائية) ضد التيارات التي حاولت محاربتها عبر بعض الأقلام المأجورة والأصوات المتعصبة النشاز التي وظفت لاغتيالها معنوياً وأدبياً وفنياً، وبالفعل استطاع القيام بذلك الدور الإيجابي الهام لخدمة ذلك (المشروع) حديث العهد في حينه بالمتابعة والمؤازرة والدفع به من خلال (الكتابات الفنية النقدية) الموجهة الجادة إلى فضاءات ومسارات (غنائية موسيقية) تجاوزت المساحات الكونية والحدود الجغرافية ليصبح (الغناء العدني الحديث) في يومنا هذا (حقيقة) جلية ساطعة مشرقة كوضوح الشمس في كبد السماء، فكُتب له الريادة والنجاح والتألق والثبات والشموخ وكسب (الرهان الحضاري الإنساني الإبداعي الفني لصالح مدينة عدن) التي رفدت عموم الوطن اليمني والجزيرة العربية والخليج بفنها الغنائي الموسيقي الحديث الرائد والمعاصر بعد حوارات مرهقة طويلة شاقة تشعبت وتداخلت تفاصيلها بشكل قصري مفتعل بالعديد من القضايا والملابسات السياسية، الاجتماعية، الجغرافية والتاريخية لايتسع المقام لذكرها في هذه العجالة والسياق، وثبت أخيراً بالمنهاج والدراسات الأكاديمية العلمية مشروعية وجدارة واستحقاق ذلك الكيان الإبداعي الفني التنويري الجديد المغاير والمتطور في أسلوبه وخصائصه ومذاقه، وبهويته (اليمنية) التي وشمت وبصمت أجمل وأعذب وأروع سماتها وملامحها في مسار الغناء اليمني القديم والمعاصر، وبطبيعة الحال صنفت تحت مفهوم ومسمى (الأغنية العدنية الحديثة) وكانت في حقيقة الأمر هذه (الإشكالية) أهم نقاط الالتقاء الفكري التي (جمعتني) بالراحل (الحبيب) عبدالقادر خضر (أبا مجد) مسألة العشق والانتماء والولاء لمدينة (عدن) الحب الخالد الأبدي.

ثانياً:

قضى جل عمره ومعظمه راهباً في محراب الثقافة والفنون صحفياً وناقداً ومعداً ومقدماً لأبرز وأهم البرامج التلفزيونية والإذاعية التي أرشفت ووثقت بالصوت والصورة، من خلال (السهرات الفنية المتنوعة) التي قدمها، أجمل وأروع وأنجح الأعمال الغنائية الموسيقية للفنانين اليمنيين على امتداد حقب زمنية متعاقبة شكلت الذائقة والوجدان والمزاج الفني العام في داخل وخارج الوطن. كان رحمه الله (القلم الذي عشق الفن والنغم).

ثالثاً:

تعتبر (مجلة الفنون/النجوم) من أوائل الإصدارات (المتخصصة فنياً) أدارها باقتدار بحنكته وخبرته الإعلامية الصحفية المتراكمة الطويلة واهتمت بتفاصيل ومجريات الحراك الفني وما يعتمل ويحدث في المشهد الإبداعي: الغناء/الشعر/القصة/المسرح/الدراما/ الرياضة/ الرقص الشعبي وغير ذلك من أنماط وأشكال الثقافة والفنون.

رابعاً:

قام بإبراز وإظهار وتبني ودعم العديد من المواهب والأصوات الشابة وكان يشكل همزة الوصل وجسر الالتقاء الفني الإبداعي بين نتاجات وعطاءات الفنانين الشباب والجماهير العريضة من خلال كتاباته وبرامجه وسهراته التلفزيونية إلى أن احتلت تلك الأصوات الشابة مكانة مرموقة في ساحة الغناء اليمني.

كلمة لابد منها:

دفع عبدالقادر خضر ثمناً باهظاً من حياته وصحته كإنسان ومبدع بعد أن طاله الإهمال والتغييب والتهميش بسبب مواقفه وقناعاته التي لا تقبل المساومة والخضوع بسياسة الأمر الواقع وعدم الحياد عن جادة الحق والصواب، فترك في زاوية مظلمة على الرف (خليك بالبيت) مع سبق الإصرار والترصد ليصبح فريسة وعرضة للاكتئاب والإحباط قبل أن يداهمه الموت، ذلك في واقعنا الراهن (عقاب) لمن تسول له نفسه من المبدعين الآخرين الذين لا يسمعون الكلام ولا يقومون بتنفيذ (سيناريو سياسة ثقافة المنتصر).

وللأسف الشديد نحن نعاني كثيراً مما يحدث نصرخ ونستغيث من تراكمات ذلك (الطوفان الجارف) بعد أن شمل بطغيانه ومفاسده كل مفاصل حياتنا على كافة الأصعدة والأطر والمستويات.

نسمع ونشاهد في كل لحظة العديد من الزملاء والأخوة في مختلف المجالات العلمية والمهنية الإبداعية ممن يعانون وتختنق أصواتهم بحناجرهم كمداً وقهراً وهم يدفعون ضريبة مواقفهم وقناعاتهم بابتعادهم عن الانحدار والسقوط في هاوية الابتذال والإسفاف التي أضحت تلازم مجتمعنا اليمني بشكل عام، نعم يدفعونها (ظلماً وبهتاناً) بمعاناتهم المؤلمة الموجعة وأسرهم التي لم ترتكب أي ذنب أو جريمة سوى أنهم يحملون شهادة ميلاد تؤكد ولادتهم في (مدينة عدن).

رحم لله فقيدنا عبدالقادر خضر ومبدعينا الذين يتساقطون تباعاً كأوراق الخريف، وإني لولا حقوق وواجب الصداقة والسنين التي جمعتنا لكنت فضلت وآثرت الصمت والسكوت في (زمن به الأحياء أموات!!!).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى