انتخابات تغيير الوجوه

> محمد عبدالله الموس:

> لن تؤدي الانتخابات المزمع إجراؤها في الربيع القادم إلى أي تحول في الأداء العام، ولا إلى الارتقاء بالممارسة الديمقراطية خطوة إلى الأعلى إذا جرت بمعزل عن ما تطرحه القوى السياسية والمنظمات الشعبية.

وربما سينتج عنها وضع أسوأ مما نحن عليه، أقلها، بسبب أنها قد تأتي بوجوه تحتاج لوقت آخر لإدراك حجم المشكلات بدلا من حصر مانعانيه، ووضع المعالجات المناسبة من قبل البرلمان الحالي، ليأتي البرلمان القادم ويشرع في التأسيس لهذه المعالجات.

مشكلتنا المزمنة تكمن في خلل الأداء العام الذي أدى بدوره إلى بروز سيل من الأخطاء، عبرت وتعبر عن نفسها في صور مختلفة، لن تحلها الخفة التي يتسم بها الوصف الرسمي لكل نتائج التعبير عن الخلل من قبيل العمالة أو الارتهان للخارج أو فاقدي المصالح، على الرغم من أن الدفاع عن المصالح حق مشروع، وغيرها من المفردات التي يتشبع بها هذا الوصف الرسمي، وهي تنم عن الإفلاس في تقديم الحلول والمخارج لمشكلات المجتمع التي لايزيدها التخوين والتكفير السياسي إلا اشتعالا.

صور الخلل التي يقر بوجودها غير طرف سياسي بما في ذلك قيادات في المؤتمر الشعبي العام من الغش والتلاعب في رغيف العيش والأدوية إلى القضية الجنوبية وما بينهما من غياب سطوة القانون في مواجهة قوة السطو إلى رك الأجهزة إلا دفاعا عن أفرادها، تحولت معها هذه الأجهزة إلى أملاك خاصة، وغير ذلك مما يستحيل - نعم يستحيل - حصره، لم تكن قدرا منزلا مثل كارثة السيول في حضرموت، أو نتيجة مؤامرة خارجية أو من مخلفات الإمامة أو الاستعمار أو التشطير، تلك الشماعات التي نعلق عليها فشلنا، وإنما هي نتيجة إدارة فاشلة بكل ماتحمله كلمة الفشل من معنى.

صحيح أن للأشخاص دورا في هذا الفشل، كما في النجاح، لكن الخلل الذي أصبح كالوباء ينخر في جسم الوطن لم يعد يجدي معه الترقيع أو تغيير الوجوه نفعا، وإنما يتطلب إجماعا وطنيا، فحاجات الوطن والناس تأتي في المقدمة بالنظر إلى باقي الحسابات.

المصلحة الوطنية تقتضي أخذ معاناة الناس على محمل الجد، كما تقتضي الممارسة الديمقراطية السماع إلى الصوت الآخر مهما كان ضئيلا، وإصلاح الآلية الانتخابية، ووضع رؤى القوى السياسية والشعبية على الطاولة يؤدي إلى التوافق الوطني الضروري للذهاب إلى انتخابات تؤدي إلى جديد، فكلنا يدرك أن الاستقواء بالوظيفة العامة والمال العام والإعلام العام يؤدي إلى تزييف إرادة الناس، ويأتي بنتيجة مشوهة قد يوظفها الحزب الحاكم للتسويق الخارجي، لكننا نعلم والحاكم يعلم أنها مجرد انتخابات تعيد إنتاج الوضع نفسه، ولن تؤدي إلى أكثر من تغيير الوجوه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى