وداعا عطاء المحروسة حسن عطا

> «الأيام» عياش علي محمد:

>
وداعا للعطاء الكبير حسن عطا، عطا جنات الحسيني، عطا رياحين الورود والزهور، عطاء الثورة والوطن والبناء، عطا الذي غنى للأرض والإنسان، عطا الذي غنى على نفسه والمسكين الذي قال:

يحسبوني الناس مرتاح

واني متهني وسالي

قل لهم من وين بارتاح

والله ما تدروا بحالي

رحل الفنان حسن عطا وترجل عن صهوة جواده التي تربع فوقها على مدى ستة عقود, ومضى في طريقه إلى آخر خطوط النهاية, ولم ينزل عن جواده إلا (مرضا) أقعده الفراش حتى مماته.

لقد زرت الفنان حسن عطا من قبل في بيته القديم المبني من الطوب (اللبن), وكان قد أصبح متصدعا بفعل الزمن, فوجدته راقدا على سريره الخشبي, وفوق رأسه آلة العود الخاصة به, وإلى جانبه (المسجلة) من طراز سوني.. فقلت له: يا أستاذ حسن، بيتك من الطراز القديم وهو آيل للسقوط. فقال: العمر بيد الله. فقلت له: أخشى عليك من هذه الوضعية ، وهذا موسم الأمطار. فرد علي: إني غدا سأرحل إلى بيت ابني جميل.

بعد ذلك رحل حسن عطا إلى منزل ابنه في الليلة التي تهدم فيها منزله ولا أدري فيما إذا قام بإنقاذ آلة العود والمسجل أم تركهما ليصبحا ذرات من التراب, فكان أن ألمت به مصيبتان, مصيبة المرض ومصيبة سقوط البيت الوحيد الذي يمتلكه.

وفي مناسبة أخرى قلت للمرحوم حسن عطا: إن هناك فكرة تشاع بأن أحد الناس الطيبين طرح على مدير عام التربية والتعليم محافظة لحج (سابقا) فكرة أن يصدر أمرا بخصم مئة ريال عن كل مدرس في المحافظة ثمنا لقيمة التذاكر والسفر والعلاج إلى الخارج, ولكنه مع الأسف أصدر قرارا فقط للمدرسين في مديرية تبن, ولم يشمل القرار بقية المدرسين في محافظة لحج, وطلبت رأيه حول ذلك.. فقال لي: اصرف النظر عن ذلك, ولما سألته لماذا؟ قال: الإحسان يأتي إليك ولا تذهب اليه. فقلت له: إن هذا قد يكون تعويضا لخدماتك التي قدمتها في ميدان التعليم, فرد علي: إن يده لم تتعود على طلب الإحسان من أحد. فمات الفنان حسن عطا من دون أن يجازى بشيء, ولكنه مات كرجل وإنسان كريم ونظيف وعفيف.

لقد رحل الصوت الجهوري العذب, رحل الصوت الذي كرمته نساء لحج- عند تكريمه قبل ثلاث سنوات- بسيل من الزعاريد التي صاحبته من منزله حتى وصوله قاعة التكريم في دار الثقافة بلحج.

لقد نال المرض من فناننا الكبير حسن عطا وأخذ منه كل شيء.

إلا شيئا واحدا لم يأخذه المرض منه ألا وهو صوته الذي بقي معه حتى آخر يوم من حياته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى