امرأة وكفاح صون التاريخ بعدن

> «الأيام» لبنى الخطيب:

> د. أسمهان عقلان العلس أستاذة التاريخ و باحثة يمنية مهتمة بتوثيق وصون التاريخ والتراث اليمني، ولها إضافة سابقة للمكتبة اليمنية لعدة كتب توثيقية (مفاوضات استقلال جنوب اليمن).

(التجارة في معاهدات الصداقة والحماية ) و (أوضاع المرأة اليمنية في ظل الإدارة البريطانية لعدن 1937– 1967م ) موضوع رسالتها للدكتوراه وتحت الطبع كتابي (الحركة النسائية اليمنية دراسة تاريخية ) و بأقلام نسائية، وتعزيزا لنشاطها التوثيقي لصون التراث غير المادي فازت مؤخرا بجائزة جامعة عدن في دورتها السادسة لعامنا 2008م في مجال بحوث العلوم الإنسانية والاجتماعية الموسوم بعنوان ( الموروث الشفاهي والثقافي للمرأة مدينة ( عدن ) نموذجا ). أمضت د. أسمهان وقتا طويلا في البحث والتمحيص وجمع المعلومات وتنقيحها لإعداد دراستها مستندة فيها على الرواية الشفاهية باعتبارها منهجا عالميا حديثا لتوثيق التاريخ و التراث وهو ما أقرته منظمة ( اليونسكو) العالمية في اتفاقية (صون التراث الثقافي غير المادي) و الموقعة في باريس في الثالث من نوفمبر 2003م. فدراستها (للموروث الشفاهي الثقافي للمرأة في مدينة ( عدن ) أنموذجاً)استندت على معلومات جمعتها من أحاديث وروايات شفاهية لمن عاصروا مظاهر ذلك الموروث من نساء ورجال من تجاوزت أعمارهم السبعينات والثمانينات لتسجيلهم أدق التفاصيل لتلك المظاهر وما تختزنه ذاكرتهم، وحرصت الباحثة للدقة في التوثيق ببحثها على نماذج غنية و شيقة بالمتعة والمعلومة لموروث المرأة الثقافي ،إن استخدامها للأسلوب السلسل والممتع ومستشهدة فيه بنماذجه الشيقة ستجذب أجيالنا الجديدة لقراءته والتعرف على مظاهر موروث ثقافي اندثرت و بعضه مازال يمارس حتى الآن ، والبحث يجدد وينعش أيضا ذاكرة من عاصروا للمظاهر التي عرفت آنذاك في عدن . هناك بعض المظاهر لم تعد يعمل بها نتيجة للوعي الذاتي لأفرد المجتمع أو لزحمة الحياة ومؤثرات العولمة المكتسحة عالمنا بقوة، وللتطبع والتأثر بما حولنا من مظاهر للمدنية والحداثة من ناحية وتأثير الإعلام والقنوات الفضائية . اهتمت الباحثة في صون الموروث الشفاهي الثقافي للمرأة في ( عدن ) في خاصية لعدد من الأغاني والأمثال التي قالتها المرأة أو التي قيلت عنها ، ومظاهر العادات والتقاليد الاجتماعية من مراسيم ( احتفالات الزواج ، استقبال المواليد ،العزاء ) والتدواي بالطب الشعبي، و لخاصية الملابس وأدوات التجميل والزينة التي تميزت بها المرأة العدنية ، وحرصها لزيارات أولياء الله الصالحين ( الهاشمي ، العيدروس وآخرين ) لاعتقادها السائد آنذاك بطلب البركة والتوفيق في الأمور الشخصية، وبالإضافة لمزاولتها حرفا شعبية يدوية للتسلية وقضاء الوقت أو لتحقيق مكسب مادي لأجل تحسين وضعها المادي والمعيشي عن طريق الاكتساب الحلال.

و الدراسة أكدت على أهمية دور المرأة في الاقتصاد الأسري لممارستها للحرف اليدوية في المنزل آنذاك ومنها ( الخياطة والتطريز ، عمل أدوات الزينة من بخور وعطور ، وخياطة الملابس وحياكة كوافي الرجال) بالإضافة لعدد من الحرف الأخرى ولعبت فيها المرأة دورا كبيرا كمحرك اقتصادي أساسي في الأسرة والمجتمع، وتهدف الدراسة لاستثمار طاقات المرأة في العمل بالاقتصاد المنزلي في وقتنا الحالي عن طريق تقديم الدعم المالي أو أدوات العمل لمن لا تملك رأس مال و لديها الموهبة أو الرغبة بذلك لتفعيلها في المجتمع وتحسين مستواها الاقتصادي والمعيشي .

ألف مبروك للأستاذة أسمهان عقلان الفوز بالجائزة ، فنجاحها هو نجاح لكل من يهمه الحفاظ وصون التاريخ والتراث اليمني والبحث العلمي، فمزيدا من التألق والإبداع بدراسات وبحوث أخرى لإثراء المكتبة اليمنية بكل جديد ومتأصل في حياتنا، و ليشكل دفعة قوية للآخريين للمساهمة في الإسراع لتوثيق مالم يوثق بعد عن تاريخنا و تراثنا المادي وغير المادي، ومبروك أيضا للأساتذة الأجلاء الذين نالوا جوائز جامعة عدن في دورتها السادسة في المجالات الأخرى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى