حكايات مأساة مدرسة تحولت إلى مأوى للأغنام!.. مدرسة الشهيد عباس الموحدة للبنات بالمسيمير في طريقها للاندثار!

> «الأيام» محمد مرشد عقابي:

>
لا لغلق الأبواب ..العلم للجميع
لا لغلق الأبواب ..العلم للجميع
مدرسة الشهيد عباس رضوان للتعليم الأساسي (بنات) بعاصمة مديرية المسيمير محافظة لحج تعد المدرسة النموذجية الأولى، التي تم بناؤها عقب الوحدة اليمنية، وفيها تعلم الكثير من الأجيال، وترعرعت وتخرجت من هذه المدرسة قوافل من الرجال الذين نجد البعض منهم اليوم يشغل المناصب العليا في أجهزة الدولة المختلفة.

وهذه المدرسة هي من تعلم فيها كاتب هذه السطور وتخرج منها قبل ثلاثة أعوام حين كانت مدرسة تضم الذكور والإناث، ويدرس فيها طلاب الثانوية العامة الذين كانوا يأتون إليها من مناطق المديرية الأخرى الذين لا تستوعبهم ثانوية الشهيد عباس، أو المدرسة التي يطلق عليها باللهجة المسيميرية بـ (المدرسة البيضاء)، واليوم وبعد عامين من تحويلها إلى مدرسة خاصة بالبنات من صف أول ابتدائي إلى الصف التاسع أصبحت المدرسة وكأنها أثراً بعد عين وأطلالاً من الماضي، على الرغم من حداثة إنشائها الذي لايتعدى الـ 14 عاماً، حيث تحولت المدرسة بقاعاتها الدراسية الـ 20 إلى مأوى للأغنام والطيور والزواحف، بعدما تناثرت بعض أحجارها ونوافذها، وأصابت جدرانها الملوحة وانخلعت أبواب سورها الخارجي، مما جعل منها وكأنها ساحة مستباحة للعابثين، ولذلك تولد في ضميري دافع الكتابة عن مدرستي التي أنجبتني ونهلت منها العلم والمعرفة، وصقلت فيّ الكثير من قيم ومبادئ الأخلاق والتربية، وغرست في نفسي حبها، فكيف لا أتألم وأنا أراها تحتضر؟!.

المدرسة من الخارج .. ومن الداخل عالم  آخر
المدرسة من الخارج .. ومن الداخل عالم آخر
موضوع الكتابة عن مدرسة الشهيد (عباس) الموحدة للبنات حالياً بالمسيمير يندرج تحت تراجيديا الأسى والألم المستوحاة من واقعها اليوم، فالمدرسة تعيش إهمالاً غير مسبوق منذ إنجازها وازداد الإهمال في الأعوام الأخيرة، فهذه المدرسة الواقعة في قلب مدينة المسيمير كانت إلى وقت قريب منبرا للإشعاع العلمي والمعرفي ومرجلاً ثقافياً وفكرياً ورياضياً، كل ذلك يعتبر بقايا لذكريات مستعجلة غير مستوفاة، اختزلتها في زيارة خاطفة لهذه المدرسة التي كانت يوماً ما تعد بيتي الثاني، عندما كنت طالباً فيها، ولكن اليوم تغيرت معالمها وتبدلت صورتها وخبا بريقها، ونهبت غالبية معدات صالاتها ومكتبتها، ودمرت الكثير من ملحقاتها، وهدمت معظم جدران فصولها الدراسية من الداخل، وتحطمت زجاجات نوافذها، وطال العبث والتكسير معظم المعدات والمستلزمات التعليمية الموجودة فيها مثل الكراسي والطاولات والسبورات والأدوات الكهربائية، واستبيحت حرمتها من قبل بعض المتنفذين الذين حولوا سورها وبابيه إلى أشلاء متطايرة ومتناثرة على الأرض، ومظهرها اليوم ينطق بسر معاناتها وفصيح أحزانها.

معزتنان تتجولان أثناء الفسحة
معزتنان تتجولان أثناء الفسحة
محتويات المدرسة ومرافقها تعرضت للسرقة والسطو قبل عامين، وما بقي منها تعرض للاستيلاء من قبل بعض المتنفذين، فتعرض صرح مدرسة الشهيد (عباس) للتعليم الأساسي (الموحدة) قبل عامين لاعتداء من قبل مجهولين، قاموا بالاستحواذ على أجهزة ثمينة ومعدات وأدوات مكتبية، بالإضافة إلى ما تعرضت له محتويات المدرسة ووسائلها التعليمية والتثقيفية والرياضية من نهب وسرقة وعبث من قبل الأيادي الخفية، في حين نجد المسؤولين في الجهات المختصة يغضون الطرف عن ما تتعرض له هذه المدرسة التي تمثل صرحاً تربوياً وتعليميا في المديرية، والمخزي في الأمر هو وقوف من توكل إليه مسؤولية هذه المدرسة مكتوف الأيدي، لا يتحرك إزاء أوضاعها المأساوية، بل أن البعض ممن يجب أن توجه أصابع الإتهام وإشارات اللوم عليه بحسب موقعه المسؤول عن هذا الصرح التعليمي يقف أمام هذه المآسي وكأنه مجرد من روح المسؤولية ومسلوب الإرادة، وكأنهم دمى لا تتحرك ولا تهتز مشاعر الذمة والمسؤولية عندها.. ولله في خلقه شؤون!.

مختبر..فصل..مقصف..لاندري!
مختبر..فصل..مقصف..لاندري!
معاناة مبنى المدرسة

مبنى مدرسة عباس الموحدة يبدو وكأنه في أيامه الأخيرة، ومن يشاهد هذا المبنى يراوده الشك بأن المبنى أصبح آيلا للسقوط ومهددا بالانهيار في أية لحظة فوق رؤوس قاطنيه من الطلاب.

وبحسب إفادة عدد من الطلاب فإن المبنى أصبح يشكل خطورة بالغة على حياة من يدرس فيه، من حيث ظهور عدد من التصدعات والتشققات في الجدران الداخلية والخارجية لفصول المدرسة، خصوصاً وأن التخريب والعبث قد طال كل شيء في الفصول والمرافق وملحقات المدرسة، ولم تلقَ المدرسة أية عناية أو اهتمام من قبل المسؤولين، ولم تحظَ منذ إنشائها بأية أعمال ترميم أو إصلاح، مما أعطى الفرصة لمن لا يملكون الضمير الحي بالاعتداء على المدرسة والعبث بمكوناتها، وهيأ الظروف أيضاً أمام الأغنام إلى تحويل الشعب والغرف الدراسية إلى مساكن لها تعيش وتطرح مخلفاتها فيها، وكذا الحشرات والزواحف والديدان والطيور الليلية المختلفة التي لا تجد مأوى تسكن فيه عدا الالتجاء في غرف هذا الصرح التعليمي المنهار.

نقص المعلمين مصيبة أخرى

كابوس آخر يهدد التعليم في هذه المدرسة، وهو نقص الكادر التعليمي والتربوي، ووصفت بعض طالبات المدرسة حال هذه المدرسة بالموت السريري، محملة مكتب التربية بالمديرية والمجلس المحلي المسؤولية الكاملة عن أية كارثة قد تحدث لهن في حياتهن ومستقبلهن، ومطالبات مكتب التربية بسرعة معالجة هذا الإهمال والاختلالات وتغطية النقص في المعلمين وإنقاذ المدرسة مما هي عليه وترميمها.

مستودع نموذجي لمدرسة نموذجية!
مستودع نموذجي لمدرسة نموذجية!
آهات أولياء الأمور ومطالبهم الموضوعة على طاولة المحافظ

العديد من الأهالي والآباء وأولياء أمور طالبات المدرسة أبدوا تذمرهم وسخطهم من الحالة المزرية والأوضاع التي تعاني منها المدرسة التي يرثى لها، خوفا على فلذات أكبادهم من المصير المجهول الذي يكتنف مستقبل بناتهم وأبناءهم في هذه المدرسة المهملة، مطالبين الأخ محسن النقيب محافظ المحافظة بالنظر بعين المسؤولية والرحمة تجاه بناتهم الطالبات اللآتي يدرسن في فصول مدرسة مهددة بالانهيار.. ودعا أولياء أمور طالبات المدرسة محافظ المحافظة إلى الإسراع في تأهيل المدرسة وإعادتها إلى سابق عهدها، معتبرين شخص المحافظ هو من يستطيع وضع حد نهائي لمسلسل هذه المهزلة الحزينة التي يتعرض لها هذا الصرح التعليمي، والتي إن استمرت قد تؤدي إلى اندثاره قريباً، بعد أن كان مصدرا لتفريخ عدد من قادة العلم والمثقفين وحاملي قناديل المعرفة في المديرية، والذين ترك بعضهم بصمات خالدة لاتزال محفورة لدى غالبية أبناء الحواشب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى