> صارت المبادرات «الإنسانية» نادرة في حياتنا الرياضية، والمواقف المشرفة غدت كعشم (إبليس) في دخول الجنة!..وهذا هو التفسير المنطقي للاهتمام والتفاعل الذي حظيت به مبادرة دار «الأيام» في تكريم كوكبة من نجوم كرة القدم في عدن أيام عصرها الذهبي في حقبة الخمسينيات والستينيات.

أكثر من خمسين نجما من نجوم ذلك الزمن الجميل الذي لا يبرح الذاكرة كرمتهم «الأيام» عشية احتفالاتنا وأفراحنا بذكرى عيد الاستقلال الوطني.. وإحاطتهم بمشاعر المحبة ودفء الاهتمام ، وتسليط الأضواء الإعلامية عليهم.. فظهروا وكأنهم ولدوا من جديد .. معنوياتهم ارتفعت وروحهم استعادت تلألؤها.. وابتساماتهم أشرقت عند التصوير ومواجهة فلاشات الكاميرات.

بعض هؤلاء النجوم بلغوا من العمر عتيا ، والبعض الآخر حاصرته المعاناة وصاحبهم العوز، والبعض الثالث إحدودبت ظهورهم وضمرت ملامحهم من شدة المرض وضرر السنين ، لكنهم في ذلك اليوم المميز .. يوم التكريم .. شعروا أن الدنيا ما تزال بألف خير .. والوفاء لم يمت بعد .. وأن الناس الطيبين موجودون لم تخل الساحة من أحاسيسهم الجميلة ومواقفهم الإنسانية النبيلة.

وكان الشيخ أحمد صالح العيسي كما تعودنا منه رجل المواقف والشهامة والجود والعطاء الإنساني الفياض فقد اهتم ببطولة كأس الاستقلال وبارك مبادرة «الأيام» وناشريها الأستاذين القديرين هشام وتمام باشراحيل ، وكان أول المساهمين في المشروع الوفي لتكريم نخبة من نجوم العصر الذهبي للكرة اليمنية،ولم يكتف الأخ أحمد بتكريم كوكبة النجوم الذين اختارتهم لجنة التحديد والاختيار وإنما امتد بكرمه إلى ما هو أبعد وأعمق فلقد اعتمد معاشا شهريا قدره (20) ألف ريال لعشرة لاعبين من جيل القدامى، يعتبرون الأكثر معاناة، والأشد فقراً، والأصعب ظروفاً، ونال بذلك وافر التقدير والاحترام.

طبعا هنالك لاعبون آخرون في المحافظات الأخرى يعانون من نفس العوز والمعاناة والظروف الصعبة.. وهؤلاء أيضا من حقهم أن يطالهم الاهتمام والرعاية والدعم، لكن الأمر يحتاج كما قال الشيخ أحمد صالح العيسي إلى مساهمة العديد من الجهات والأطراف المعنية بالموضوع.

ولعل الرجل يقصد بهذه الجهات وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية اليمنية وصندوق الرعاية والدعم ومختلف اتحادات الألعاب وفي مقدمتها طبعا اتحاد كرة القدم.. أي أن الموضوع سيتوسع وينتقل من (الخاص) إلى (العام) ومن محافظة عدن إلى الإطار المركزي..وعلى الدوام هناك أحداث (عادية) تمر مرور الكرام على الناس والمراقبين وعموم البشر..وبالمقابل هنالك أحداث (كبيرة) مرتفعة القيمة والتأثير يدونها التاريخ بأحرف من ذهب وكلمات من فضة!،ومما لا شك فيه أن مبادرة «الأيام» لتكريم كوكبة من نجوم العصر الذهبي الماضي للكرة اليمنية تندرج ضمن الأحداث الكبيرة التي تعانق قيمتها هام السحاب ويسجلها التاريخ بأحرفه الذهبية وكلماته الفضية وسطوره الساطعة.

وهي من جانب آخر دعوة صريحة لبقية المؤسسات الصحفية والشركات الوطنية والجهات الرياضية المسئولة عن الرياضة والرياضيين من أجل أن تدخل المنافسة، وتقوم بمبادرات (تكريمية) مماثلة يستفيد منها المئات من اللاعبين القدامى المنتشرين في مختلف محافظات الجمهورية.. ولست هنا متفقاً مع ما يطرحه البعض من أن دار «الأيام» بتكريمها المستحدث ، قد انحازت لنجوم الكرة القدامى في عدن على حساب بقية النجوم واللاعبين في المحافظات الأخرى..كل ما في الأمر أن المبادرة بحد ذاتها جديدة وحديثة وكل جديد يظل في مسيس الحاجة إلى المزيد من التقييم والتنوير والتطوير، وبالتالي فإن مسألة إرضاء كل النجوم اليمنيين في هذا التكريم ومن أول تجربة تبدو وكأنها (غاية لا تدرك)..وكما يقولون (الجايات أكثر وأحلى من الرايحات) وما أكثر الأفراح والاحتفالات و«التكريمات» في غمرة تطلع الإنسان وتفاؤله المستمر ونظرته الواثقة إلى الأمام.

إن تكريم نجوم الكرة اليمنية في (عدن) تشكل بداية لعمل مجيد ستتذكره الأيام الحالية واللاحقة بكل الاعتزاز، ويا لها من بداية رائعة جديرة بالتقدير، فشكراً للأستاذين هشام وتمام باشراحيل وشكرا للشيخ أحمد العيسي.. و«ألف مبارك» لكل نجوم الكرة (الذهبية)المبدعين الذين تلألأت في صدورهم، وتدلت من أعناقهم أوسمة الامتنان والاعتزاز والوفاء في يوم التكريم الأغر الذي وافق الأول من شهر ديسمبر 2008م وللجميع كل المحبة والأمنيات الطيبة وكل عام ونحن جميعاً بألف خير وأتم صحة وعافية بإذنه تعالى علماً بأن العام الجديد 2009م يطرق الأبواب ويستأذن للدخول..فأهلا وسهلا به.