النمط الأوسط .. سادة الصلح وبقية السيف..

> «الأيام» عرض/رئيس قسم الأرشيف الصحفي:

> سلك المؤلف الداعية السيد أبو بكر العدني ابن علي المشهور، بتوفيق من الله، في وضعه هذا الكتاب مسلكا حسنا في كتابه (النمط الأوسط.. سادة الصلح وبقية السيف)، طارحا شرحه بمنهجية واعتدال ومصححا للأقوال المختلفة والآراء المتباينة منها والخاطئة، راغبا في جمع الصالحين من المسلمين في طريق واحد لتتحد أفكارهم.

احتوى الكتاب على كل ما يهم المسلم الصالح، ويقع في 251 صفحة، مقسمة إلى عدة عناوين مختلفة، شملت بدايته الأولى المطلع القرآني، والمطلع الأبوي، وشاهد الحال، والموقف الذاتي من الأحداث، والإهداء.

لمؤلفه خادم السلف/ أبي بكر العدني ابن المشهور:

أراد الداعية السيد المشهور تبسيط كتابه بإيضاح فصوله المتعددة.

وتناول تعريفه لـ (النمط الأوسط) هم الأئمة والعلماء الإثبات من آل البيت والصحابة العدول والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ممن اتصلت أسانيدهم الشرعية إلى رسول الله منهجا وأخلاقا، مندرجة تحت معنى الحديث (يحمل هذا الدين من كل خلف عدوله)، وعن (سادة الصلح) عرفهم بـ ( ذراري وأتباع الإمام الحسن السبط، الآخذين عنه منهج الصلح والسلام، الداعين إليه بشروطه.

كما عرف (بقية السيف) بأنهم ذراري الإمام الشهيد الحسين بن علي من ابنه الإمام علي زين العابدين، ومن سار على هديهم وتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.. وأيضا عرف الإفراط والتفريط المسيس بأنهم مجموعات العمل الفكري المسيس، الغالين في الأحكام، أو الجافين من شأنها، من كل الفئات، المنطلقين من ثائرة الحقد والانتقام والعداوة والثأر، أو الطاعنين في رجال الحصانة الشرعية، والقاسطين والناكثين والمارقين، ومن تبعهم إلى يوم الدين.

موضحا تصحيح المسيرة الإيمانية للأمة الإسلامية في عصرنا، ووجد ذاته ملتزما ما استطاعه في أن يفتح باب الكلام داخل أقبية الصامتين من أحبائنا وأشياع مدرستنا العالمية ليبيّن ما اعتقد أنه الحق، غير ملزم أحد بالاتباع أو الالتزام بما اعتقده حتى يتبين له الصدق ما اتجه له، فهو لا يدعو إلى منازعة ولا عقوق ولا مقاطعة، وإنما يدعو - ما استطاع - إلى طريق الاعتدال .

وهنا يضع الداعية السيد المشهور ما حل بمنتسبي آل البيت من محنة الاستتباع والانصياع لرؤيتين متعارضين: إفراط المحبين، وتفريط المبغضين.

وريقات بحثه حملت وجهة نظره المتواضعة تهم الراغبين في النجاة والسلامة فقط، أما غيرهم فلا، ولكنها من باب إقامة الحجة وللعلم والإحاطة لا غير، وواضعا ما استقصاه من مواقف السادة من آل البيت الطاهر، متجردا عن اندفاع المحبين وشطط المبغضين، ومشددا على مسألة التأمل الواعي لهذه المواقف.

وتضمن بحثه أهل الكساء رضي الله عنهم، وكذا الثلاثة الحلفاء وموقع فقهاء المغالطة.. شارحا نجاح الثقافة المتحولة في تحجيم موقع آل البيت وإقصائهم مع مؤسساتهم الأبوية التقليدية، ثم إدانة الثقافة الأبوية وتشويه حقائقها لتصبح شركا وكفرا وبدعة وضلالة، وليبرز بالضرورة ( فقهاء القصعة)، هم البديل المهيأ لنشر الثقافة المتحولة ( فقه المغالطة) التي هي ربيبة الدجل والتمويه وقلب الحقائق.

وقد أدت هذه المرحلة دورها الخدماتي بنجاح، ورضي الثلاثة الحلفاء كل الرضا عن الجهود المبذولة من فقهاء المغالطة وشيوخ المؤسسات وحملة القرار.

ويرى الباحث مهمة النظر إلى ثقافة التحول والتمول التي رافقت الحملة المشتركة من حملة القرار ومن فقهاء المغالطة لترويض شعوب الأمة بداية مرحلة الغثاء المسيس حتى مرحلتنا المعاصرة التي بدأها (الثلاثة الحلفاء) ليعيدوا ترتيب الأوراق لخوض معركة أخرى ومن نفس النموذج المتآمر، ولكن بلغة ووسائل توجيه معنوية أكثر أثرا وأشدا خطرا.. إنها مسألة المظلومين من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وعن المدارس الأبوية ومرحلة الغثاء المسيس استطرد الداعية السيد المشهور كيف كانت في بلاد المسلمين قبيل مرحلة الغثاء المسيس، واعتناءها الدراسة الخاصة بفقه مراتب السلوك المؤدي إلى الصديقية الكبرى، ولكنها ضعفت بعد ذلك وجفت منابعها بفعل مزاحة الثقافة المتحولة ليحل محلها البديل الغثائي المسيس.

وتحدث الداعية السيد المشهور حول أن من الواجب معرفة فقه الترقي في مراتب الإسلام والإيمان والإحسان والعمل على تجفيف منابع هذه الثقافة الأبوية بالثقافة المتحولة، مع ضرورة دراسة (صلح الإمام الحسن) كمنهج، مع عدم إلزام أحد بثقافة بقية السيف وسادة الصلح.. وطرح الداعية في معرض حديثه السؤال الآتي: هل لدى آل البيت المعاصرين حل يلوحون به في مرحلة العولمة؟.. وواصل حديثه حول ضرورة قراءة بقية السيف لصلح الإمام الحسن والخروج من الانتقام الوهمي، وأين موقف الجميع من قراءة علامات الساعة وفقهها؟.. ومؤكدا أن مدرسة حضرموت هي جزء من بقية السيف، وموقفها من مدارس الإفراط.

عرف المؤلف منهج النمط الأوسط عند كافة المذاهب الإسلامية المنتمية بأن هذا النمط من حيث منطلقه السياسي يستند بسند علمي وشرعي واحد، منبثق من مشكاة واحدة، متناولا مقولات أئمة النمط الأوسط أمام الأحداث والتحولات عن صحابة رسول الله صلى لله عليه وسلم، كما أشار إلى الفرق بين مقولات النمط الأوسط وإقماع الفتن.

وإزاء توضيح فقه القرار وموقعه من التحريش والسلامة بين المؤلف من منظوره السياسي المسيس مستندا إلى ما أعطاه الإسلام من موقع مهم في حياة الشعوب وسلامة استقرارها وجعله قراري حكم «الخلافة والشورى» وقرار العلم «النبوة والتزكية»، وأوجه الاختلاف بين المسلمين حول امتلاك القرار وتحولهم إلى فرق وجماعات وأفكار ورؤى ومدارس ذات تيارات سياسية.

كما أوصى بضرورة القراءة الواعية لمواقف رجال النمط الأوسط، باعتبارها جزء لا يتجزأ من قراءة (أدب النبوة).

واستطرد الحديث عن ظاهرة الانسلاخ عن النمط الأوسط لدى الأتباع وعوامله.

ووضع المؤلف سؤالا مهما حول «هل سلمت مدرسة النمط الأوسط من الجنوح إلى الإفراط والتفريط..؟».

وتطرق بالشرح إلى المساهمة في رفع حجب الشك المحيطة بالنمط الأوسط.

كما وجه سؤالا آخر «هل يعادي أهل النمط الأوسط أحد في المراحل؟».

وأفرد المؤلف حيزا في بحثه (الركن الرابع من أركان الدين وعلاقته بمنهج النمط الأوسط)، مستدلا بمواقف أئمة النمط الأوسط من قراءة الركن الرابع، وكذا موقف الإمام علي رضي الله عنه من السيدة عائشة، وكذلك المحافظة على دماء الشعوب مهمة وضرورية لدى النمط الأوسط.

يشخص المؤلف المناهج الأبوية والمواقف المأخوذة عليها، مبينا موقع المدرسة الأبوية بأسسها الثلاثة (المذهبية والصوفية وآل البيت) مطلقا عليها مسميات (النمط الأوسط) و(بقية السيف) و(سادة الصلح ) و( مدرسة الزّهد ) بتسلسلها السندي والعلمي والتاريخي بالأصول الأولى في حياة الأمة الإسلامية.

معززا ما شمل من المناهج الأبوية في عهد «الغثائية» عهد سمّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم.. مركّزاَ بلسان النبوة وأخلاقها المحمدية على قراءة الأصلين الشريفين (الكتاب والسنة).

وبين السيد المشهور مفهومه للمناهج الأبوية من حيث موقع الناظرين من آل البيت من نظرة العرق والطبقية والذوات أو من نظرة التحولات، ومشاركة البعض منهم في هذه المنطلقات المسيسة إنما يعيدون الرؤية الإبليسية، لأنهم لا يستطيعون أن يشهدوا خصوصية التوجه الشرعي في مدارسهم ومناهجهم إلى الخير وأهله، فيرون الخير شرا، وأن أهل الشر هم أهل الخير والعكس كذلك.

موضحا أن الأصل الرابع من أصول الديانة قد أثبت شمول الغفلة والعماية في المراحل المتحولة يثبت شمول العماية في المراحل المتحولة.

وتناول مدرسة النفاق في المدينة وأثرها من كل جهاتها، موكدا أن هناك من يفهم الأمور مغلوطة ويفسر العبارات تفسيرا يتلاءم مع توجهاته وأفكاره الدائرة في ذات الفلك المسيس.

وكذا الغلو والجفاء من طرفي الإفراط والتفريط وموقعهما من الضلالة في كافة المراحل بسبب الاصطدام والحروب والفتن والاشتغال المفضي إلى الدمار وزعزعة الاستقرار وبلوغهما موقع القرار في «الحكم والعلم» من دون الاعتراف بالآخر، وعدم اعترافهما بالنمط الأوسط.

موضحا أن المنهج الإسلامي المنطوي تحت شعار (الأبوية ونمطها الأوسط) يدعو إلى تصحيح ركام الإفك المقنّن والإفك المصنّع الذي جعله المغرضون المسثتمرون هدفا لإنجاح مشروع التكفير للمسلمين عند قوم، واللعن والإدانة للصحابة الأولين عند آخرين.

واعتبر المؤلف أن خدمة المال الحرام قاسم مشترك بين المصلين تحقيقا لما قاله صلى الله عليه وسلم : «سيأتي على الناس زمان ما من بيت إلا ودخله الربا، ومن لم يدخل إليه دخل إليه غباره»، كما في السياسة هو السائد بين المتنازعين في بعض الأنظمة والدول العربية والإسلامية وقتنا المعاصر، معتبرا السياسة تتخذ لنفسها متجها معينا كالديمقراطية بصرف النظر عن سلامة المتجه أو عدم سلامته من الوجهة الشرعية.

متسائلاً بتأمل عن الأسباب والخطورة من الصراع وما وصل إليه المصلون من خلال مشاهدتهم بعض المناظرات المعاصرة بين الصوفيين والسلفيين عبر شاشة التلفاز.

يشخص السيد المشهور ضرورة العودة إلى إيجابيات آل البيت (الأبوية)، واصفا الخلل في الواقع قائلا: «حيثما كان الخلل في ضوابط الانتماء وشروط الولاء لدى حامل القرار سرى الخلل إلى الواقع ومن فيه، ونخر الفساد والإفساد رعاياه، ويكاد التسلسل الانتمائي للأسرة والقبيلة والمذهب والفكرة والدولة مسيطرا على كافة شؤون الحياة الإنسانية والإسلامية، وربما صار مسؤولا كل المسؤولية عن ظواهر السلوك وثمرات العلاقة بين الشعوب، كما هو ملاحظ ومشاهد.. ومتسائلا أيضا ما هو الضابط الشرعي العام للانتماء والولاء؟، مجيبا: إنه التدين المشروع، فمن لا دين له على الوجه السليم لا انتماء له على الوجه السليم، ومن انحرف تدينه انحرف ولاؤه وانتماؤه.

معتبرا الالتزام الشرعي ضرورة خاصة للسلامة في الدارين لدى الفرد المسلم لا يتخلى عنه في كافة أحواله، ولكن الشيطان يستفيد من مواقفه ضد خصمه ومنافسه وتوجيه طموحاته ورغباته حتى يوقعه في برنامجه العالمي للتحريش، فيصير بذلك عضوا ملتزما للشيطان في المواقف مع الغير، وملتزما للرحمن في عباداته وبعض توجهاته ومفاهيمه الخاصة به.

وفيما يتعلق بالضوابط والقيم يتساءل المؤلف هل يعقل أن تكون القيم والآداب والضوابط منبوذة عند الإنسان وهي من عند خالقه ورازقه ومكونه؟

ذكر المؤلف حملة أمانة القرآن بأن مهمتهم في العالم ثقيلة ثقل القرآن ذاته، وعليهم مسؤوليات في تطبيقه والعمل به أكثر من مسؤولية حفظه على الألسن وطبعه على المصاحف، ولأنه الحجة الدامغة على الأمم السالفة، فلا مجال لعلو فكر ذاتي أو نهج شرقي أو غربي عليه، وعلى أتباعه الصادقين سواء في مسألة الديانة والتدين أو في مسائل العلوم الخاصة بالاقتصاد والسياسة والاجتماع والتربية والتعليم والإعلام وتأسيس ثوابت الحضارة.

وحمل المؤلف المسلمون - قادة وعلماء - تفريطهم بالقرآن الكريم قائلا: «فرطنا في كل شيء جاء به القرآن، وضعفت قوابلنا وقلوبنا أن نصمد بها أمام زوبعات الإعلام والأزلام والأقلام والأفلام وبهرجة الدجاجلة، فاستغنينا عن القرآن في كافة شؤون الحياة المادية، وحاصرناه في الشؤون التعبدية والعقائدية على صفة من صفات التزاحم والتحدي بيننا داخل خيمة الديانة والتدين».

وتحدث الباحث الداعية السيد المشهور عن نكبة عالمنا المعاصر، وكذا قراءات الشيطان المستجدة لطمس الأبوة وحامليها.

وتناول المؤلف في بحثه مهمة آل البيت وبقية السيف وسادة الصلح الواعي وسفن النجاة والثقل الأصغر ومن تبعهم بإحسان وإقامة الدليل على فساد الأقاويل المتبادلة بين أهل الأباطيل.. وأدان المتحذلقين من سائر المجموعات الذين يدافعون عن القتلة والفجرة والظلمة، معتبرا ظلمهم لآل البيت قديما وحديثا مسألة قد تجاوزت حدها ولم تعد مثمرة البيان ولا الاستبيان!.

كما تطرق السيد المشهور في بحثه إلى العلاقة بين الإمام علي رضي الله عنه وأبي بكر الصديق رضي الله عنه.

كما سلط السيد المشهور أمانة آل البيت كأمناء على النصوص ومواقفهم وأمانتهم حفظ الإسلام على عهد الخلافة الراشدة جميعها، وعرج على مفهوم الفئتين العظيمتين اللتين يصلح الله بينهما، ومواقف الخليفة الثانية مع الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه.. كما تحدث عن الخلفاء الراشدين.

اعتبرالمؤلف السيد المشهور، أن النمط الأوسط بريئ كل البراءة من تبعات الأحداث التاريخية المسيسة، حاثا على وجوب قراءة التاريخ الإسلامي.

وكرس بحثه باب التفريط لتآمر الأعداء على مقتل الخليفة الثاني ثم مقتل الخليفة الثالث.

وذكر جوانب ما تتميز به مدارس الإفراط والتفريط عن مدارس السلامة المنتمية إلى النمط الأوسط،وهنا يضع السيد المشهور جانب التحريش القائم في مرحلة الغثاء وميزته.

وتحدث المؤلف عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال وهو يصور حركته في العالم الإنساني آخر الزمان، فقال عنه : إنه يعيث هنا ويعيث هناك، ويضطر الرجل إلى أن يقيد أهله ونساءه بالحبال خوفا من لحاقهم بالدجال، وأن أكثر من يتبعه - أي يتبع دعوته ويؤمن بها - اليهود والنساء.

يرى الباحث في مسألة الحب في الله، أن المحبين لله لا يطمعون إلى الإرث وإنما حبهم يقتصر على الوارث (الشخص نفسه) وهم ما بين محبي غال، ومفرط، وما بين معتدل أو متردد.

وفي محاولة جادة من قبل المؤلف لمعرفة انعدام الوعي الشرعي في احترام الرأي المخالف كان نتيجته سوء أساليب الأطروحات بين المذاهب وتفصيل الصراع، مؤكدا إعادة قراءة النصوص الواعية للنمط الأوسط في كل مذهب ومنهج ودعوة.

ويختتم الداعية السيد أبو بكر العدني ابن علي المشهور كتابه بفصل يتحدث فيه عن تصوراته المتنوعة وبما يتسع به المجال لإثباته هنا جاعلا منها مسك الختام وهي :

تقرير الحالة السائدة واحتياج الأمة إلى إنهاضها من ألفها إلى يائها، وضرورة تقييم حالة الدعاة والرعاة، وجعل هدفنا واحدا مع غيرنا وإن كانت مساعينا متنوعة، كما أن الأمة الإسلامية بخير، وأن النمط الأوسط هو المنفذ السليم إلى الاستنفار الواعي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى